بلغت ندرة الأدوية عبر مختلف الصيدليات بالوطن حدا لا يطاق، بعد أن عجز أولياء أطفال مصابون بمرض ''ميكوفيسيدوز'' القاتل العثور عن دواء ''كريون'' الذي يخفف عنهم الآلام، فيما أصبحت مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى الضربان بعنابة توزّع الأقراص على المرضى في قصاصات ورقية بسبب قلّتها وانعدامها. تلقّى وزير الصحة مؤخرا نداء من أولياء يهدد الموت أطفالهم المصابين بمرض ''ميكوفيسيدوز'' القاتل بسبب اختفاء ''غير مبرر'' لدواء ''كريون'' الذي يساعد على تخفيف الآلام الناتجة عن التهابات حادة تصيب البنكرياس والرئتين، حيث تعرقل عملية التنفس وتصيب المريض بإسهال مزمن لا يتوقف إلا بتناول هذا الدواء. وإذا كانت مختلف النداءات التي وجهتها النقابة إلى وزارة الصحة والحكومة للتدخل وفرض هيبة الدولة، من خلال مواجهة مافيا الدواء وإلزامها باحترام مختلف النصوص القانونية التي تسيّر قطاع الدواء عندنا لم تجد أي نفع، رغم أن الأمر تجاوز مرحلة الخطورة باعتباره يؤثر مباشرة على صحة المواطن الذي يحميها الدستور، فإن الانقطاع مس هذه المرة دواء تتوقف على تناوله أرواح أطفال مصابين بمرض وراثي خطير جدا هو ''ميكوفيسيدوز''. وفي هذا الإطار بالذات، علمت ''الخبر'' من مصادر مسؤولة بأن وزير الصحة تلقى منذ يومين مراسلة من أولياء يناشدونه فيها التدخل لإنقاذ حياة أطفالهم المصابين بهذا المرض. وجاء في مضمون النداء بأن كبسولات ''كريون'' الذي تصنّعه مخابر ''صولفي فارما'' الفرنسية، اختفى فجأة من الصيدليات منذ حوالي ستة أشهر، دون سابق إنذار. غير أن مصادرنا أكدت أن المخابر المنتجة ليست مسؤولة عن انقطاع التموين بالدواء، حيث أكدت تحقيقات أولية بأن المخبرين المستوردين لدواء ''كريون'' رفضا استيراده لأسباب مجهولة، بعد أن التزموا مع وزارة الصحة في دفتر أعباء بذلك. وطالب أولياء المرضى، وزارة الصحة باستدعاء مسؤولي هذين المخبرين والتحقيق معهم في أسباب عدم تموين الصيدليات بالدواء، بالنظر إلى حساسية الفئة الموجّه لها، فالأمر يتعلق بأطفال حديثي الولادة وآخرون لا تتجاوز أعمارهم خمس أو ست سنوات، يعانون مشاكل خطيرة في التنفس بسبب خلل في تنقل الكلور عبر الخلايا، ما ينتج عنه تراكم المخاط في الرئتين والبنكرياس. وتتمثل أعراض المرض في إسهال مزمن يؤدي إلى جفاف الطفل من الماء، مما يعرض حياته إلى خطر الموت مما لم يتم إخضاعه للعلاج . وكانت وزارة الصحة قد تلقت في وقت سابق مراسلة تتضمن تحذيرات ''جدية'' من النقابة الوطنية للصيادلة الخواص لإيجاد حل جذري لمشكل ندرة الدواء، وفرض سيطرتها على السوق ومختلف متعامليه. أقراص في قصاصات ورقية بعنابة في عنابة انتقد مرضى الكبد الفيروسي الطريقة المعتمدة من طرف مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى الضربان، في عملية تموينهم بالأدوية الضرورية، حيث ذكروا أن هذه المصلحة تقدم لهم الأقراص في قصاصات ورقية عادية تنعدم بها أبسط الشروط الصحية اللازمة . وأكد هؤلاء المرضى في اتصال ب''الخبر'' على الوضعية الصحية الصعبة التي يعانون منها بسبب ندرة الأدوية الخاصة بهم. وأشاروا إلى أن هذه المعاناة تخص عنابة دون غيرها من الولايات الأخرى، وذكروا أن مصلحة الأمراض المعدية تزوّدهم بكمية قليلة من الأدوية، بعد أن تقوم بتوزيع محتوى العلبة الواحدة على مجموعة من المرضى، وأن الأشكال يكمن هنا في عدم احترام الشروط الصحية اللازمة، إذ تقدّم لهم أقراص غير مغلفة في قصاصات ورقية عرضة لمختلف أنواع الجراثيم. من جهته، اعتبر السيد بوعلاق عبد الحميد، رئيس الجمعية الوطنية لمرضى التهاب الكبد الفيروسي ''أن مسألة ندرة الأدوية الخاصة بهؤلاء المرضى بعنابة ''مفبركة''، خاصة إذا علمنا أن عملية توزيع الأدوية على هؤلاء المرضى بإمكانها أن تتم على دفعات، وأن المريض بإمكانه أن ينتظر دوره دون علاج لفترة من الزمن. وفي اتصال به، اعتبر البروفيسور لعور رئيس مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى الضربان، أن مسألة ندرة الأدوية تطرح على الصيدلية المركزية للمستشفيات، الوحيدة المسؤولة على توزيع الأدوية على المصالح الإستشفائية، وأضاف ''أنه بالنظر لغلاء سعر تلك الأدوية وندرتها عمدت المصلحة إلى توزيع الدواء على جميع المرضى، خاصة أن الرهان هو الوصول إلى معالجة المرضى المتواجدين في قائمة الانتظار لا غير''. مرضى الجنوب رهائن حتى إشعار آخر لا تتوفر صيدليات أغلب ولايات الجنوب على 30 عقارا ودواء لأمراض مزمنة أهمها الأعصاب وضغط الدم والقلب. ويعيش مرضى هذه الولايات هذه الوضعية منذ أكثر من عامين دون أن تتحقق الوفرة التي يتحدث عنها وزير الصحة. ويلجأ الميسورون من المرضى لطلب بعض الأدوية من صيدليات تستوردها بمبالغ خيالية من الخارج بواسطة البريد، ويتعلق الأمر بأدوية مصيرية تتعلق بمرض ضغط الدم والأعصاب والقلب. وعلى مدى 4 أشهر لم يحصل مرضى الأعصاب على عقار ''مودوبار'' الذي توقّف استيراده حسب بعض الصيادلة. ولا يتعلق الأمر بهذه الأدوية ذات الاستهلاك الواسع فقط، حيث امتدت الندرة إلى أكثر من 20 صنف دوائي وبعضها ضروري للغاية للحالات المرضية مثل أدوية النقاهة، وعلاجات الأمراض الجلدية ومرض الربو، وأثارت ندرة أدوية مرض ضغط الدم في الجنوب حالة من الغضب والاحتجاج لدى أقارب المرضى الذين أصبحوا عاجزين عن توفير مثل هذه الادوية لمرضاهم. كما تشهد عدة ولايات في الجنوب نقصا حادا وتذبذبا في لقاح الأطفال المخصص للأشهر الثالث والرابع والخامس في برنامج التلقيح الوطني. واشتكى مواطنون من دائرة عين صالح بولاية تمنراست من نقص شديد في هذا الدواء منذ أكثر من أسبوعين.