في الوقت الذي شرعت فيه وزارة الداخلية والجماعات المحلية في رقمنة أرشيف الحالة المدنية، لا تزال معظم بلديات ولاية بومرداس تعاني جراء اهتراء سجلات الحالة المدنية التي كثيرا ما تؤدي إلى نشوب مناوشات بين المواطنين وأعوان الحالة المدنية، فيما تعرّضت أخرى إلى تلف نتيجة تعرّض أرشيف الحالة المدنية إلى عملية تخريب إرهابية مثلما هو الحال ببلدية أولاد عيسى التابعة لدائرة الناصرية الواقعة شرق عاصمة الولاية· أكد عدد من مسؤولي مصلحة الحالة المدنية لولاية بومرداس، أنهم يدخلون في مناوشات يومية مع المواطنين الذين يقصدون المصلحة لاستخراج شهادة ميلادهم الأصلية، حيث يتفاجأ البعض بغياب الصفحة الخاصة بمعلوماتهم في السجلات الأصلية للحالة المدنية، فيما يجد في البعض الآخر الأعوان المكلفين بتحرير شهادة الميلاد عدم تمكنهم من قراءة المعلومات المدونة في السجل بسبب التلف الذي أصابها، مما جعلهم ينتقلون يوميا إلى مجلس قضاء بومرداس لتفقد النسخة الأصلية الثانية ونسخها، وأضاف مسؤولو الحالة المدنية، إنه تم إعادة إنشاء عدد منها· وإذا كان هذا وضع أغلب البلديات، فإن الأمر يختلف تماما مع البلديات التي تعرّضت لأعمال إرهابية على غرار دلس وبلدية أولاد عيسى، حيث أكد رئيس بلدية هذه الأخيرة أن البلدية أتلف أرشيفها بالكامل بعد إقدام جماعات إرهابية سنة 1995 على تخريبها وحرق أرشيفها، وهو ما جعل البلدية -حسبه- في مأزق مع المواطنين الذين يطالبون بشهادة ميلادهم ووثائقهم، لدرجة -يقول محدثونا- إن أعوان الحالة المدنية يجدون صعوبة في إقناع المواطن بعدم وجود سجله، مؤكدا أن كل الإجراءات القانونية اتخذت في هذا الشأن لإعادة إنشاء السجلات المتلفة التي تعود إلى سنة ,1957 رغم الصعوبات التي واجهتهم في ذلك، مشيرا إلى أنه تم نشر إعلانات في جميع بلديات الولاية وبعض بلديات ولايتي تيزي وزو والجزائر، لإعلام المواطنين بتلف سجلاتهم وتقربهم من البلدية في حال امتلاكهم نسخ من شهادات الميلاد استلموها قبل عملية التخريب، مؤكدا أن البلدية أضحت في رحلة بحث عن أرشيفها بين مجلس قضاء بومرداس وتيزي وزو، وكذا مديرية التنظيم والشؤون العامة للحصول على النسخة الثانية للسجلات، إلا أن العديد منها لا يزال مفقودا· وما زاد الطينة بلة -حسب محدثنا - طلب شهادة الميلاد الأصلية رقم ''12 أس''، المطلوبة لاستخراج جواز السفر، حيث يواجه أعوان الحالة المدنية صعوبات جمة مع طالبي هذه الشهادة، غالبا ما تنتهي بمناوشات حادة بينهما، قبل أن يتدخل مسؤولو البلدية لإقناع المواطن بحقيقة الوضع، الذي غالبا ما لا يقتنع بأمر الواقع، وكل ما يهمه حصوله على وثائقه المطلوبة· وأشار المسؤول ذاته إلى أنه تم إعادة إنشاء 1870 عقد ميلاد أتلف منذ سنة 1957 إلى غاية ,1995 فيما أتلف سجل ميلاد سنة 1995 بنسختيه، وتم إعادة إنشائه· وفيما يتعلق بسجلات الوفاة خلال الفترة نفسها، فقد تم إعادة إنشاء 648 عقد سجلات الزواج، وكذا إعادة إنشاء 585 عقد، مؤكدا أن أرشيف سجلات سنة 1995 تعرض للحرق وأتلفت السجلات بنسختيها· وعن السجلات المتلفة بنسختيها، التي لم يتم إعادة إنشائها، قال المسؤول الأول عن بلدية أولاد عيسى، إنه لم يتم العثور على النسخة الثانية لسجل ميلاد سنة ,1963 الذي يحتوي على 142 عقد وسجل ميلاد بحكم 30 مارس ,1963 الذي يحتوي على نفس عدد العقود لدى المجالس القضائية المختصة إقليميا، حيث تم تكليف لجنة خاصة لإعادة إنشاء السجلات المتلفة بنسختيها، مشيرا إلى