لقد أنعم الله على هذه الأمة بعيدين عظيمين، يجدد فيهما المسلمون الإيمان، ويُجددون فيهما التقوى، ويجددون فيهما اللقيا والمؤاخاة، ويلتقون فيهما على الذكر والعبادة والتسبيح والتحميد، ويُعظمون الله ويشكروه على فضله، ويؤدون الواجبات ويُضاعفون من القربات، ويُظهرون نعم الله ويتحدثون بها، وينشطون على الخير وإغاثة الملهوف، ويتصافوْن ويتسامحون ويقولون الكلمة الطيبة التي ترضي الخالق والمخلوقين، ويتقاربون ويتراحمون ويكونون كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوصففي العيدينِ فرصةٌ مناسبة لتجديد اللقاءات العائليةِ، وحلِّ الخلافاتِ الأسريةِ، وإصلاحِ ذاتِ البين؛ وطي صفحات الماضي وتجديد الروابط المتشنجة ودعم وتواصل الأجيال والأرحام، إذ العيدُ زمنُ التسامي عنْ الحقدِ والتحررِ منْ الأنانيةِ وتجاوزِ المصالحِ الفردية؛ فالحمدُ لله الذي شرعَ أعيادَنا موسماً للرحمةِ والتآلف.والعيدُ يومٌ جديدٌ تشرقُ شمسُه الجميلةِ على بلادِ المسلمينَ وقدْ تجدَّدَ النَّاسُ في ملابسِهم وعاداتِهم وكلامهم، بلْ وفي نفوسِهم التي خرجتْ منْ أوزارِها ترجو الفوزَ والرضوانَ، وفي أرواحهِم المتعلقةِ بنفحاتِ اللهِ في الموسمِ المنصرم؛ وما أجملَ أنْ يدخلَ العيدُ على المسلمِ وقد اقتبسَ جذوةً من بركاتِ رمضانَ أو عشرِ ذي الحجةِ، فغدا إنساناً جديداً في تعاملِه مع ربهِ ومع نفسهِ ومع أهلِه ومجتمعِه وزملائه، وما أرقَّ مَن جعلَ العيدَ يوماً لتجديدِ علاقتِه بزوجتِه ومؤانسةِ بنيهِ والتوسعةِ عليهم بالمعروفِ، وتفقد إخوانه وأرحامه والإفضال عليهم، ومسامحةِ زملائِه وعماله، وسائر أفراد مجتمعِه الصغيرِ والكبير، كما أن العيد فرصة لتجديد المودة بين الرجل وزوجه، وهو فرصة سانحة لبعث معاني الزوجية الجميلة والعشرة الكريمة خاصة إن كان ثم جفوة أو انقطاع، فالحمدُ لله الذي جعل منْ العيدِ يوماً للتجديدِ والتسامي.فالعيد وسيلة لتواصل الأقارب والأصدقاء ومناسبة وجيهة لاجتماع العوائل وتصافي النفوس وإزالة ما علق بها من غبار الدنيا؛ وهو فرصة عظيمة ليتوافق مكنون القلب مع ما يظهر على المُحيا من ابتسامة وصفاء، كما أن العيد طريق لإسعاد الأطفال الذين لا يحلو عيد بدونهم، فهُم من أجمل معاني العيد لأن حياتهم كلها عيد وفرح وسلامة صدر، فإذا جاء عيد الناس فهو لهؤلاء الأطهار عيدان لا عيد واحد، وليس أغلظ من ولي أمرٍ لا يُشيع السرور في نفوس صغاره إبان هذا الموسم البهيج؛ ولا أقسى من أبٍ لا يعرف عن أطفاله شيئاً حتى في العيد.