هي في الواقع مجموعة من الأسئلة طرحناها على بعض المواطنين عقب صدور هذه الإجراءات، حيث لمسنا في إجاباتهم جنوحهم الكبير إلى التركيز على بعض الإجراءات التي تمس حياتهم اليومية. وكبداية لحديثهم، اختزل لنا شاب لا يتجاوز من العمر 30 سنة، هموم وانشغالات المواطن الجزائري حيث قال: ''الناس يريدون العيش في بلد يوفر لهم أسباب المعيشة اللائقة، وما عدا ذلك فإن الأمور تبدو في نظري صعبة على المواطن خاصة ما تعلق بمشكلة السكن التي تؤرق كاهله، كما أن المشكل لا يكمن في هذا الإجراء بقدر ما يتعلق بمدى تطبيقه على أرض الواقع، لأن المواطن اليوم يهمه تجسيد وعود التشغيل، السكن والقدرة الشرائية ليس إلا''· الفكرة نفسها طرحها شاب آخر عندما بادرنا بالتأكيد على أن جل القرارات التي خرج بها مجلس الوزراء جيدة ومفيدة للمواطن بالدرجة الأولى، لكن إذا طبقت فعلا ولم تبقى حبرا على ورق، فأنا مثلا مع فتح التلفزيون لكل الحساسيات السياسية ليكون هناك نقاشا حقيقيا· أما مشكل تشغيل الشباب، فبغض النظر عن الاستقبال الحسن الذي بتنا نجده عند الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، فإن الهاجس الكبير بالنسبة لنا كشباب هو طول الانتظار، ناهيك أن نسبة 10% التي يدفعها المواطن كبيرة، إذ أن قرض بمليار سنتيم يتطلب من المستفيد منه دفع 100 مليون سنتيم، والسؤال الذي يطرح من أين يأتي به؟ ولم يتوقف كلام هذا الشاب عند هذا الحد، بل أبدى عدم تقبّله للمدة الزمنية التي يتعين فيها على المستفيد تسديد قيمة القرض المقدرة بخمس سنوات، ''إذا استثنينا السنة الأولى التي يعفى منها المستفيد من تسديد الدين، فإنه مطالب خلال السنوات الخمس استرداد القرض كاملا، وهو أمر ليس بالسهولة التي يتصورها المرء''· غادرنا شريحة الشباب لبعض الوقت، واتجهنا نحو مواطنين تجاوزوا سن الأربعين، كحال مواطن يبلغ من العمر 45 سنة، حاول أن يعبّر عن رأيه بكل صراحة قائلا: ''ما يهمني وما يشغلني كمواطن جزائري وأب لأسرة هو هل تعرف القرارات التي خرج بها مجلس الوزراء تطبيقات ميدانية ملموسة من الجهات المكلفة بتطبيقها، فلا أحد ينكر أن قضية تشغيل الشباب مثلا تعد مهمة، طالما وأنها تهم شريحة مهمة من المجتمع التي تعاني بطالة مستمرة، وهنا أريد التوقف عند المواطنين المسبوقين قضائيا، كيف تتم عملية إدماجهم في عالم الشغل، خاصة وأنهم مطالبون بتقديم شهادة السوابق العدلية''· أما بالنسبة لمشكل السكن، فيرى هذا المواطن أن الظاهرة ما تزال منتشرة في المجتمع الجزائري، فمثلا منذ إعلان الرئيس بوتفليقة سنة 2008 بترحيل القاطنين بأسطح العمارات والقبو، لم يتم القضاء على معاناة المواطنين المعنيين بهذا الإجراء، ونحن دخلنا سنة ,2011 كما أجمع كل من التقيناهم بأن قضية تشغيل الشباب تبقى الأكثر تأثيرا على يوميات المواطن الجزائري خاصة الشباب، لأن دراسة ملفاتهم تتم بوتيرة بطيئة كحال أحدهم الذي تقدم بملفه منذ أربعة أشهر ولم يصله أي رد، وفي كل مرة يقال له بأنه عليه الانتظار. لم يتردد أحد المواطنين من الذين سألناهم عن رأيهم في ما جاء في الأخبار بالتلفزيون، وكذا ما طالعه في الصحافة المكتوبة، في التأكيد لنابأنه يتأسف كثيرا، كون كل هذه الإجراءات التي تم الإعلان عنها جاءت متأخرة نوعا ما وساهمت فيها عدة ظروف داخلية وخارجية، ''لا أحد ينكر أن كل القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء كانت جيدة وتهم كثيرا المواطن الجزائري، لكن في المقابل أطرح سؤالا بسيطا لماذا جاءت متأخرة؟ وهل ساهمت فيها الظروف التي عرفها بلدنا وما يجري حاليا في بعض البلدان العربية ليتم إقرارها، بالنسبة إلي فإن كل هذه القرارات لا معنى لها إذا لم يتم تطبيقها على أرض الواقع''. ولئن كانت مختلف تصريحات المواطنين الذين عبّروا من خلالها عن مواقفهم قد تمحورت معظمها في يوميات حياتهم الاجتماعية، وبالتحديد مشاكل السكن، البطالة ومستوى المعيشة وغلاء الأسعار، فإن ما خرجنا به هو أن المواطن الجزائري ما يزال يسكنه هاجس الخوف من عدم تجسيد القرارات التي تمس أوضاعه الاجتماعية بالدرجة الأولى، وهذا استنادا إلى تجاربه السابقة، حيث وجد نفسه في وضعية تسلل حيال بعض القرارات التي تعنيه. وتبعا لهذا الوضع الذي لمسناه في أحاديث كل المواطنين الذين أبدوا لنا رأيهم في هذا الموضوع، فقد كان تصريح مواطن كهل تجاوز سنه الستين سنة مباشرا ودون روتوشات عندما أكد لنا بلغة فصيحة وصريحة قائلا: ''لقد عايشت أجيالا واستمعت إلى هكذا قرارات، ومع الأسف فإن تطبيقها ميدانيا يبقى شبه غائب، فلا ينفع -حسب وجهة نظري- أن تقرر إذا لم تكن هناك قدرة على التنفيذ وهو ربما بيت القصيد في بلادنا''·