أغرب ما في الواقع التعيس الذي تعيشه الطبقة المثقفة في الجزائر، هو ذلك الذي عبر عنه الشاعر عادل صياد، نهاية الأسبوع، بحفره لقبر بمسقط رأسه بتبسة ليدفن فيه جميع الأشعار التي كتبها منذ نعومة أظافره. دعا الشاعر عادل صياد، العديد من الشعراء والأصدقاء، إلى بيته الكائن بولاية تبسة، ليوقع ''موته''، موته أدبيا وشعريا، ووضع عادل أشعاره أمام الجميع في رؤية أخيرة لها، في وضع يشبه وضع الميت لما يوضع ليلقي الناس النظرة الأخيرة عليه. وحفر عادل صياد قبرا لا يختلف عن قبر الميت بمقبرة تقع بالقرب من بيته العائلي وزينه بالأحجار والورد ووضع بداخله كامل أشعاره وغطاه بالتراب تماما كما يقبر الميت، ووقف حزينا أمامه برفقة العديد من أصدقائه الشعراء الذين لبوا دعوة ''الجنازة'' الشعرية وحزنوا معه، حيث كان يتقدمهم الشاعر بوزيد حرز الله. ويعتبر ما أقدم عليه الشاعر عادل صياد الذي طرد العام الماضي من منصبه كمدير لإذاعة الطارف المحلية، سابقة في تعامل المثقفين الجزائريين مع الواقع التعيس الذي يعيشونه. وكان صياد انتقد في حوار صحفي له، الواقع المر الذي يعيشه المثقف الجزائري تحت أقدام بعض المسؤولين، في ظل استفحال ظاهرة الفساد والاستقالة السياسية الجماعية. وفضل عادل صياد انتهاج هذا السلوك، كرسالة منه إلى السلطات التي تخلت حسبه عن المبدعين والمثقفين، ومن جهة أخرى رسالة إلى زملائه، بضرورة تغيير الواقع، فيما أعلن هو التوقف عن كتابة الشعر مدى الحياة كبديل عن الانتحار. وقبل الشاعر صياد، كان الشاعر عبد الرزاق بوكبة دخل في إضراب عن الطعام الشهر الفارط أمام دار الصحافة ''طاهر جاووت'' بأول ماي، احتجاجا على طرده من التلفزيون، غير أن الإدارة سوت وضعيته إلى حين.