أبانت أولى موجات البرد لهذا الشتاء عدم استعداد السلطات المحلية لمواجهة أية تقلبات مناخية، فما بالك بالكوارث الطبيعية، خاصة إذا علمنا أن درجات الحرارة لم تنخفض بشكل كبير والثلوج لم تصل المستويات التي وصلتها، منذ 5 سنوات (شتاء 2005 الذي اعتبر أحد أقسى الشتاءات التي مرت على الجزائريين)· ويذكر المواطنون يومها أنه تم إقرار تزويد البلديات بالوسائل الكفيلة بمواجهة شتاء قاس وعدم تكرار سيناريو عزل مواطنين في قراهم وفي الطرقات، بما قد يعرض حياتهم للخطر· إلا أنه يبدو أن السيناريو، رغم أن الوسائل وفرت، سيتكرر مرة أخرى· وعوض أن تكشف كاسحات الثلج عن الطريق التي أغلقتها الثلوج، سيكشف الثلج عورات المسؤولين· الثلوج تغلق العديد من الطرقات وتعزل قرى بمنطقة القبائل شهدت منطقة القبائل في اليومين الأخيرين موجة برد شديدة وتساقط ثلوج كثيفة تسببت في قطع العديد من الطرقات الوطنية والولائية والبلدية وتعطل حركة المرور بالعديد من المناطق بتيزي وزو، البويرة وبجاية، فيما خلفت خسائر مادية وبشرية معتبرة، فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي الذي عمق معاناة السكان· مجيد خطار فبولاية تيزي وزو، وإلى غاية أمس، لا تزال معظم الطرق مغلقة على مستوى 25 بلدية، على غرار الطريقين الوطنيين رقم 30 ورقم 15 الرابطين بين تيزي وزو والبويرة في أعالي ثيزي نكولال ببلدية تسافت بمنطقة إبوذراران (على ارتفاع 2000 متر)· نفس الأمر سجل في فج ثيرورذة بمنطقة إليلتان بإفرحونان (على ارتفاع 1962 متر)· وشلت حركة المرور بالطريق الوطني رقم 12 الرابط بين تيزي وزو وبجاية على مستوى قرية ثاغمة التابعة لبلدية زكري، كما أغلق نفس الطريق على مستوى منطقة إيعكوران وأدكار، ونفس الأمر سجل بالطريق الولائي رقم 253 الرابط بين الطريق الوطني رقم 15 ومنطقتي أبي يوسف وإليلتان على مستوى فج شلاطة المؤدي إلى بجاية· كما سجل غلق الطريق الولائي رقم 8 الرابط بين الطريق الوطني رقم 12 وبلدية زكري على مستوى المخرج الغربي لبلدية زكري والطريق الولائي رقم 9 الرابط بين مدينة إيلولة أومالو وشلاطة على مستوى قرية إمزغان التابعة لبلدية إيلولة أومالو· فيما تم غلق الطريق الولائي رقم 251 الرابط بين بوزقان وإيغر مهدي على مستوى قمة شريعة، وكانت ولاية البويرة بين أهم الولايات تضررا، حيث تسبب تساقط الثلوج على قطع الطريق الوطني الرابط بين بلديتي بئر أغبالو وعين العلوي، وكذا الطريق الوطني الرابط بين البويرة وتيزي وزو على مستوى تيكجدة بلدية الأصنام، وقطعت الثلوج الطريق الوطني الرابط بين البويرة والمسيلة على مستوى الخرط بلدية سور الغزلان· وفي نفس الولاية تسبب تساقط الثلوج في قطع الطريق الولائي بين بلديتي البويرة وسور الغزلان والطريق الولائي الرابط بين سور الغزلان والدشمية والطريق الرابط بين بلدية الدشمية وريدان وبين بلديتي تاقديت وسيدي عيسى التابعة لولاية المسيلة. أما في بجاية، فقد تسبب تساقط الثلوج في قطع الطريق الوطني الرابط بين الولاية وولاية تيزي وزو على مستوى أفولاذ، بلدية أدكار وأيضا على مستوى الممر الجبلي لشلاطة· وفي نفس الولاية، تم قطع الطريق الولائي الرابط بين شلاطة وأوزلاقن والطريق الولائي الرابط بلديتي إيغرام وآث مليكش والطريق الولائي الرابط بين بلديتي إيغيل علي وبرج بوعريريج والطريق الرابط بين بلديتي بن جليل وفراوح وبني موحية المؤدية إلى ولاية سطيف، حيث تم غلق الطريق الوطني رقم 75 الرابط بين بجايةوسطيف، نفس الشيء تم تسجيله في منطقة آث معوش، كما تسببت الثلوج في عزل العديد من القرى الواقعة في مناطق مرتفعة على غرار قرى كل من قنديرة، ذراع القايد، برباشة ودرقينة· الثلوج تحتجز المسافرين بأدكار وشلاطة والطلبة يعودون إلى الإقامات الجامعية واحتجز، أمس، العديد من المسافرين بين ولايتي بجاية وتيزي وزو، على مستوى منطقة أدكار، على الطريق الوطني رقم ,12 بسبب انقطاع الطريق واستحالة مرور المركبات والحافلات، بعد أن بلغ سمك الثلوج بالمنطقة 60 