جلس الفنان الفرنسي سماعين، ذو الأصول الجزائرية، أول أمس الاثنين، إلى قراءه يخبرهم عن الدوافع الحقيقية لكتابة مذكراته، الصادرة حديثا عن منشورات ميشال لافون، بعنوان ''عدت لأبحث عن ذاتي''، وقال للحضور أنه يجد في الجزائر الأرض التي يستهلم منها قوته الشخصية، والتغلب على مأساته منذ خروجه إلى هذا العالم· ------------------------------------------------------------------------ عبر سماعين بلغته الخفيفة والعميقة في آن واحد، أنه جزائري، يعيش جزائريته كمواطن فرنسي، من خلال مزاجه وأفكاره، وأيضا من خلال لحظات الصفاء التي تقود إلى التفكير في منبته، أصله ونسبه· لهذا يقول قرر أن يعيد بناء لوحة الطفولة التي كانت يوما في أرجاء قسنطينة، ليست لوحة جميلة بالتأكيد، لكنها ضرورية لمعرفة من يكون، إذ تضم المذكرة تفاصيل مثيرة، عن اسماعين الطفل، المولود من أبوين مجهولين، ثم المراهق الذي اكتشف في سن الثالثة عشر حقيقته المؤلمة، قبل أن يغدو شابا تنقل إلى العيش بفرنسا، وكيف ساهمت اللحظات الحرجة، في بناء سماعين الرجل· واليوم يكتب الرجل حياته، ليقول أنه يعتبر نفسه جزائريا رغم جنسيته الفرنسية، ويعلن أنه رفض الدخول في أي معمعة قد تسيء إلى صورة الأرض التي منحته الحياة· لهذه الأسباب قرر سماعين في أعوام سابقة، زيارة الجزائر وإعادة اكتشافها، ليجد حلا لهويته التي ظلت تعذبه سنوات· من يقرأ مقطعا من مذكرة سماعين، يلتمس الجرح الغائر، في ذات هذا الرجل المبتسم على الدوام، هذا ''المهرج'' الذي يبحث عن لحظة جنون لينسى أنه جاء من أي مكان، ومن اللامكان، في عقده الخامس، يصرح سماعين أنه لا يخشى أن يقول للعالم بأسره، ولنفسه قبل كل شيء، ثم لأبنائه وعائلته وأصدقائه، أنه ابن خطيئة، وأن الضحك مرهم يداوي بعض من آثار ذلك الخطأ، لهذا يكتب يقول في مذكرته ما يلي: ''عمري خمسين عاما· حان الوقت لأرتب بعض أموري· اليوم العالم الذي رآني أجيء إليه في طريقه إلى الاندثار، سأبلغ قريبا ثلاثين سنة من مشواري الفني· اليتيم هو أب أيضا، فكاهي له مزاجه· باختصار، أريد القول أنني أملك ما يكفي من رصيد مشرف، لألقي نظرة ما على إخفاقاتي ونجاحاتي· ألقي نظرة على هوية مقطوعة، أروي عن نفسي، لأعثر على نسيج نسب مفقود· الضحك كان طريقة علاجية، وردة فعل، فكنت مهرجا لأبرر الخطأ· ''عدت لأبحث عن ذاتي'' لأعيد الأمل للذين حياتهم علامة استفهام مزدوجة''·