عندما تتأرجح بين سماء صافية تبدد بعض جوانبها الغيوم الملتفة التي تأتي متأبطة ثمة برد قارس، وبين أرض خضراء تلتف حول عرائش البنايات التي تمد كلتا يداها لتصافح الماضي دون أن تنسى التطلع إلى المستقبل القادم محمولا على أكف أشعة الغد الواعد·· عند تأرجحك في صهوة ''التليفريك'' مسافراً في المدى الممتد بين تلة ''لالا ستي'' حيث يرابض ''الماريوت'' بتحفته المعمارية وطرازه المغاربي الأصيل، وبين ''الترمينال'' حيث يتوسط قلب تلك المدينة الآسرة، ستكتشف كيف ولماذا أمعن عشاقها على تسميتها درة ''المغرب الكبير''·· إنها ''تلمسان يا صديقي''·· مدينة تسكن الغيم، تلتحف كل أردية التاريخ بإمعان فريد على التشبث بالماضي الحضاري الذي يستشرف القادمات من الأيام، دون أن يقع في خطيئة ''القطيعة'' المفترضة مع ''إشراقات'' الحضارة الإنسانية التي رسخت معالمها في هذه المدينة العريقة التي لا تزال تحتفظ برونق التاريخ وشواهده القائمة دون أن تكون ''ماضوية'' الفكر والممارسة والطابع· أينما وليت وجهك ستجد المعمار شاهداً منتصباً كالطود، حيث البنايات الشاهقة التي تزاوج بين الإمتداد الحضاري وبين الإنتماء للغد·· الغد الذي يداعب أسقف الأمنيات المشرعة على نوافذ الجمال، ولأن ''البيت غالبا ما يشبه سكانه'' فإن لأهل هذه المدينة نصيب من روعة المعنى، وتفاصيل الأقواس المفتوحة في وجه كل بيت ومبنى· ''تميمة ولازمة'' ستداعب سمعك من كل حدب وقارعة ''مرحبا بيك''، العبارة المفتاح التي تمد شراعها لتسافر بك بين أحضان المدينة وطقوسها الفريدة، حينها لن تقوى إلا أن تكون جزءا من تفاصيل المكان بذاكرته الباذخة والممتدة إلى ما شاء الله لها أن تمتد· وحينها ستدرك كيف لذاكرة المكان قدرة هائلة في نسج خيوط التواصل المديد، في جوٍ من عناق لا يشبه إلا ذاته الزاخر بالتعدد، ستستعيد حتماً تواريخ الأندلس، وكيف أن سقوط ''غرناطة'' الذي يمثل ''نكسة'' حقيقية لمسيرة أمبراطورية ''بالمعنى التاريخي'' -تفتت على وقع عوامل ذاتية وخارجية - أدى إلى نزوح أهلها نحو ''الوطن الجديد'' الذي تشكل في الضفة الجنوبية للمتوسط، حاملين كل عناصر الحضارة التي لم تنهار إلا في ذاكرتها المادية، فيما نهضت ''قيمها'' الحضارية هنا من جديد، في تلمسان وأخواتها المغاربيات· كان قدر هذه المدينة أن تلملم الجراح المثخنة، وأن تعيد ما انفرط من عقد ''المسبحة''·· تعيد نسج الخيوط من جديد وتحفل بالقادمين من رحم المأساة، بكل ما يحملونه من تعدد إنساني وحضاري وتاريخي· لذلك ربما لم يكن غريباً أن تظفر هذه المدينة بصفة ''عاصمة للثقافة الإسلامية'' للعام الجاري، وإن كان الأثر سيمتد لتواريخ قادمة، بما أرسته هذه التظاهرة من تقاليد وأنشطة ثقافية وفنية خلال احتفائها بهذا العرس الثقافي الفريد، وما تطلبه ذلك من مشاركة واسعة من قبل الدول الإسلامية بكل ما تحمله من مخزون حضاري ثري، عطفاً عن الهياكل القاعدية الضخمة التي أقيمت بهذه المناسبة من مسارح ومركبات ثقافية وفنية كبرى