في اليوم العاشر من ذي الحجة من كل عام يستقبل المسلمون عيدهم الأكبر؛ يوافيهم فجره وتشرق لهم شمسه؛ وهو العيد المعروف باسم عيد الأضحى أو عيد التضحية والعيد الكبير وهو اليوم الذي سماه الله عز وجل في كتابه الكريم يوم الحج الأكبر؛ هذا العيد الذي جعله الله عبادة وذكرى وشكر وتضحية؛ نسترجع من خلاله صدق إيمان خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام بل وصدق إيمان الطفل إسماعيل والأم هاجر عليهما السلام· ليكون كل صنف منا كبيرا وصغيرا؛ ذكرا وأنثى موقن بالله مسلم ومطيع لأمر الله جل جلاله· ويكون هذا العيد شكرا لله على نعمه العديدة والبراءة من الشرك والمشركين؛ وإتمام مناسك الحج واتباع سنة سيد الخلق أجمعين محمد (صلى الله عليه وسلم)· وأن هذه الأضاحي قربانا نتقرب بها إلى الله ونستشعر كأننا نقدم فلذات أكبادنا قربانا لربنا كما كان سيفعل سيدنا إبراهيم بفلذة كبده إسماعيل· إذن، علينا أن نقدم أحسن الأضاحي وأسمنها وأجملها وأعظمها لننال تقوى الله ''لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم''، ولكن -للأسف- الكثير من المسلمين اليوم لا يضحون وإذا ضحوا لم يضحوا لله خالصا بل ضحوا من أجل الأولاد ومن أجل التباهي والتفاخر أمام الجيران أو من أجل اللحم ولم يتنبهوا إلى معاني العيد التي قصدها الإسلام أو أصبحت الأضاحي للأكل فقط لا للتقرب إلى الله؛ وأصبحت بحكم التوارث والتقليد والعادة، وبذلك لم يكن هذا العيد لهم في الخلق تقويم ولا في نفوسهم تهذيب ''فصل لربك وانحر''؛ ومن هنا لم تمنعهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر؛ وكثير من الصائمين لم يغرس الصوم فيهم خلقي المراقبة والتقوى؛ وكثيرا من المنفقين لم يطبعهم إنفاقهم على خلقي الجود والكرم؛ وكثيرا من الحجاج لم يحفظهم حجهم من اللغو والرفث؛ وليس من شك في أن الإنحراف عن لب شرائع وشعائر الإسلام والغفلة عن روحهما هو الذي جعل المسلمين في تخلف وخوف وذل وخسران؛ وفرقة وشقاق؛ بل احتلال واغتصاب بدءا من الفرد إلى المجتمع إلى الأمة، وما فلسطين والعراق والصومال والسودان وكشمير وباكستان واليمن والشيشان وحتى المغرب والصحراء عنا ببعيد· وليعلم الجميع أن عزنا في ديننا ونصرنا من ربنا ''إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم'' ونصر الله يكون باتباع ما أمر واجتناب ما نهى ويكون التقرب إلى الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم بالصلاة والزكاة والصيام والإخلاص والحج والأضاحي وكل هذا هو الإقتداء والإعتبار بأنبياء الله من بذل المهج والمال في طاعة الله وقوة التصبر وإظهار شعائر الإسلام من صلاة وتضحية وغيرهما مما فيه من إعلاء كلمة الله تعالى· والعيد هو التشبه بالحجاج برميهم الشيطان وحلقهم وتقديمهم الهدي، فكذلك جميع المسلمين في أصقاع العالم يكبرون الله يوم العيد وأيام التشريق وينحرون الأضاحي، قال حبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم): ''أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى'' ويتذكرون إخوانهم بالدعاء والصدقة والتزاور والتصدق من الأضاحي على الفقراء والمحتاجين؛ والتودد إلى الأصدقاء والأحباب والجيران بالهدية من لحوم الأضاحي· إذن، أيها المسلمون هذا هو العيد في الإسلام، ذكر وصلاة وأضاحي وعفو وتسامح وتواصل وتناصح وتكافل؛ عيد يقربنا إلى الله؛ يقربنا إلى الخير يقربنا إلى بعضنا البعض ويوحدنا· العيد يبعدنا عن الشيطان؛ يبعدنا عن الشر؛ يبعدنا عن الشقاق والفرقة· ليس العيد لمن لبس الجديد وأكل اللحم اللذيذ؛ إنما العيد لمن تقواه تزيد؛ وربه رضي عليه· فاللهم وحد كلمة المسلمين في هذا العيد وردنا جميعا ردا جميلا لهذا الدين؛ اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين وانصرنا على القوم الكافرين اللهم آمين· وعيدكم مبارك وسعيد وغفر الله لنا ولكم وتقبل منا ومنكم وأعاده علينا بالخير العميم آمين· وبهذه المناسبة، يسرني أن أتقدم لكم بأحر التهاني وأطيب الأماني، راجيا من الله العلي القدير أن يعيده علينا وعلى أمتنا الإسلامية بالأمن والإيمان والسعادة والهناء والوحدة والإخاء· لمن كان له قلب الأعمال التي ثوابها غفران الذنوب و دخول الجنة لمَّا كان ثواب الحج دخول الجنة وغفران الذنوب؛ ففي الحديث: ''الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ'' (متفق عليه)، وفي آخر: ''مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ'' (متفق عليه)، فإننا نرجوا أن تكون