''مارين لوبان''، هذه البنت من ذاك الأب· لم تتعب نفسها كثيرا في البحث عن موضوع تقيم على أساسه حملتها الانتخابية سعيا إلى خلافة والدها، جون ماري لوبان، على رأس الجبهة الوطنية العنصرية، ولفت أنظار الرأي العام والطبقة السياسية في فرنسا· الموضوع ''مطبوخ'' ولا يحتاج الأمر سوى إلى تسخينه· الموضوع هو التهجم على الإسلام والمسلمين· قالت: إن ما يفعله المسلمون، وهم يؤدون صلاة الجمعة في بعض شوارع المدن الفرنسية، شبيه بالاحتلال الذي تعرضت له باريس أثناء الحرب العالمية الثانية من قبل النازيين''· واحتلال الشوارع عندها لا يحيل إلى قلة دور العبادة الإسلامية على الأراضي باعتراف السلطات الفرنسية، إنما يعكس عندا إرادة الإسلاميين تطبيق الشريعة في بلاد اللائكية· وبطبيعة الحال، قام اليمين، من هنا، واليسار من هناك يستنكر شناعة هذا الكلام، وخطورة هذا الطرح على مبادئ الجمهورية التي هي من جنس الثورة الفرنسية: لا تمييز بين الفرنسيين في الجنس أو اللون ولا الدين· وإذا كان السياسيون ومحللو الصحافة يجمعون على أن مارين لوبان تعكس بالضبط روح والدها وأفكاره ومنهجه السياسي، وتعكس عنصريته اتجاه العرب والمسلمين، فإنهم ينسون أن الظروف التي خلقتها السياسة الساركوزية هي التي أعادت بعث الدم العنصري في عروق هذه المرأة· فقد فعل الرئيس الفرنسي وحكومته المستحيل من أجل تعبئة الرأي العام إلى الحرب على المهاجرين· وليست عودة ماري لوبان إلى التنطع العنصري سوى إحدى ثمارات سياسة الهجرة كما رسمها ساركوزي، وما يتبعها من نقاش عن الجنسية والهوية الوطنية·· كل ذلك في اتجاه الفلسفة اللوبانية· ولا يجب أن ننسى أبدا أن الوزير الذي أدار هذه الحرب إنما هو رجل من اليسار· ولكن حقيقة الرعب الذي يسكن الأحزاب التقليدية الكبرى، وبخاصة طرفي الرهان في كل العمليات الانتخابية: الحزب الاشتراكي وحزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الحاكم· ففي حمأة النقاش الدائر عن الانتخابات الرئاسية لسنة .2012 من يترشح ومن لا يترشح، من يفوز ومن لا يفوز، نزلت على الجميع نتائج تحقيقات سبر الآراء، نزول الصاعقة، وأنزلت ماري لوبان منزلة المنافس الجدي والحقيقي والخطير، ب 27 في المائة· وإذا كان من المنطقي أن يتوقف اليسار عند حدود التنديد بمواقف الجبهة الوطنية، برواية مارين، فإن من أوائل نقاط النقاش التي طرحها حزب ساركوزي، ولكن في قالب النفي الذي يشير إلى نوع من الرغبة: قال من قال: من المستحيل أن يلجأ الحزب الحاكم إلى أي نوع من أنواع التحالف مع الجبهة الوطنية· ومن المستحيل أن يكون النفي قد سبق فكرة التحالف، التي لا بد وأن تكون قد دارت برأس بعضهم أو كلهم· ونحن على يقين من أن ساركوزي لا يتورع لحظة واحدة، من أجل عهدة ثانية، عن التحالف، ليس فقط مع لوبان ولكن مع الشيطان إذا اقتضى الأمر·· إن في السر أو في العلن·· سيان··