تقف عصية على الزمن المنتمي لعصور المسخ· مشاوير التاريخ على ''قلعة المشوَر'' كزهرة ''التوت'' حيث تبدأ كل الخيوط ''مشاويرها'' من نقطة محددة وتنتهي فيها، تقف قلعة ''المشوَر'' في وجه التحوّلات العميقة التي عرفتها المنطقة، في بقعة هي قلب المدينة تقف شاهداً على عصور ''الزيانيين''، قلعة عصية على حملات النسيان·· في قارعة الطرق الموازية تفترش المقاهي أرائكها لتغوي المارين بإستراحة مستحقة، فيما تنتصب مديرية الثقافة في وجه ''القصر الزياني'' ندلف نحو وجهتنا الباذخة بعبق التاريخ لنقف أمام قصر لا يختلف كثيراً عن تلك المشاهد المسترقة من ''تواريخ العرب في الأندلس'' في عز تمكنهم ورقيهم الحضاري· بركة ماء ونافورة تزين القصر، تكحل عيون ساكنيه القدامى وزواره الجدد، فيما تمتد الأقواس والردهات على امتداد القصر محروسة بشواهد الرجال الشداد في صومعاتهم العالية التي تسد عيون الشمس· من ردهة موازية غير منفصلة عن حدائق القصر ندلف في مبنى تابع لمديرية الثقافة، حيث مكتب ''مدير الثقافة'' لولاية تلمسان، مولود حكيم، الرجل الباذخ الكلمة، لم أشك لحظة أنه شاعر فذ، ليس في نحت قصيدة فريدة، بل في خلق فنون التواصل -ككل التلمسانيين، يحدثنا عما تعنيه ''التظاهرة'' لتلمسانالمدينة والإنسان، ولعل من أهم ما تمخض حوارنا معه، هو تأكيده أن هذه التظاهرة لم تساهم في بناء هاكيل قاعدية لقطاع الثقافة فحسب، بل خلقت تقاليد جديدة في وجدان التلمسانيين الذين أصبحت يومياتهم مرتبطة بل ومؤسِسة على وقع الأنشطة الثقافية التي تضمنها التظاهرة في كل يوم منذ انطلاقها في أفريل الماضي·· لقد أصبحت جزءا من ثقافتهم اليومية يقول -حكيم - قبل أن يضيف إنه كمدير ثقافة للولاية لم يعد مسكوناً بالفعاليات الراهنة فحسب، بل أن ما يؤرقه الآن يتعلق بما بعد التظاهرة، حيث يتصور أن ما ينبغي إيلاءه الأهمية المستحقة الآن هو كيفية ضمان صيرورة هذه الفعاليات بعد أفريل القادم، حيث تنفض ''التظاهرة''، بينما تبقى الضرورة قائمة لاستمرار هذه السياسة الثقافية الطموحة، عبر ابتكار وسائل جديدة ومتجددة تتجاوز المنطق المناسباتي للأنشطة، سيما وأن هناك ميزانيات وفيرة، مخصصة للقطاع الثقافي خلال السنوات القادمة، في ظل توافر تلمسان على الهياكل الكبرى التي لا تنقصها السياسات الطموحة للارتقاء بالهم الثقافي والفني· وعن مشاركات الدول العربية والإسلامية في فعاليات التظاهرة، يقول حكيم - الذي يتقلد أيضا منصب نائب المنسق العام للتظاهرة - أن ما يميز طبعة تلمسان أنها أعطت الفرصة لكل الدول الراغبة في المشاركة، ولم تقتصر على الدول الإسلامية، بل شرعت المجال حتى للدول غير الإسلامية التي تتميز باستضافة الجاليات الإسلامية كما هو الحال بالنسبة لعدد من الدول الأوربية، كروسيا وبلونيا وفرنسا، ودول آسيوية كالصين، مما جعل البرامج -حسبه- تتميز بالثراء والتعدد· هنا خلية النحل نحو مبنى متواضع ذو طابقين يقودني جليل، هذا الرجل المختلف في الحيوية والنشاط، لأكتشف