أحداث المسرحية التي أخرجها جمال قرمي عن نص اقتبسه نبيل عسلي من نصين مسرحين عالميين هما ''نزهة في جبهة'' للمسرحي والكاتب العالمي فرناندو أرابيل والتي تدور أحداث قصتها عن زوجين يقومان بنزهة لجبهة القتال لزيارة ابنهما المجند في الحرب، والنص الثاني لسيناريو فيلم الغضب للكاتب أوجين يونيسكو، والتي جمعت على المنصة لإنتاج مسرحية عالجت بحد ذاتها ثلاث قصص تتداخل فيما بينها في أخبار الحرب والحب التي تجمعها، لكن في نفس الوقت هي بعيدة كلية في الزمان والمكان، وقد جسدت المسرحية على الركح من خلال تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء لعبت فيها كل قصة على حدى في مسرحية عبثية نجحت لحد كبير في تجسيد الفكرة، فالجزء الأول من الركح رسم قصة الزوجين الشابين اللذين تبدو حياتهما متناغمة ويملأها الحب من خلال تبادل الهدايا وكلمات الحب، إلى أن يجد الزوج ذبابة في صحنه لتبدأ المشاكل ويكتشف الجمهور حقيقة زواجهما التي بدأت بالمصلحة، فالمرأة تزوجت الرجل بسبب ثقافته الواسعة وتعليمه، والرجل تزوج المرأة الشابة فقط من أجل أموال والدها التي يبدو أنه تحصل عليها من بيع المخدرات. من جانب آخر، دارت وفي الجزء الثاني من الركح قصة جنديين في جبهة حرب (مخنث وأبله) يجدان نفسيهما في جبهة قتال دون أن يعرف أي واحد منهما لماذا يحارب ومن بالضبط، أين تتداخل أحاسيس الشجاعة والعنف والنذالة والخوف وغيرها، في حين كان الجزء الخلفي من الركح مخصصا لإعلامية لا تنقل إلا أخبار الحرب والدمار، والتي تكون دائما في حالة تأهب للبحث عن الإثارة والسبق· من الجانب التقني، كانت السينوغرافيا التي أنجزها مبروك بدري بسيطة ومعبرة، واقتصر الديكور على صناديق هدايا جميلة من جانب الزوجين ومحترقة ومتسخة من جانب الحرب، أما عن اللغة المسرحية فرغم كونها بالعامية إلا أن نصها حمل دلالات كثيرة مليئة بالتناقضات من خلال مشهد الزوجين اللذين يحاول كل واحد منهما إرضاء الآخر بالماديات، الحرب التي لا تعترف بأي شيء وتجنيدها لكل من يستطيع حمل السلاح بدون معرفة الأسباب ولا المطلوب فعله. للتذكير، فقد مثّل في المسرحية مجموعة من الشباب تخرّج معظمهم من معهد الفنون الدرامية أمثال: نبيل عسلي، ياسمين عبد المومن، عديلة بن دمراد، عديلة سوالم وكذا كل من وسيلة عريج وعيسى شواط ومحمد بن داود وخليل عون وجعفر بن حليلو.