حيثما تلتقي بعض النسوة، في أية قاعة انتظار، فإن أول ما يتحدثن فيه هو الصحة· كل واحدة تسأل الأخرى عن حالها، وكل واحدة تجيب بأنها ''·· تحمد الله··''، رغم الألم الذي تعانيه، خصوصا في أوقات المساء· إنها تعابير يتم تداولها بسلاسة، متبوعة بحركات معتادة لا تخلو من رائحة عرق غير منفرة بالضرورة، كأنْ ترفع امرأة ذراعها وتتحسس مكانا قريبا من إبطها قائلة: ''·· الألم يبدأ من هنا·· ثم ينتقل تدريجيا إلى هنا·· وأحيانا إلى هنا·· تقريبا إلى هنا·· لكن ليس إلى هنا تماما·· و·· في (مرات قليلة) يجثم الألمئ هنا··''·· عبارة مرات قليلة لا تعني سوى أن لديها موضوعات احتياطية أخرى قد تلجأ إليها في حال توفر المزيد من الوقت· إنها تنقل يدها من مكان غامض في جنبها الأيسر إلى مكان أشد غموضا، وقد تسحب يدَ إحدى المنصتات إليها وتثبتها قرب كليتها هذه أو تلك، قائلة: ''··آه يا اخيتي·· نعم بالضبط هنا··''·· فتتجاوب امرأة دخلت للتو قاعة الانتظار، قائلة: - أيحدث لك كذا·· وكذا··؟ - بلى والله·· هذا ما يحدث لي بالضبط·· - أنا أيضا يحدث لي هذا·· لكن ليس في جنبي الأيسر·· وتبدأ المتحدثة الجديدة بإطلاق التعابير والحركات المتفق عليها سلفا· وينتهي الأمر إلى أن موطن الألم بالفعل في الساق·· لا·· لا·· بل تحت الأذن·· أو في رقعة غير معلومة من الجسد· في الواقع إن الجسد بكامله، لدى غالبية النساء هو مصدر الألم· الأزواج يؤمنون بتلك الحكمة القائلة: (المؤمن طبيب نفسه)·· لذلك فهم الأكثر قدرة على تحديد مواقع الألم في أبدانهم· إنهم لا يجتهدون في فهم المرأة التي هي بدورها لا تجتهد في فهم نفسها· وعليه فلا مجال أمام الأزواج الصالحين سوى تشغيل محركات سياراتهم ونقل زوجاتهم إلى الطيب· يتبع··/··