أننا في ''خلية النحل'' التي يعمل منتسبوها بإتقان ومثابرة فريدين، يحسدون عليها·· عشرات الموظفين منكبين على السير الحسن للأنشطة تغلب عليهم فئات الشباب، وفي الطابق العلوي يركن مكتب عبد الحميد بن بليدية، نجده قابعاً خلف جهاز الحاسوب يعد تقريرا ما، أو يضبط ساعة جهازه على عقارب النشاطات القادمة، بالكاد يشعر بوجودنا، قبل أن يعتذر على ذلك سريعا ويندمج معنا في حوار غير مرتب مسبقاً، وعلى غير عادة المسؤولين يبادر بالسؤال عن إقامتنا وتقييمنا للنشاطات! وبرشاقة الفنان يتحدث الرجل عن تفاصيل دقيقة حول ''أنماط الموسيقى الأندلسية'' التي تميز تلمسانوالجزائر العاصمة وقسنطينة وكيف أن تلك الموسيقى المنحدرة من قصور الأندلس وجدت موطئ ''وتر'' هنا، قبل أن يردد على أسماعنا ''كوبليهات'' أندلسية تمثل تقاطعاً بين المنشأ والمرفئ· ملتقطاً خيطاً رفيعاً بين مقاطع الغناء الأندلسي والنشيد الوطني الإسباني·· ليبدد بذلك أجواء الحوار الصحفي لصالح الدردشة الفنية والثقافية· ورغم أن كل الأجواء كانت تشي بروح الفنان الذي يسكن المسؤول، لم يترك الرجل مسافة محايدة ليثبت أن ''الفوضى'' وحدها التي تصنع القطيعة مع تلك الروح، حيث بدا دقيقا ومنضبطاً في أدائه التقني والإداري، ومتابعته اللصيقة للتفاصيل، خلافاً لعادة الفنانين الذين غالباً ما يتميزون بالفوضى الخلاقة - إن صح الوصف - حيث يقف بنوع من التفصيل لحصر الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية منذ الشروع في الإعداد للتظاهرة، وأهمها المرافق الهيكلية المستضيفة للنشاط، منها بناء قصر الثقافة الجديد الذي يتميز بطابعه المعماري الأندلسي، ومسرح الهواء الطلق الذي يسع لأكثر من ألفين مشاهد، وقصر المعارض، ومكتبات جهوية، ومركز البحث الأندلسي، فضلاً عن إعادة ترميم قصر ''المشوَر''، ومتحف تلمسان للفنون الحديثة، ومسجد سيدي الحسن ومعالم أثرية أخرى· وجميع تلك الإنجازات تحققت بفضل تأهيل وتكوين عشرات الشباب، الذين سيعتمد عليهم قطاع الثقافة في مشاريع قادمة· ليس هذا فحسب، يقول بن بليدية، بل إن هناك أنشطة موازية تستفيد منها الولاية في المرحلة المقبلة والمتمثلة في تنشيط قطاع السياحة، في شقيها الداخلي والخارجي، حيث أضحت تلمسان تتمتع ببنى تحتية مناسبة لذلك، وعلى رأسها إقامة عدد من الفنادق ذات الخمسة نجوم· أباغته بسؤال افتراضي ''بعد عاصمة الثقافة العربية، والمهرجان الثقافي الإفريقي، ثم عاصمة الثقافة الإسلامية'' ماذا بعد؟! يقهقه بكامل صوته قبل أن يجيب ''طالما هناك مشروع وميزانية لقطاع الثقافة هناك برامج وتظاهرات قادمة''، ويضيف ''مبدئياً هناك مشروع للإحتفاء بخمسينية الإستقلال في جويلية ,2012 إلا أن مشاريعنا لن تنتهي عند هذه المناسبة أو تلك، حيث نسعى لنشاط ثقافي مستدام يتجاوز التظاهرات الموسمية وينتمي لصيرورة حقيقية لمسيرة الثقافة في بلادنا''· ذاكرة على امتداد الرصيف لا يمكن الحديث عن أي مكان دون دغدغة ''ذاكرته''، التي تتمثل غالباً