سنتمترا· نفس الأمر سجل على مستوى قمة شلاطة، حيث عاش العشرات من المسافرين وضعا قاسيا، بعدما قرر سائقو الحافلات والمركبات وشاحنات نقل البضائع التوقف وعدم المغامرة بالسير، فيما اضطرت العشرات من المركبات للعودة من حيث قدموا· وتعتبر فئة الطلبة الأكثر تضررا من هذه الوضعية، علما أن تساقط الثلوج تزامنت مع اليوم الأخير من الفصل الأول الدراسي وعيد عاشوراء، واضطر العديد منهم للعودة إلى الإقامات الجامعية بتيزي وزو وبجاية في انتظار فتح الطريق· تسجيل خسائر مادية معتبرة وإجلاء العديد من العائلات هذا، وأدى التساقط المستمر للثلوج بمنطقة القبائل إلى تسجيل خسائر مادية وبشرية معتبرة، حيث سقطت ثلاثة منازل ببلدية عين الحمام بتيزي وزو، خلفت 3 جرحى، ونفس الشيء ببلدية زكري، حيث سجلت إصابة 4 أشخاص من عائلة واحدة إثر سقوط سقف منزلهم، بسبب كميات الثلوج التي تراكمت عليه· كما انحرفت مركبة ببلدية آث يني خلفت جرح 3 أشخاص· وبولاية البويرة سجلت 9 إصابات، 5 منها من عائلة واحدة، إثر حوادث مرور تسببت فيها الطرق الزلجة بمنطقة آث منصور على الطريق الوطني رقم 05 الذي أغلق تماما في عدة مستويات بسبب تراكم الثلوج، بينما بقي الجزء المفتوح منه زلجا بسبب البرد والجليد، كما أجليت أربع عائلات من إحدى قرى بلدية تاقديت، بعدما سقطت على سقفها أغصان الأشجار· وفي ولاية بجاية علمنا من مصادر محلية أن الحماية المدنية تدخلت لإنقاذ العديد من المنكوبين بمنطقة كنديرة بعدما انحرفت حافلة وتسببت في إصابة 6 أشخاص، كما أنقذ أعوان الحماية المدنية عائلتين ببلدية بني كسيلة تعرضت منازلها للانجراف· الثلج يعزل العديد من القرى ويتسبب في انقطاع الكهرباء في معظم مناطق القبائل وبلغت الثلوج التي تساقطت في منطقة القبائل بين 40 سنتيمترا إلى 60 سنتميترا في العديد من المناطق الجبلية على غرار منطقة أدكار وشلاطة، وأدت إلى عزل العشرات من القرى بسبب غلق الطرقات وشلل حركة المرور، وكان للجو تأثير ظاهر، مرة أخرى، على شبكة الكهرباء، حيث أدت الثلوج المتراكمة إلى قطع الكهرباء في مختلف المناطق، على غرار كل بلديات عين الحمام، وبلديات بوغني وواضية، ونفس الشيء سجل بقرى ذراع الميزان وعين الحمام وبني دوالة· وعاشت عدة قرى ظلاما دامسا استمر إلى غاية كتابة هذه الأسطر، بسبب سقوط أسلاك الكهرباء من ثقل الثلوج والرياح القوية· أميار منطقة القبائل يعجزون عن تسيير كوارث الثلج عجزت خلال اليومين الأخيرين، السلطات البلدية ومصالح الأشغال العمومية عن فتح الطرقات الوطنية التي أغلقتها الثلوج، بالرغم من أن كميات الثلوج لم تكن كبيرة مقارنة بما شهدته منطقة القبائل في السنوات السابقة· ويعتبر شهر فيفري لسنة ,2005 هو آخر سنة شهدت فيها منطقة القبائل ثلوجا كثيفة دامت لأكثر من شهر، وخلفت خسائر مادية وبشرية معتبرة· ونظرا لقتامة النتائج والهلاك الذي أصاب سكان المنطقة آنذاك، لم تتوان وزارة الداخلية في التدخل العاجل، وقامت باتخاذ قرار حكومي وصف بالجدي، يتمثل في تدعيم كل بلديات منطقة القبائل التي يزيد ارتفاعها عن 1000 متر، بتجهيزات الأشغال العمومية على غرار كاسحات الثلج وجرارات وجرافات، بما في ذلك صهاريج خاصة· وفعلا تجسد هذا القرار على أرض الواقع واستفادت كل البلديات المعنية من هذه التجهيزات، وكان السكان يعتقدون أن مواجهة مثل هذه الأزمات الطبيعية ستكون أكثر سهولة، لكن الواقع أثبت العكس· فرغم أن سقوط الثلج خلال هذه الأيام كان في شهر ديسمبر بكميات ليست بالخطيرة، إلا أن ''الأميار'' عجزوا عن التكفل بالطرقات الوطنية والولائية· أما الطرقات البلدية والثانوية فحدث ولا حرج، إذ لم يستطع المسؤولون المحليون حتى فتح الطريق الوطني الرئيسي رقم 12 الرابط بين تيزي وزو وبجاية، بالمكان المسمى ''أدكار''، ولا حتى فتح طريق شلاطة الذي بلغ سمك الثلج فيه 45 سنتيمتر· ويبقى المواطنون يتساءلون عن الأخطار التي تنتظرهم خلال الأيام القادمة، علما أن الثلوج تكسو بكثرة وبقوة أخطر منطقة القبائل في شهر فيفري·