يدخل اليوم الصديق الشاعر والإعلامي عادل صياد، يومه الثالث من إضرابه المفتوح عن الحياة، وذلك باعتصامه في دار الصحافة الطاهر جاووت·· وعادل صياد من الأصوات الشعرية الجزائرية المنتمية لجيل اليتم، كما يسميهم الناقد الدكتور أحمد يوسف·· إضافة إلى ذلك فعادل إعلامي في المجال السمعي عرف كصحافي بالإذاعة الجزائرية ثم مديرا لعدد من الإذاعات الجهوية كالوادي وسوق أهراس والإشراف على مشروع إذاعة الطارف·· وقد أصدر عادل صياد عددا من المجاميع الشعرية وضعت اسمه في قائمة أهم الأصوات الشعرية الجديدة والمجددة في الجزائر·· وكانت آخر قصائده (أنا لست بخير) وهي مطولة صدرت قبل أيام في كتاب عن منشورات البيت·· كانت هذه القصيدة برأي متذوقي الشعر من أهم ما كتب في الشعر بالجزائر خلال السنوات الأخيرة·· وهي قصيدة احتجاجية ومتمردة على الوضع العام بلغة حادة وشعرية·· عادل المنحدر من مدينة تبسة متزوج وأب لولدين وبنت·· كان قد تعرّض أثناء إشرافه على مشروع إذاعة ولاية الطارف إلى حملة وظلم من والي الطارف المخلوع في حركة الولاة الأخيرة مما تسبب في عزله من منصبه وتحوّله إلى مجرد صحفي بإذاعة عنابة·· وقد كان عادل صياد قام في الفترة الأخيرة نظرا لحالة اليأس والإحباط التي أصابته بإقامة جنازة رمزية لكل كتاباته التي قام بدفنها في البيت العائلي بتبسة، وذلك بحضور ثلة من الأصدقاء·· وهي الجنازة الرمزية التي لاقت صدى في مختلف وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية وكذا على الشبكة العنكبوتية· كنت قبل شهر مع عادل في عنابة·· وقد كان فعلا يائسا ومتذمرا من الوضع·· فهو الآن يكتري غرفة صغيرة في عمارة قديمة غير بعيد عن بلاص دارم بعيدا عن أسرته الصغيرة المتواجدة بتبسة، وخلال محاوراتنا الطويلة كان يبدو لي أنه وصل مرحلة متقدمة من اليأس والإحباط وأنه يفكر في حلول انتحارية لمحاولة تغيير الوضع ولو قيد أنملة·· حتى جاء إضرابه قبل ثلاثة أيام عن الحياة كلها التي يئس منها ومن ظلم الوالي الذي تم خلعه من منصبه دون أن يلتفت أحد إلى ضحاياه الذين تسبب لهم في الأذى· عادل صياد، الشاعر والكاتب والإنسان، مضرب عن الحياة كحق مشروع لاسترداد جزء من حياته التي حُرم منها بفعل أنانيات وأمراض مسؤولين ثبت فشلهم الذريع في تسيير الشأن العام وثبت أيضا أن ما يتقنونه هو ظلم الشرفاء وإلحاق الأذى بالذين يعرفون أحسن منهم·· قد يفسر البعض هذا الحدث آلاف التفسيرات، لكن يبقى أنه ظاهرة صحية في ظل حالة الخنوع والخمول والكساد الرمزي لكل شيء في هذه البلاد·· شاعر يضرب عن الحياة في بلاد شعارها العزة والكرامة··