شايب يلتقي مع الجالية الوطنية المقيمة بمقاطعات شمال ايطاليا    سوناطراك: توقيع اتفاقية تعاون مع الجمارك الجزائرية في مجال التكوين    البرلمان العربي يتضامن مع الجزائر    لجنة الخدمة المدنية الدولية تنظم ورشة بالجزائر    مجلس الأمن يُكرّس دور الرئيس تبّون    حجز 5 قناطير من الكوكايين خلال 2024    عودة الأيام العلمية لسوناطراك    مدّاحي تؤكد ضرورة استغلال موسم الاصطياف    50 ألفاً يؤدون الجمعة في الأقصى    ترامب يبدأ حربه ضد المهاجرين    أعاصير فاشية وأنواء عنصرية    أنشيلوتي يرد على أنباء انتقال فينيسيوس إلى السعودية    ناشئو الخضر يبلغون بطولة إفريقيا المدرسية    5 جزائريين لعبوا لمانشستر سيتي    برنامج تنموي هام لتحسين تموين الزبائن    حملة لمحاربة ترويج المخدرات عبر الأحياء الشعبية    تكريم 500 حافظ وحافظة للقرآن الكريم    الجزائر تشارك في صالون القاهرة    أحكام خاصة بالمسنين    فاتورة استيراد مواد التجميل إلى 58 مليون دولار في 2024    تنظيم حفل تكريم 500 حافظ وحافظة للقرآن الكريم    رئيس المرصد والأعضاء ينشطون تجمعات ولائية    تشديد على التباعد الاجتماعي لوقاية فعالة    أيام إعلامية حول القوات البحرية بجانت    الرئيس تبون نصير الأفارقة للوقاية من الإرهاب    الجزائر تترشح لاستضافة اجتماع للهيئات الدستورية الإفريقية    بعث مشروع نظام السلامة والأمن البحريين    بعثة استعلامية برلمانية بتمنراست    سيدي عمار يتهم المغرب بممارسة "إرهاب دولة" في الأراضي المحتلة    4 اتفاقيات تعزّز علاقات الجمارك مع الشركاء    الضمان الاجتماعي قائم على مبدأ التضامن بين الأجيال    الاتحادية الجزائرية للرياضة المدرسية: انتخاب علي مراح رئيسا جديدا    غليزان.. إنقاذ 63 شخصا اختنقوا بغاز أحادي أكسيد الكربون في 2024    سؤال التاريخ بين الكتابة التاريخية وحركة التاريخ    وزيرة السياحة تشرف على لقاء تحضيري لموسم الاصطياف لسنة 2025    كتائب القسام تسلم الصليب الأحمر 4 مجندات أسيرات إسرائيليات..الاحتلال يفرج عن 200 أسير فلسطيني من ذوي المحكوميات العالية والمؤبدات    قرار وزاري صدر في العدد الأخير للجريدة الرسمية..كل التفاصيل عن شروط وكيفيات معالجة طلبات شراء سكنات "عدل"    اليوم العالمي للجمارك: الجمارك الجزائرية توقع على أربع اتفاقيات تعاون في عدة قطاعات    جمارك: حجز 8,5 طن من الكيف المعالج و570 كلغ من الكوكايين و11 مليون قرص مهلوس في 2024    لازاريني : إنهاء عمل "الأونروا" قد يؤدي إلى انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    كرة القدم : نحو إعادة بعث كأس شمال افريقيا للأندية    المصادقة على قانون حماية ذوي الاحتياجات الخاصة    الجزائر لن تتخلى عن فلسطين .. ولا إفلات لمرتكبي الجرائم من العقاب    رباش سعيدٌ بالانتقال إلى نادي غرناطة الإسباني    تفكيك أخطر عصابة أحياء بمفتاح    حجز 130 كلغ كوكايين ومصادرة 13 مليارا    مساعٍ لتثمين الأدب النسائي في القارة السمراء    شراكة استراتيجية للحفاظ على التراث الثقافي المشترك    الهدوء يعود إلى بيت الفريق والإدارة توضح    تجهيزات جديدة ل''الفاف" لتدعيم تقنية "الفار" في البطولة    تصعيد خطير في الضفّة الغربية المحتلّة    بلمهدي: الجزائر حريصة على ضمان تكفل أفضل بالحجاج خلال موسم الحج    المغرب: فشل الحكومة في الحفاظ على صحة المواطنين يحول داء الحصبة إلى وباء    منظومة الضمان الاجتماعي في الجزائر قائمة على مبدأ التضامن بين الأجيال    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سماء داكنة
نشر في الجزائر نيوز يوم 21 - 11 - 2011

هذا النص من المجموعة القصصية الأولى للروائي الخير شوار ''زمن المكاء''·· وهذه القصة هي أول عمل نشر له، حيث صدرت في العام 1996 على صفحات جريدة المساء·
(من فقد قبلته فليسر ولا يطلب شرقا ولا غربا)
محمود المسعدي
حدث أبو هريرة قال···
لست أدري لماذا الأشياء تبدو أمامي بغير الألوان المألوفة؟·· فقد علموني أن السماء زرقاء، وأديم الأرض رمادي، وأوراق الشجر خضراء على ما أذكر··· لكن الذي أراه أمامي الآن، إن كل الأشياء تميل إلى لون داكن·· فهل الألوان الزاهية غير موجودة إلا في خيالات الشعراء وبين دفاتر الكتب الصفراء العتيقة؟
