رفضت المعارضة السورية في الجزائر قرار وزراء الخارجية العرب إطلاق حوار بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة من دون شروط ملزمة تفضي إلى سحب الجيش وقوات الأمن من الشارع وإطلاق سراح جميع المعتقلين، والاعتراف بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري· وقال الدكتور عدنان بوش الناطق الرسمي باسم لجنة دعم الثورة السورية في الجزائر المنضوية تحت لواء المجلس الوطني السوري في تصريح ل ''الجزائر نيوز''، ''لقد طالبنا بالحوار الحقيقي والإصلاح منذ بداية الثورة في سوريا، لكن اليوم وبعد تطور الأحداث، فإننا نطالب بسحب الجيش والقوة الأمنية وإطلاق سراح جميع المعتقلين المقدرين بعشرات الآلاف والاعتراف بالمجلس الوطني كممثل شرعي للشارع السوري، بعدما أصبح نظام بشار الأسد فاقدا للشرعية''· واعتبر الدكتور بوش أن نتائج اجتماع وزراء الخارجية ''جاءت مخيبة للآمال لأنه يعطي الفرصة للنظام السوري الذي أثبت بالتجربة بأنه يخل بالعهود وإتاحة الفرصة له لإخماد نار الثورة وتقليص بقعتها الجغرافية من خلال القمع الوحشي باستعمال الوسائل المرفوضة دوليا وإنسانيا''· من يمثل المعارضة السورية في الجزائر وما حقيقتها؟ ارتبط تواجد الجالية السورية في الجزائر بثلاث عشريات بداية من استقلال الجزائر إلى نهاية الثمانينيات وجيل ما يعرف ''بالمعلمين'' الذين قدموا إلى الجزائر رفقة نظرائهم في مصر من أجل تدريس اللغة العربية التي عبث بها المعمر الفرنسي، إلى درجة تكوين نزاعات حادة بين مختلف توجهات المجتمع الجزائري وبين يساريين زادت حدتها في سنوات السبعينيات، عندما اتهم آنذاك السوريين والمصريين بتغذية تنامي ''المد الإسلاماوي وقوى البعث العروبي في الجزائر''، أي اتهام هؤلاء الرعايا بمحاولتهم تعريب الجزائريين على حساب ''الثقافة الأمازيغية'' والمكونات الحقيقية للهوية الوطنية· جيل المعلمين أو منفيي نظام حافظ الأسد يعرف هذا الجيل أنه غادر سوريا بمجرد استيلاء حافظ الأسد على نظام الحكم في سوريا وإعلان جمهورية سورية جديدة عكس جمهورية الوحدة، ويعرف على أغلب هؤلاء أنهم يؤيدون أفكار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بنزعته القومية العربية، وما أن وطأت أقدام هؤلاء أرض الجزائر حتى انتشروا عبر مختلف ولايات الوطن، رفقة أهاليهم وعائلاتهم، وربطوا علاقات طيبة مع الجزائريين تطورت إلى علاقات مصاهرة، كما أنه لم تخل تقريبا أي مدرسة في الجزائر من معلم من جنسية سورية، وعارض هؤلاء المعلمون بشدة نظام حافظ الأسد وأبدوا كرها شديدا له، وبالرغم من محاولات تحركهم الكثيرة، إلا أن ذلك باء بالفشل بالنظر إلى أنظمة الحكم الدكتاتورية التي سادت في المنطقة العربية إلى غاية قيام ما يعرف بالربيع العربي ونظام الفضائيات المستقلة، وكتب لكثير من هؤلاء أن يعيشوا ليشاهدوا قيام هذه الثورات والاحتجاجات في أقطار عربية مختلفة كما هو الشأن بالنسبة للدكتور عدنان بوش الناطق الرسمي باسم لجنة دعم الثورة السورية في الجزائر المنضوية تحت لواء المجلس الوطني السوري· جيل ما بعد مجازر حماة وجسر الشغور وحلب في عام 1982 وبينما كان العالم منشغلا بتطورات الحرب في لبنان، واجتياح إسرائيل لجنوب لبنان، شنت قوات نظام حافظ الأسد أكبر المجازر دموية في ثلاث مناطق بسوريا وهي حماة وحلب وجسر الشغور، وحينها قتل الآلاف من السوريين وعائلات بكاملها بواسطة طائرات حربية، بتهمة الانتماء إلى تنظيم الإخوان المسلمين ''تنظيم إرهابي'' بحسب اعتقاد نظام حافظ الأسد، وقرر العشرات من شباب جيل الثمانينيات مغادرة سوريا والتوجه إلى أوروبا وبعضهم غادر إلى الجزائر، آنذاك كان نظام الشاذلي بن جديد قد أبدى نوعا من الانفتاح إزاء مختلف التيارات بما في ذلك الإسلامية، إذ أنه سمح لكل من يوسف القرضاوي والإمام محمد الغزالي بالتدريس في الجامعات الجزائرية وحتى تسجيل حصص تلفزيونية· وقد اختص أغلب السوريين في النشاط التجاري والاستثمار في عدة قطاعات، في وقت اعتبر بعضهم الجزائر نقطة عبور لمناطق أخرى في دول عديدة من العالم خاصة أوروبا، لكن بعضهم اختار الزواج من جزائريات، هؤلاء يقودون اليوم الاحتجاجات المتكررة ضد نظام بشار الأسد في الجزائر رفقة جيل السبعينيات وما بعده· جيل الربيع العربي أو الثورات العربية أعادت الثورات العربية الأمل إلى المئات من السوريين المقيمين في الجزائر والتطلع إلى نظام ديمقراطي يسمح لهم بالعودة مجددا إلى سوريا، فهؤلاء أكثر نشاطا من سابقيهم، إذ تمكنوا من تنظيم نحو 16 وقفة احتجاجية أمام مقر سفارة بلادهم في سوريا· وقد أوكلت مهمة قيادة المعارضة السورية في الجزائر إلى الدكتور عدنان بوش الناطق الرسمي باسم لجنة دعم الثورة السورية في الجزائر، كما تم تعيين ممثلين للمعارضة في الجزائر لتمثيل باقي أطياف المعارضة في المجلس الوطني المعلن عن إنشائه مؤخرا في تركيا، حيث يمثل مختلف التوجهات العلمانية واليسارية وكذا الإسلامية، وأغلبهم تجار ورجال أعمال معروفون في الجزائر· ممثل المعارضة ينتقد الموقف الجزائري بالرغم من السماح له بالنشاط بكل حرية تأسف الدكتور عدنان بوش من موقف الجزائر التي عرفت -حسبه- معنى الثورات الشعبية بتاريخها والتي عاشت تجارب مريرة، واعتبر الموقف الجزائري بمثابة تغطية للأنظمة الدكتاتورية ونمط الهروب إلى الأمام، بالرغم من أن الجزائر تتميز بنظام يملك هامشا من الديمقراطية عكس ما هو موجود في دول أخرى كموريتانيا أو السودان واليمن·