كيف ينظر المواطن الجزائري البسيط للنهاية المأساوية التي انتهى عليها القائد الليبي معمر القذافي؟ وما رأيه في الطريقة الاستعراضية التي نقلتها وسائل الإعلام عن سيناريو قتله، هذا ما حاولنا معرفته لدى بعض فئات المجتمع الجزائري· وحتى إن كانت الآراء التي استقيناها أجمعت كلها على أن القذافي قتل بطريقة بشعة وغير متوقعة، إلا أن الاختلاف كان جليا فيما يتعلق بمستقبل ليبيا· في رأي السيد عبد المجيد ذهاب القذافي إلى غير رجعة سيفتح صفحة جديدة مقبلة على كل الاحتمالات: ''إذا كان أسلوب تصفية القذافي من طرف الثوار الليبيين شكل بالنسبة إلي صدمة، بعد الصور المفزعة التي شاهدتها في القنوات التلفزيونية، فإنني أعتقد أن النهاية القذافية كانت ستكون أحسن من تلك التي حدثت، فلا يجب علينا أن ننسى أن الرجل حكم البلاد لأربعة عقود كاملة، ورغم ما قيل عنه إلا أن عملية تنحيته كانت من الممكن أن تكون مغايرة· ورغم أنه لا يمكنني معرفة ما يجول اليوم في ذهن كل ليبي، إلا أن السيناريو الذي قدم عن وفاته تشتم فيه رائحة التدخل الغربي الواضح في مصرعه بهذه الطريقة، خاصة فيما يتعلق بالرواية التي تحدثت عن المكان الذي وجد فيه، حيث يشبه إلى حد كبير رواية تصفية الرئيس العراقي صدام حسين''· وبنبرة فيها الكثير من الأسف، يرى مواطن آخر أن المصير الذي آلت إليه نهاية القذافي كان مخزيا رغم مشروعية الشعب الليبي في تغيير النظام غير الديمقراطي الذي طبقه القذافي طيلة فترة حكمه، وكان بالإمكان تفادي كل هذه المجازر التي حدثت في ليبيا: ''في البداية لم أصدق عيناي أن الذي شاهدته هو القائد معمر القذافي الذي قاد بلاده بيد من حديد، لكن طريقة القضاء عليه من طرف شعبه وبمساعدة قوات الناتو كانت مؤسفة للغاية، فهل قدر للأمة العربية وشعوبها أن تحدث التغييرات على أنظمتها بواسطة الدم والخراب والمناظر المؤسفة. ما لاشك فيه أن العالم قد وقف مرة أخرى على نهاية مأساوية لثالث حاكم عربي في حقبة زمنية لا تتعدى الأربعين سنة، ففي الثمانينيات تم القضاء على أنور السادات بطريقة استعراضية، وقبل سنوات قليلة جاء الدور على الرئيس العراقي الذي أعدم بأبشع أسلوب يوم عيد الأضحى المبارك، واليوم جاء الدور على القذافي حيث شاءت الأقدار أن تتم تصفيته قبيل عيد الأضحى المبارك. ولئن كنت لا أفقه كثيرا في خلفيات اختيار هذه الأساليب لتنحية الرؤساء في الوطن العربي، إلا أن الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وبريطانيا، لم تكن يد العون التي مدتها للشعوب العربية بريئة كونها تحمل الكثير من الدلالات والأطماع، وهي لا تريد بالضرورة الخير للشعوب العربية بقدر ما تهدف إلى السيطرة على ثرواتها واستعمارها بطريقة أخرى''. أما الشيخ عمي عمران الذي وجدناه بالصدفة يتأهب للذهاب إلى المسجد لتأدية صلاة الجمعة، فقد أبى إلا أن يعطي لنا انطباعه على قتل القذافي، حيث اعتبر الأمر مذهلا حقا، وما حدث لم يسبق أن رأيته في حياته: ''أنا الآن أشرفت على سن الثمانين وصدقوني لم أر في حياتي نهاية دراماتيكية مؤسفة ومخجلة مثل التي آلت إليها عملية تصفية الرئيس الليبي معمر القذافي، أنا لا أنكر أن الشعب الليبي قد عانى الويل من حكم القذافي خلال أربعين سنة، وكنت على يقين بأن نظام حكمه قد انتهى منذ بداية انتفاضة الشعب الليبي، لكنني كنت أتمنى أن تتم محاكمته بدل التلاعب بجثته الهامدة من طرف شعبه الذي زكاه لأربعة عقود كاملة''. هكذا عبّر لنا هذا الشيخ عن أسفه وحزنه على الوضع الذي آلت إليه الأزمة الليبية. وخلافا لما قد يعتقده البعض، يرى محدثنا بأن ليبيا مقبلة على فترة عصيبة، وسوف تشهد عدة هزات ومشاكل كبيرة قد تستغرق سنوات أخرى حتى يعود الاستقرار إليها. الغرب كان وراء قتل القذافي لم يجد عبد الكريم من وصف دقيق لمشاهد قتل القذافي سوى كلمة واحدة كررها خلال حديثه عن رأيه فيما حدث وهي البشاعة: ''دون تردد أقول إن عملية تصفية القائد الليبي كانت شنيعة جدا إلى حد صدمت معه المشاهدين، وبقدر ما كانت الأفراح التي تلت عملية القضاء على القذافي معبرة حقا عن التسلط وانعدام الديمقراطية التي ميزت حكم القذافي، فإنني أطرح سؤالا بريئا وأوجهه تحديدا لليبيين وهو: هل ستعود الأمور إلى نصابها في ليبيا بمجرد تنحية القذافي؟ لا يجب أن نتجاهل حقيقة وهي أن الدول الغربية هي التي ساعدت الليبيين على قتل القذافي من خلال تدخلها المباشر في الأزمة الليبية، ولا أظن أن الغرب يتمنى الخير لهذا البلد، ولو كانت نيته حسنة لماذا لم يتدخل بصورة مباشرة في بلد مثل اليمن، ولو حاولنا تتبع السيناريوهات التي طبقها الغرب منذ بداية الثورات العربية لوجدنا أن مصير كل الحكام العرب تحكم فيه الغرب بصورة واضحة لا يرقى إليها الشك· ورغم ما قيل عن حكم القذافي وطريقة تسييره لدواليب السلطة في بلده، لا ننسى أنه مسلم قبل كل شيء، فإن التساؤل يبقى مطروحا حول توقيت انتفاضة الشعب الليبي التي جاءت بعد 40 سنة من حكم القذافي؟!''. وبعيدا عن خلفيات موت القذافي والطريقة التي وظفت في ذلك، اكتفى أحد المواطنين، وهو طالب جامعي، بالدعوة للشعب الليبي بمستقبل زاهر، في كنف وحدة البلد، لأنه يعتقد بأن نهاية القذافي قد أصبحت حقيقة وعلى كل القوى في البلد أن تضمد الجراح وتتطلع إلى غد أفضل: ''رغم أنني لا أؤيد الطريقة التي تمت بها تصفية معمر القذافي، إلا أنني أحترم إرادة شعبه في التغيير، لكن ما أخافه هو ان تتحوّل عملية التخلص من قائدهم إلى نقمة على البلد في ظل تكالب الدول الغربية على الثروات الليبية، وهو ما ينذر فعلا بمستقبل مجهول لما ستؤول إليه الأوضاع في هذا البلد المجاور للجزائر. وكل ما نتمناه كجزائري هو أن يجتاز الشعب الليبي محنته، ويجعل من ثورته بداية لعهد جديد، وهي مهمة ليست سهلة على كل حال''.