لعل باقة قنوات ''أم بي سي''، هي آخر ضحايا التشويش الذي استهدفها على القمر الاصطناعي نيل سات، بعد باقة الجزيرة والقنوات اللبنانية· رغم أن إدارة باقة ''أم بي سي''، ومنذ بدأ التشويش عليها كانت قد اقترحت تردد بدليل على القمر نفسه إلا أن المشاهد في الجزائر بقي محروما من متابعة مختلف قنوات الباقة، التي تضم قنوات للأفلام الأمريكية وأخرى للدراما والرسوم المتحركة والمنوعات، وقناة ''أم بي سي'' الأم التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية· وسبب حرمان المشاهد الجزائري من مشاهدة الباقة على القمر المصري يعود إلى أن التردد الجديد جاء على قمر 104 الذي لا يمكن التقاطه في الجزائر منذ أن بدأ الاشتغال عليه قبل سنوات، ويحتاج الأمر إلى صحن كبير جدا وتدقيق غاية في الصعوبة، وهو الأمر الذي جعل المشاهد الجزائري لا يمكن له التقاط عشرات القنوات التي وضعت على هذا القمر الجديد· ولعل ما يحدث الآن مع باقة قنوات ''أم بي سي'' على النايل سات، يذكّر بما حدث لقناة الجزيرة على القمر نفسه مع أيام الثورة المصرية، عندما تم التشويش عليها أولا ثم قررت إدارة القمر المصري قطع بثها ولجأت القناة إلى حيلة تقول إنها تبث على القمر نفسه وبتردد آخر والحقيقة أنها كانت تبث على قمر نورسات على الموقع المداري نفسه لكن لا يمكن للمشاهد في الجزائر التقاطها، ورغم عودة القناة بعد ذلك للبث على التردد نفسه إلا أن التشويش استهدفها واضطرت إدارة القمر إلى إعطائها ترددا آخر لأن التشويش الذي استهدفها، استهدف أيضا بشكل غير مباشر القنوات التي كانت في نفس الباقة· ولعل متتبعي قناة الجزيرة الذين افتقدوها قبيل سقوط مبارك في مصر، واضطروا إلى متابعتها على القمر العربي عرب سات (بدر 4)، لم يهنأوا طويلا مع بداية ثورة 17 فيفري في ليبيا، إذ أن باقة الجزيرة على هذا القمر أصابها التشويش الذي استهدف قناتي الجزيرة والجزيرة مباشر وبشكل غير مباشر قنوات الجزيرة للأطفال والبراعم والجزيرة الرياضية والجزيرة الوثائقية، ورغم أن القناة وضعت ترددا احتياطيا إلا أن التشويش أصابه بعد ذلك وأثر على قنوات مثل فرانس 24 وبي بي سي العربية، واضطرت إدارة الشبكة إلى البث على ترددات بديلة، وهنا أعلنت الشبكة أنها اكتشفت مصدر التشويش عندما قالت في بيان لها: ''اعتمادا على دراسات دقيقة قامت بها شركات متخصصة، إن التشويش مصدره جنوب العاصمة الليبية طرابلس وتحديدا من مبنى إداري فني تابع لجهاز مخابرات يرأسه ضابط برتبة عميد· ويقع المبنى أمام مستشفى صلاح الدين في منطقة تحمل نفس الاسم، وهي جزء من منطقة تدعى الهضبة الخضراء''· وفي الوقت نفسه كانت باقة القنوات اللبنانية تعاني مما تعاني منه الجزيرة، وصرح وزير الاتصالات اللبناني أن ''انقطاع الوصلة التي تخص هذه المحطات عبر الستالايت''، وأشار إلى أن''التشويش يحصل لفترة طويلة أحياناً ثم يأخذ أشكالاً متقطعة أحياناً أخرى''· قبل أن تتمكن الحكومة اللبنانية بعد ذلك من معرفة مصدر التشويش الذي تأكد أنه صادر من ليبيا وربما من نفس المصدر الذي يشوش على قناة الجزيرة والعربية بعد ذلك· ومعروف أن القنوات اللبنانية بمختلف توجهاتها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار تجمع على معاداة نظام القذافي المتهم باختطاف وربما اغتيال المرجع الشيعي البارز موسى الصدر الذي دخل التراب الليبي في نهاية سبعينيات القرن الماضي ولم يعثر له على أثر لحد الآن· وفي انتظار الإجراءات القانونية اضطرت باقة القنوات اللبنانية إلى البث على تردد جديد· ويبدو أن التشويش على القنوات الفضائية الذي أصبح بمثابة حرب إعلامية مضادة، ليست له منطلقات سياسية فقط، فقد سبق لباقة قنوات الجزيرة الرياضية أن تعرضت لتشويش كبير أثناء بث مباريات كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا وثبت أن مصدر التشويش من إحدى ضواحي الأردن· ونظام القذافي الذي اعترف بعض رموزه بتخلف إعلامه، والمتهم الأول بالتشويش على القنوات الإخبارية التي لا تدور في فلكه، حاول القيام بحرب إعلامية أخرى عندما ادعى أن جهات مجهولة تشوّش على قنواته على القمر المصري نايل سات، غير أن إدارة القمر الصناعي أثبتت بالدليل أنه لا وجود للتشويش على تلك القنوات· وتبقى حرب التشويش باستعمال أجهزة متطورة قائمة في ظل بؤس الإعلام الرسمي في ليبيا وغيرها من البلدان العربية والتي لجأت إلى هذا السلاح عندما أدركت أنها خسرت الحرب الإعلامية الكلاسيكية، وحتى معركة الإعلام البديل·