أنه تم الحصول على 100 عقد من سجلات ميلاد 1963 و4 عقود من سجلات حكم 30 مارس من السنة نفسها، موضحا أن العديد من السجلات التي تم إعادة إنشائها تعرّضت لشبه تلف نتيجة الاستعمالات المتكررة لها، مشيدا بأهمية رقمنة مصلحة الحالة المدنية للقضاء على المشكل الذي يعترض المواطن والعون المكلف بتحرير وثائق الحالة المدنية. أكثر من 292 ألف أرشيف للحالة المدنية ببرج منايل بلدية برج منايل، التي تعتبر من أكبر بلديات ولاية بومرداس، تشهد مصلحة الحالة المدنية بها العديد من المناوشات يوميا بسبب كثرة الوافدين عليها لاستخراج وثائق الحالة المدنية من جهة، والصعوبات التي تواجه أعوان الحالة المدنية للتكفل بجميع طلبات المواطنين الذين يقصدون المصلحة من مختلف ولايات الوطن، وقد أكد عدد من المواطنين، تحدثت إليهم االجزائر نيوزا بمصلحة الحالة المدنية لبرج منايل، أنهم شاهدوا مناوشات حادة وقعت بين العون المكلف بتحرير وثائق الحالة المدنية، وطالبي هذه الوثائق، بعدما تفاجأ هذا الأخير بعدم إمكانية حصوله على وثائقه المطلوبة بسبب التلف الذي أصاب السجل، مؤكدين أن حالات أخرى مماثلة تشهدها المصلحة التي تعرف اكتظاظا كبيرا بسبب ضيق المصلحة وكثرة الوافدين عليها· من جهته، أرجع كل من نائب رئيس البلدية ورئيس مصلحة الحالة المدنية سبب الاكتظاظ اليومي إلى العدد الكبير للمواطنين المولودين بالبلدية، لتوفرها على مستشفى وعيادات خاصة، مشيرين إلى أن البلدية تحتوي على 292598 عقد حالة مدنية منذ تاريخ إنشاء بلدية برج منايل الذي يعود إلى سنة .1876 ووصف رئيس الحالة المدنية عدد العقود بالكبير ويصعب التعامل مع المواطنين دون حدوث مناوشات، مؤكدا فيما يتعلق بالسجلات التي أصابها التلف، أن صاحب الطلب يطلب منه العون مهلة يوم حتى يتم الرجوع إلى النسخة الثانية بمجلس قضاء بومرداس لنسخها، وبالتالي تحرير الوثائق، مشيرا إلى أن حالات عدة تم معالجتها بهذا الشكل، معترفا بتعرض السجلات إلى التلف نتيجة كثرة استعمالاتها مثلما هو الحال لسجلات سنوات الثمانينيات والتسعينيات، التي يطلب مواليدها شهاداتهم الميلادية بصورة كبيرة، أو السجلات القديمة من القرون الماضية التي تتلف بسبب الرطوبة التي تعرفها وتكدسها في الخزينة، وكذا نوعية الورق المستعمل في السجلات الذي هو سريع التلف· وأشار محدثنا إلى أنه تم إعادة تجديد العديد من السجلات التي أصابها التلف، وأغلبها تعود لسنوات الثمانينيات والتسعينيات، مؤكدا أن الوضع ليس سهلا بالنسبة لبلدية برج منايل التي تحتوي على 435 سجل خاص بالولادات، أكثر من 110 سجل زواج وأزيد من 155 سجل خاص بالوفيات، مضيفا إن البلدية تنتظر إشارة من الجهات الوصية لرقمنة أرشيف الحالة المدنية، للقضاء على هذا المشكل بصفة نهائية، في ظل وجود مشاريع توسيع مصلحة الحالة المدنية بمقر البلدية وفتح فروع أخرى بكل من قرية عين الحمراء، تيزي نعلي نسليمان، بوصباع، شاليهات تامشماشت، شاليهات بي سي أر، القرية الفلاحية، بالإضافة إلى برمجة أخرى بكل من حيي لاكابير والغيشاء. وأكد محدثونا أن الصعوبة التي تواجهها المصلحة يكون مع الدخول الاجتماعي، وكذا مشاريع الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، حيث يقصد المصلحة آلاف الشباب لاستخراج وثائق الحالة المدنية، وغالبا ما تنتهي بمناوشات حادة وإقدام البعض على إيداع شكاوى لدى وكيل الجمهورية بمحكمة برج منايل ضد أعوان الحالة المدنية الذين يتم استدعاؤهم من طرف العدالة.