موجة البرد التي تحاصر حوالي ثلاثين ولاية من ولاية البلاد، التي من المنتظر أن تصاحبها موجة أخرى تستمر إلى منتصف الأسبوع، وإن لم تحرك المسؤولين الذين التزموا إزاءها الصمت، فإنها تعزل قرى ومدن نائية كاملة، ومن شأنها أن تؤدي إلى كوارث، إلى درجة أن بعض الموتى لم يتمكن ذووهم من دفنهم بسبب تعذر السير نحو المقابر الموجودة في أماكن من المستحيل الوصول إليها في ظل هذه الظروف· وإن كان الحصول على بعض المواد الغذائية والوقود صعبا على بعض الناس واضطر بعضهم إلى ''قطع الطريق'' على الشاحنات من أجل الحصول على قارورات غاز، فإن الأمر الأخطر هو الحالة التي يوجد عليها المرضى المزمنون في تلك المناطق· ولا يتعلق الأمر بندرة الأدوية، ففي عواصمالولايات (على غرار ولاية تيزي وزو مثلا) والمدن الكبرى هناك لا مخازن للطوارئ تكفي مدة شهر ونصف، وهي تتجدد باستمرار، وبدأ العمل بها منتصف تسعينيات القرن الماضي، زمن الأزمة الدموية التي عانت منها البلاد، لكن المشكلة تكمن عند المرضى المزمنين في القرى والمدن الصغيرة النائية، وعادة ما ينقطع التيار الكهربائي في تلك المناطق وحتى مولدات الكهرباء تصبح غير مجدية بسبب غياب المازوت، والأمر نفسه يتعلق بسيارات الإسعاف مع غياب الوقود إذا افترضنا أن تلك المناطق ليست معزولة· ويجد أصحاب الحالة الاستعجالية التي تستدعي النقل إلى المستشفيات الجامعية في عواصمالولايات أنفسهم محاصرين بالثلوج والأمراض التي قد تأتي عليهم· إنها الحالات التي تتكرر في أكثر من منطقة، ويزداد الأمر سوءا إذا عرفنا أن ثلث عدد المرضى على المستوى الوطني لم يتمكنوا من إجراء عمليات المعاينة الطبية الروتينة· وهناك جانب آخر من المشكلة يتمثل في أن أعدادا معتبرة من الأطباء والعاملين في القطاع الصحي عموما لم يتمكنوا من الالتحاق بمناصب عملهم بسبب إقامتهم في مناطق نائية، ومعنى هذا أن مرضى عواصمالولايات في حد ذاتها مسها الخطر· إنها الكارثة التي راح ضحيتها الكثير من المرضى دون أن يفتح تحقيق في الموضوع من أجل تحديد المسؤوليات، وإن استمر الأمر أياما أخرى، فإن المزيد من أصحاب الأمراض المزمنة يهددهم الموت·