في الشواهد المادية القائمة أو تلك الكامنة في القيم وأنماط الفنون والثقافة وكل ما يتعلق بالذاكرة الجمعية التي تشكلت عبر العصور المتتالية، وما أنتجته من أنماط السلوك وما خلفته من شواهد· لذلك فإن ترشيح ولاية تلمسان وحاضرتها لتبوء لقب ''عاصمة الثقافة الإسلامية'' لم يخل من استنهاض تلك المعالم والشواهد، الأمر الذي يعيد شرعية السؤال حول دلالة الإختيار· وهو السؤال الذي يجيب عليه مولود حكيم بالقول: ''هذه الولاية وحاضرتها بشكل خاص تمتلك تراثاً مادياً وآخر غير مادي يجعلها في صدارة الحواضر الجزائرية، سيما فيما يتعلق بمعالم الثقافة الإسلامية، بمختلف أشكالها وأنماطها المختلفة والمتعددة''· وهو أمر لا تخطئه العين المجردة، عطفاً عن تلك المتخصصة في تقفي الآثار، وارتياد آفاق التاريخ، بشقيه المادي وغير المادي، حيث يرى الصحفي والباحث في الآثار، سعيد تريعة، ''أن ولاية تلمسان تحتفظ بما يقدر بحوالي 70% من الشواهد من مجموع الآثار الإسلامية المسجلة بالجزائر'' وهو ما يؤهلها -حسب تقديره- أن تتبوأ موقعا مميزاً في صدارة المدن الجزائرية التي تنفض الأتربة عن معالمها الحضارية، مشيراً إلى عدد من الشواهد التاريخية ك ''قصر المشوَر''، وضريح ''سيدي بومدين''، و''منارة ''المنصورة''، وعدد من القلاع الإسلامية التي شيدت أثناء وبعد سقوط الأندلس·· فضلاً عن الآثار التي سبقت العهد الإسلامي، والمتعلقة بالعهد الأمازيغي الذي استوحت المدينة إسمها منه ''تلم ثان''، التي تعني ''التئام إثنين'' في إشارة إلى ازدواجية التضاريس والأجواء في هذه المنطقة· ''المنصورة'' تغازل الشواهد تعد صومعة مسجد المنصورة أحد المعالم الأساسية بمدينة تلمسان، حيث لا يمكن تصور الحديث عن معالم هذه المدينة دون أن يستدعي ذلك الوقوف عند هذه المنارة الشامخة التي بناها المرينيون أثناء حصار عاصمة الزيانيين (1307-1299)· وتمثل هذه المنطقة اليوم إحدى الدوائر التي تتشكل منها مدينة تلمسان المعاصرة، وتتكون هذه الدائرة ''المنصورة'' من أربع بلديات هي بلدية منصورة، بلدية تيرني بني هديل، بلدية عين غرابة، بلدية بني مستار·· بينما تقف المنارة بينهما شامخة ومستدعية الماضي الحضاري لهذه المنطقة· وإذا كانت ''المنصورة'' تتوسط المدينة المعاصرة، فإن هناك على تلة تتوسد الغيم، شواهد أخرى تضيف الكثير لمكنونات هذه المدينة الزاخرة بعوالم ثرية من تاريخ الأسلاف·· ففي رحلة يكتنفها الكثير من الإلتواءات الجبلية صعدنا نحو تلك ''التلة الشاهقة''، حيث تركن ''مغارة بني عاد'' تلك التحفة الطبيعية التي اكتشفها ''الأمازيغ في القرن الأول أو الثاني قبل الميلاد حسب اختلاف الروايات، ليتخذوا منها مسكنا آمنا لهم وقصورا لملوكهم وزعمائهم''· ولعل ليس من المبالغة في شيء، إذ نقول إن عوالم هذه المغارة أقرب ما يكون إلى العوالم الفانتازية منه إلى الواقع، أو كما لو كنت في سفرٍ عبر الزمن ''عبر التاريخ اللامحدود''·· وإذا ما قدِر لك أن تلتقي ب ''المرشد