لقد قالوا لي إن شيئا يسمى قوس قزح يتكون من سبعة ألوان طبيعية تحت حمراء، وفوق بنفسجية تظهر في الأفق عند نهاية سقوط المطر، وبداية زوال السحب التي كانت تعتصر فاسحة المجال للشمس، حيث يدير لها الإنسان ظهره ليرى هذا القوس العجيب، لكن الذي أدهشني حقا هو أنه في جميع الشروط التي سمعت بها لم أر لا قوس قزح ولا أي قوس آخر، فهل الخلل في عيني أم في الطبيعة؟
أعرف أن الكثير منكم يسخر مني·· ربما قلتم هذا الرجل سوداوي متشائم وربما قلتم إنه ''معري'' زمانه، أو ربما قلتم أنه مريض فلا تحملوه أكثر مما يحتمل، وربما قلتم وقلتم·· لكن هذا لا يخصني ولا أوليه أي قدر من الاهتمام فرأيكم بالنسبة لي لا أعتبره، ولا أقدره، لأنكم في نظري لا تساوون شيئا·
لقد كان من الممكن أن أجاريكم في آرائكم، فعندما تسألوني عن لون السماء أجيبكم بأنه أزرق، وعندما تسألوني عن لون الأشجار أجيبكم بأنه أخضر، لكني لن أجاريكم، ولن أعيركم أي اهتمام، فاتهموني بالجنون·· بالتخلف، لا يهم، لكم ألوانكم ولي ألواني·
هكذا قلت لأحد الحمقى الذي جاءني يستفسر عن حالتي·· لقد قلت له بعد طول صبر:
اسمع يا هذا·· إذا أردت أن تفهم حالتي، سأعطيك مثلا مجسدا، فأنتم معشر الأغبياء، لا تفهمون الشيء إلا إذا كان مجسدا أمامكم، فأجهزة التخيل إذا كانت موجودة أصلا عندكم فهي معطلة إلى أجل مسمى··
قلت لك أنا مثل جهاز التلفاز الذي لا يرى إلا الأبيض والأسود، فالشيء عندي إما هذا أو ذاك، وما عدا ذلك مجرد هلوسة وتخريف·
أعود إلى مضجعي متعبا·· الغرفة باللونين، الأبيض والأسود·· أمام الطاولة المحاذية للسرير، الذي يحوي جسدي الغض، مجلات وجرائد سوداء وبيضاء، مع أنه مكتوب على بعضها: ''مجلة ملونة''، ربما أخطاء مطبعية، وربما هو الكذب، فالكذب صار من ثوابت وسائل الإعلام بمختلف أنواعها واتجاهاتها·
الأفق يضيق أمام مقلتي، ورأسي يثقل، وجهاز التخيل يزيد في الاشتغال كأنه آلة تدير زر اشتغالها في الاتجاه الموجب، وصورة المعلم الذي درست عنده في سنواتي التعليمية الأولى تظهر أمامي واضحة·· تقترب مني، ثم تبتعد مرفقة بضحكات هستيرية منبعثة من القاعة، والمعلم يلوح بعصاه التي تشبه عصى الراعي الذي أصادفه في طريقي إلى المدرسة·
- ما لون قطعة الطبشور هذه؟
- سوداء·
موجة الضحكات تنبعث من أرجاء القسم، ووجه المعلم يسود: يرفع عصاه إلى أقصى ما يستطيع مشكلا مع الشاقول زاوية منفرجة، وفي لحظة يخفضها على جسدي الصغير كأنما ألقى عليّ كوكب الأرض بأكمله، وفجأة أعود إلى رشدي، فأجد نفسي في سريري القديم المعزول عن باقي البشر، وإن رأسي يزداد ثقلا··
أحس كأن السرير تحتي يتلوى، وأكاد أسقط أرضا وجهاز الذكريات يعود إلى الاشتغال بقوة، وصورة المعلم تعود من جديد حاملا هذه المرة عصاه في يده اليمنى، وعلبة الأقلام الملونة في يده اليسرى، واضعا هذه الأخيرة على طاولتي:
- ما هذه؟
- علبة أقلام·
- أقلام ملونة يا حمار، ما لون هذا القلم؟
- (بعد تفكير)·· أسود·
- بل أخضر يا أحمق·
وأحس ثقل العصا يقع على جسدي·· أسقط على البلاط سامعا قهقهات منبعثة من أرجاء القسم·
يوم جديد يضاف إلى أيامي التي لا تعد·· الجو بين الأبيض والأسود كما العادة، ولا شغل لي اليوم·· ترى أين أذهب؟·· وأن أقتل وقتي هذا الذي لا ينتهي·· وفكرة تخترق تلافيفي المخية قائلة لي:
- اذهب إلى الحديقة·· الساعة العاشرة إلا قليلا·· فأنا لا أنهض باكرا كالعادة، ألقي بكامل ثقل جسمي المنهك على الكرسي الحجري·· أرفع هامتي إلى الفضاء الداكن مفكرا في الأيام، وأعمالها، ثم أعتدل في جلستي ملاحظا غادة هيفاء على الكرسي المقابل مبتسمة رافعة في يدها اليسرى وردة·· لوحت لها بيدي·· لوحت·· ابتسمت·· ابتسمت·
تيار مغناطيسي قوي جدا يجذبني نحوها·· رفعت جسدي المنهك من الكرسي الحجري متجها نحوها دون أن أدري·
- صباح الخير·
- صباح النور·
رفعت يدها مقدمة لي الوردة·
- ما هذا؟
- وردة حمراء رمز ال···
- لكنها سوداء·
رفعت يدها بكل قواها وضربت بها وجهي قائلة:
- أتسخر مني؟ ·· أحمق·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.