استقبلت الجزائر أكثر من مئات من اللاجئين الماليين، إلى غاية ليلة أول أمس، بمنطقة تيمياوين الحدودية 950 كلم جنوب ولاية أدرار، فيما يستمر توافد قوافل اللاجئين الماليين الفارين من جحيم الحرب، خاصة من مدن المالية ''ميناكا وتيساليت'' إلى الجزائر من مدن شمال مالي المتاخمة للحدود الجزائرية، أين يحتدم الصراع بين المتمردين الطوارق والجيش المالي· توقعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تكون الجزائر من أكبر بؤر توافد اللاجئين الماليين، فيما أحصت ذات اللجنة إلى غاية كتابة هذه الأسطر ما لا يقل عن خمسين ألف شخص لاجئ إلى البلدان المجاورة وإلى مخيمات في مالي· وقال الصليب الأحمر إن 30 ألف شخص على الأقل نزحوا من مالي ويقيمون في ظروف بائسة، وأكدت المفوضية العليا للاجئين للأمم المتحدة أن النيجر استضافت نحو عشرة آلاف لاجئ وموريتانيا تسعة ألاف وبوركينا ثمانية ألاف، بحسب الحكومة، في حين تستعد الجزائر لمواجهة نزوح كثيف من المهاجرين الطوارق· ونقلت الإذاعة الوطنية على لسان عميد الهلال الأحمر الجزائري ''نباش الجمعي''، عشية أول أمس، أن هيئته في حالة التأهب القصوى، من خلال لجنة خاصة تضم أزيد من 70 متطوعا، للتكفل باللاجئين الطوارق النازحين من شمال مالي إلى الحدود الجزائرية، بتوفير الرعاية الطبية، إلى جانب تقديم الأطعمة واللباس، سيما للأطفال والنساء· ولم تستثن لجنة الهلال الأحمر أولئك الذين لا يملكون أية بطاقة هوية، وذلك لأسباب إنسانية· وقال رئيس اللجنة الولائية للهلال الأحمر الجزائري بأدرار إن الهلال الأحمر الجزائري قام منذ أيام بتنصيب مخيم على مشارف مدينة تيمياوين ليستقبل 120 عائلة نازحة تضم 370 فردا· كما رفع حرس الحدود وقوات الجيش من مستوى تحركاتها على طول الحدود الجزائرية المالية، تحسبا لتسلل المتمردين أو حتى عبور الأسلحة التي يمكن أن تهدد أمن المنطقة· في الوقت نفسه تتواصل المعارك بين المتمردين الطوارق وجيش مالي المتناحرين، منذ منتصف جانفي، بشمال البلاد، ما أدى إلى نزوح الآلاف إلى البلدان المجاورة، فيما لم تلق دعوات التهدئة ووقف المعارك أي صدى من قبل الجانبين· وتشن مروحيات الجيش المالي، منذ الخميس الماضي، غارات على شمال شرق البلاد بين كيدال وابييبارا بهدف منع المتمردين من الزحف على كيدال، أكبر مدن المنطقة، حسب ما أفادت مصادر عسكرية مالية· في الوقت نفسه تشن الحركة الوطنية لتحرير أزواد وحركات تمرد أخرى بعناصرها المدججين بالسلاح العائدين من ليبيا، حيث قاتلوا في صفوف نظام معمر القذافي، هجوما واسعا في 17 جانفي لم يتوقف من حينها، وهاجمت تلك الحركات ما لا يقل عن خمس مدن بشمال شرق البلاد قرب الحدود الجزائرية والنيجيرية ''ميناكا وتيساليت واغيلهوك وانديرامبوكان وتينزاواتن'' واثنتين في الشمال الغربي عند الحدود الموريتانية ''ليري ونيافونكي''· وأسفرت المعارك عن سقوط العديد من القتلى من الجانبين من دون التمكن من تحديد حصيلة دقيقة لدى مصادر مستقلة وخصوصا أن كل طرف يزعم الانتصار، واكد رسميون ومسؤولون عسكريون في مالي أن الجيش، لأسباب استراتيجية، ترك المتمردين يسيطرون على معسكرات في بلدات صغيرة للتركيز على كبرى المدن في الشمال مثل تومبكتو وغاو وكيدال· ويسعى المتمردون الطوارق إلى انفصال ولايات تومبوكتو وغاو وكيدال شبه الصحراوية التي تمثل ثلثي الأراضي المالية الحالية وإقامة دولة مستقلة في الجزء الشمالي من مالي، ويعتبر هذا التمرد امتدادا لتمردين سابقين انطلق الأول منهما سنة 1963 والآخر في .2002 وساهم في اندلاع هذا التمرد الجديد عودة عدد من المقاتلين الطوارق الذين كانوا في الجيش الليبي - مؤخرا- إلى بلدهم الأصلي بشمال مالي وهم مدججون بمختلف أنواع الأسلحة التي حصلوا عليها من ليبيا بعد سقوط نظام القذافي·