الأعمال التي ورد في فضلها أنها تكفر الذنوب، أو تدخل العبد الجنة أن تكون كالحج، فمن هذه الأعمال: 1 - تغسيل الميت والستر عليه؛ ففي الحديث: ''مَنْ غَسَّلَ مُسْلِمًا فَكَتَمَ عَلَيْهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، وَمَنْ حَفَرَ لَهُ فَأَجَنَّهُ أُجْرِىَ عَلَيْهِ كَأَجْرِ مَسْكَنٍ أَسْكَنَهُ إِيَّاهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَفَنَّهُ كَسَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سُنْدُسِ وَإِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ'' (رواه الحاكم والبيهقي والطبراني)، قال العلماء: معنى ''غَفَرَ اللَّهُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً'': أي: بمرة تغفر الذنوب، ويأخذ من الحسنات ما يعادل تسعة وثلاثين مرة· والمقصود من الستر على الميت؛ أي: لو كان الميت مشهورًا بين الناس بصلاح الحال أو كان مستور الحال وبدا عليه علامات سوء الخاتمة؛ فيستر عليه، وأما من كان مشهورًا بسوء الحال فإظهار ما بدا عليه أولى؛ لزجر الناس عن مثل فعله· 2 - أن يبكي العبد من خشية الله أو يحرس المسلمين ليلاً؛ ففي الحديث: ''عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ'' (رواه الترمذي، وصححه الألباني)· 3 - أن يقول في يومه أو في ليلته أو في شهره: لا إله إلا الله، والله أكبر، لا إله إلا الله وحده، لا إلا الله لا شريك له، لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ ففي الحديث: ''من قال هذا في يوم أو في ليلة أو في شهر فمات في ذلك اليوم أو في تلك الليلة أو في ذلك الشهر غفر له ذنبه'' (رواه النسائي)، وهو أرجى حديث أعلمه، إذ مغفرة الذنوب تقتضي عدم دخوله النار أصلاً بعكس ما لو قال: ''دخل الجنة'' فربما دخل النار، ثم دخل الجنة· 4 - إسباغ الوضوء مع قول الذكر الوارد بعده؛ ففي الحديث: ''مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ -أَوْ فَيُسْبِغُ- الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ'' (رواه مسلم)· 5 - إسباغ الوضوء ثم صلاة ركعتين بخشوع بعده؛ ففي الحديث: ''مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلاَّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ'' (رواه مسلم)، وفي رواية: ''مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يَسْهُو فِيهِمَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ'' (رواه أبو داود)· 6 - ترديد الأذان خلف المؤذن مع التدبر لما يقول؛ ففي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ بِلالٌ يُنَادِي، فَلَمَّا سَكَتَ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ''مَنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا يَقِينًا دَخَلَ الْجَنَّةَ'' (رواه النسائي في الكبرى وابن حبان، وصححه الألباني)· 7 - التأذين ثنتي عشرة سنة؛ ففي الحديث: ''مَنْ أَذَّنَ اثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَةً وَلِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلاَثُونَ حَسَنَةً'' (رواه ابن ماجه والدراقطني)· أوائل وأرقام عدد عضلات جسم الإنسان 639 عضلة مختلفة وأن أقوى هذه العضلات هي العضلة الماضغة بين الفكين وليس عضلة الساعد كما يعتقد، وأن أكبر هذه العضلات هي عضلة الفخذ· إن من الشعر لحكمة ولم أرَ في الأعداء حين اختبرتهم عدوّاً لعقل المرءِ أعدى من الغضبْ ليست الأحلامُ في حالِ الرضا إنّما الأحلامُ في حال الغضبْ إذا كنت مختصّاً لنفسك صاحباً فمِن قبل أن تلقاه بالودّ أغضبْهُ فإن كان في حال القطيعةِ منصفاً وإلا فقد جرّبتَه فتجنّبْهُ الله قريب مجيب ''اللهم يا أرحم الراحمين، ويا رب العالمين، لا تجعل هذا آخر عهدنا من هذا الموقف، وارزقنا ما أحييتنا، وردنا إلى أهلينا سالمين، واغفر لنا وارحمنا وارزقنا وتجاوز عنا، وارحم واغفر لعامة المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، وصل اللهم وسلم على عبدك ونبيك ورسولك سيدنا محمد وآله وصحبه وأزواجه، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد'' آمين يا قريب يا قرآننا شفاؤنا قال حبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم): ''ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقكم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى'' (رواه مسلم)· السنة منهاجنا قال الله تعالى: ''وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ''.