قدم محمد الغنوشي، رئيس الحكومة التونسية المؤقتة، أمس، استقالته بشكل مفاجئ عقب تجدد أحداث العنف والمواجهات بين الشارع التونسي وقوات الأمن، وأودت بحياة عدد من المواطنين، ما دفع الجماهير بالمطالبة بإعدامه مثلما نقل ذلك التلفزيون الرسمي في تونس، كما تردد بالأمس إسم خليفة الغنوشي المتمثل في الباجي قايد السبسي أحد وجوه نظام بورقيبة· وغادر رئيس الحكومة المؤقتة المستقيل، منصبه بعبارة مثيرة جاء فيها أنه ليس مستعدا ليكون الشخص الذي يتخذ قرارات ينجم عنها سقوط مزيد من الضحايا، في وقت كان الغنوشي 24 ساعة قبل استقالته، غير مقتنع تماما بالخروج من الحكومة أو ترك منصبه، وظهر ذلك جليا في رده على أسئلة صحفيين بهذا الخصوص عندما أجاب قائلا ''المسألة ليست مسألة استقالة، لدينا الآن فرصة تاريخية لتحقيق الانتقال إلى الديمقراطية ونحن نسعى للقيام بذلك بالتشاور مع الأحزاب والمنظمات والاتحاد العام للشغل حتى تتم بلورة رؤية مشتركة للفترة القادمة تحقق أهداف الثورة''· وأضاف أن حكومته ''حريصة على تحقيق أهداف الثورة التونسية''، معلنا أن الأسبوع المقبل سيكون ''حاسما لإبراز خارطة طريق لتونس في الفترة القادمة''· لكنه قال بالمقابل ''إن الحكومة الانتقالية واجهت في الفترة الأخيرة الكثير من الصعوبات وهناك عملية مدبرة لإرباك الحكومة المؤقتة حتى لا تتفرغ للقيام بمهامها''، ما يعني أن حكومة الغنوشي كانت تواجه ضغوطات ومؤامرة تدار من داخل أجهزة الدولة كما فسرها العديد من مراسلي المؤسسات الإعلامية الدولية· وتقول مصادر تونسية عديدة أبرزت رأيها عبر النت أن المعنيين برسالة الغنوشي هم ''بقايا النظام السابق ممن يخافون من محاكمات محتملة، ومن الممكن أن يكونوا قد تشكلوا ضمن عصابات أو لوبيات ضغط سياسية وعسكرية داخل أجهزة الدولة''· كما أرجعت مصادر إعلامية تونسية، اتخاذ الغنوشي قرار استقالته بتلك السرعة رغم أنه لم يكن يبدي استعدادا للرحيل إلى تأثره الشديد بنقل التلفزيون الرسمي التونسي لمطالبة أحد الشباب التونسيين الغاضبين في الشارع بإعدام الغنوشي، ''كونه المسؤول الأول والمباشر على ما يحدث في الشارع من عنف'' مثلما تسرب عن جلسة غير رسمية جمعت إعلاميين مع الغنوشي، ليلة قبل إعلانه الاستقالة، وهو ما أثار جدلا واسعا وسط الإعلاميين والسياسيين على خلفية هذا التصريح الأول من نوعه في تلفزيون تونس الرسمي بعد استقالة بن علي، إذ هناك من اعتبر التصريح يمر من دون رقيب ''فهم خاطئ وخلط بين حرية التعبير والتحريض على العنف''، وهناك من اعتبر ''أن رحيل الغنوشي في هذا الظرف خسارة لفرصة كبيرة من الإصلاح يقوده رجل متمرس يمكن أن يتكيف مع متطلبات الثورة''· ويقول رأي إعلامي آخر من تونس، أن استقالة الغنوشي ستضع المعارضة أمام الأمر الواقع وستتحمل كافة نتائج المرحلة على عاتقها، وعليها أن تجد الحلول في أقرب وقت لحقن دماء التونسيين، بسبب دعمها وتأييدها لرحيل الغنوشي· وجاءت استقالة الغنوشي عقب مواصلة آلاف المحتجين اعتصامهم في ساحة القصبة أمام مقر الحكومة للمطالبة باستقالتها على خلفية إخفاقها في تحقيق أهداف الثورة، حيث بلغ الاعتصام أوجه يوم الجمعة فيما أطلق عليه ب ''جمعة الغضب''، إذ بلغ تعداد المشاركين فيه نحو 100 ألف شخص·