المشهد المصري يسير نحو انزلاق خطير، بعد المشادات بين المساندين والمعارضين لمبارك، هناك من يرى أن الأمر في طريقه إلى الحرب الأهلية، ما تعليقك؟ هذا غير صحيح، النظام يسعى لتصوير الأمر على أنه صراع بين مصريين مساندين وآخرين معارضين لنظام مبارك، وهو أمر غير صحيح إطلاقا، فما نشهده اليوم مشادات بين مصريين تواقين للديمقراطية والتغيير وبين مجموعة من الخارجين عن القانون الذين سخرهم نظام مبارك ضد الشعب، الصراع ليس بين الشعب وإنما بين الشعب والنظام· صحيح أن الكثيرين لم يتوقعوا أن يتجه الأمر نحو هذا التعفن، غير أن مثل هذه الممارسات الدنيئة تزيد من عزم المصريين على الإطاحة بمبارك، بل ومحاسبته على كل ما اقترفه خلال هذه الأزمة التي راح ضحيتها أكثر من 300 شهيد وما قام به على مدار ثلاثة عقود من الزمن، ما يحدث الآن في مصر يفوق كل التكهنات الأكثر سوداوية، وحان الوقت للجميع أن يدرك أنه الوجه الحقيقي لنظام مبارك والحزب الحاكم الذي جند مجرمين من أجل الوقوف في وجه المواطنين الشرفاء المتظاهرين سلميا من أجل تحقيق التغيير الذي طالما انتظرناه· يبدو أن خطاب الرئيس زاد الطينة بلة، قيادات المعارضة والمتظاهرين يؤكدون عدم رغبتهم في التحاور إلى حين رحيل مبارك، ما يضع البلاد في طريق مسدود؟ مبارك اختار أن يسلك هذا الطريق المسدود من خلال إصراره على عدم سماع صوت الشارع، بالأمس خرج أكثر من 4 ملايين مصري في المدن المصرية الكبرى لوحدها، كلهم على لسان وكلمة واحدة ''لا بد أن يرحل''، ما الذي يرغب فيه أكثر من أجل الاستماع لصوت الشعب، ألم تكفيه أربعين سنة، ما يزال في تلك الخطابات العاطفية التي تهدف لربح الوقت أكثر من أي شيء آخر، يعتقد أن الحكومة التي عينها كافية لوقف المظاهرات، لا بد أن يفهم أن الشعب طال صبره ثلاثون سنة ولا يمكن أن يتخلى عن مطالبه إلا بتنحيه عن الحكم هو وكل رموز نظامه البائس، أي تراجع عن هذه المطالب يعد فشلا للثورة المصرية· كل ما نطلبه أن نحقق التغيير الذي خرجنا من أجله، كيف لنا أن نكف عن الاعتصامات والمظاهرات وهو باقٍ وكل رموز الفساد والقمع في مناصب السلطة، لا يمكن أن تذهب أرواح المصريين ودمهم مقابل لا شيء· اليوم يطالبنا بالهدوء والعودة للديار والتحاور من أجل تجسيد الإصلاحات، لماذا لم يبادر بها كل الفترة الماضية· كيف يكون المخرج من هذه الأزمة التي دخلتها مصر، والتي يبدو أنها تزداد تعقيدا؟ مبارك ونظامه مصرون على لعب كل الأوراق المتبقية في محاولة لكسب الوقت، هم يراهنون على إضعاف الثورة، وهذا لن يحدث بمثل الممارسات التي يقوم بها نظام مبارك، لن يهدأ الشارع ولن يعود الى الديار، في البداية غيّر الحكومة بذات الوجوه المغضوب عليها والمشهود لها بالفساد، والآن يطلق جماعات من المساجين والعصابات للهجوم على المتظاهرين لزرع الرعب، إلى جانب تجنيد حاشيته من الفاسدين والمنتفعين من النظام ومن أموال الشعب ليدافعوا عنه، كل هذه الأمور التي يقوم بها تؤكد أن النظام الحالي يائس ولا يعرف كيف يتصرف، لا يمكن أن يتخلى عن النضال في اللحظات الأخيرة، الشعب المصري يأمل أن تكون نهاية الأسبوع دون مبارك وأن نحقق التغيير الذي يطمح له الشعب المصري·