السياحي'' لهذه المغارة الأستاذ ابراهيم، فإن السفر سيكتسي بعداً جديداً ليبدو أنه ''سفر في التاريخ والخيال''، حيث أن هذا الرجل وحده قادر على كسر أغوار الكثير من الرموز والأشكال وتركيب البعض الآخر في بعضها ليخرج المشهد بتشكلات واقعية أو شبه واقعية· بالطبع هذا إلى جانب إعطاء شرحاً وافياً حول المعطيات العلمية والتاريخية للمغارة ومكوناتها الطبيعية·· وعلى مدى يقارب ال ''كيلو متر'' من السير سترافقك ''شروحات وتهيؤات'' هذا الرجل المبدع في لغته وفي عشقه لسحر المكان، وحتماً ستحتفظ بهذه الطريقة المميزة في شحن الزائر بالجمال، ولن تغب عنك بعدها تلك المعلومات الوفيرة من قبيل أنك في موقع يمتد على عمق 57 مترا وبدرجة حرارة ثابتة طول العام تقف عند 13 درجة! لكن، وبالرغم من كل تلك العوالم الرائعة التي تتيحها أمامك ''مغارة بني عاد'' التاريخية التي تصنف ضمن 5 مغارات كبرى في العالم -حسب المرشد السياحي- فإن ما سيلفت نظرك حتماً أن جميع الإنشاءات التي أقيمت داخل المغارة، من قبل الجهات المختصة من أجل تذليل صعوبة تحرك الزوار داخلها، لم تكن مناسبة لتلك العوالم والزوايا·· فالسلالم الإسمنتية التي شيدت لذلك تبدو كما لو كانت معدة لمبنى سكني، ''والدرابزينات'' الموزاية أيضا لا توحي بأي بعد تاريخي وجمالي يتناسب ومشاهد المغارة! مما يعني أن تلك الجهة التي قامت بعمليات تجسير الطرق والمسالك داخل المغارة لم تول أي أهمية تذكر للمخيال الجمالي والإبداعي في عملها· ''سيدي بومدين'' جيتك قاصد في ''عاصمة الزيانيين'' كل شيء يبدأ وينتهي عند أولياء الله الصالحين، بدءا بأوراد وذكر الصباح والمساء وليس نهاية بأنغام الموسيقى التي تتغنى بورعهم وإماراتهم المباركة، فضلا عن علمهم الباقي أثراً لحياتهم الحافلة·· ولعل أحد أهم هؤلاء هو ولي الله الصالح ''أبو مدين شعيب الإشبيلي'' الذي يعد أحد أقطاب الحركة الصوفية في القرن الثاني عشر، الذي ولد بإشبيليا بالأندلس سنة 509 هجرية، وتعلم في فاس بالمغرب، ثم انتقل إلى الجزائر وتحديداً مدينة (بجاية) قبل أن تفيض روحه إلى باريها في مدينة العبَّاد بتلمسان· هكذا شُرفت تلمسان باحتضان هذا ''الولي الصالح'' ليرتبط اسمها بمآثره، وليحتل اسمه قائمة شواهدها، فهنا ضريحه الذي يعد تحفة معمارية أندلسية فريدة، الذي شيده ''المرينيون'' تكريما له، و يحوي بالإضافة إلى قبره مسجداً وداراً للعلم الفقهي (التفسير، والحديث والعلوم الدينية الأخرى)، فضلاً عن مساحات مستطيلة تتوسطه نافورة ماء وتحيط بجنباته أروقة تشكل في الجهتين الغربية والشرقية امتدادا لبلاطات قاعة الصلاة· وإذا كان هذا الضريح يربط التلمسانيين بذكرى هذا الولي الذي خصهم ب ''رقدته الأخيرة''، فإن ل ''سيدي بومدين'' حضوراً لافتاً حتى في أهازيجهم وأغنياتهم الأثيرة، من قبيل ''سيدي بومدين جيتك قاصد·· أجيني في المنام نبرا''، التي تعود إلى الشاعر الملحون، السعيد المنداسي·· وغيرها من الأغنيات والمدائح الدينية التي تتغنى بخصاله ·