في مثل هذه الأيام من كل سنة تحتفل سيدات العالم بيوم لهن، يوم عيدهن، تقدم لهن الهدايا والأزهار وتعزف الموسيقى على شرفهن ..فيما ينفجر - في اليوم نفسه -غضب التيار النسوي المتشدد منتقدا تخصيص يوم واحد من السنة لإسعاد النساء والاهتمام بهن مقابل التراكم الكبير لمشاكلهن طوال أيام السنة المتبقية ..السؤال المهم، هل على النساء الاحتفال بهذا اليوم أم رفضه بدعوى مشاكلهن اليومية؟ شكليا المسألة مرتبطة بموقف كلا التيارين ومدى قناعتنا به ..لكن ضمنيا علينا - نحن النساء- أن ندقق النظر جيدا لنختار الصف الذي سنقف فيه، لأن المسألة ليست مرتبطة بيوم أو اثنين أو عشرة ولا بعيدٍ، لأن حتى هذا المفهوم رمزي ولا أحد يستنكر لحظة فرح تمر في حياته ولو كانت قصيرة، وهذه هي دلالة أي عيد في كل النظم الاجتماعية، ''الفرح'' ليس أكثر ..إذا المسألة أكثر دقة لأنها مرتبطة بنظم وقوانين ونسق اجتماعي ضارب أطنابه في الجذور، وحتى في داخلنا نحن النساء ..هي مسألة كيان ككل الكيانات التي يقدر لها المرور في الحياة، فإما أن يكون مرورها فعالا ذا معنى أو لا، لذا لم تستطع حتى الدول التي شرّعت المساواة الوصول في علاقتها مع المرأة إلى الارتقاء الكلي، رغم أنها تجاوزتنا بسنوات ضوئية في الأمر ..وبما أن دائما كان هناك مشكل لأن هذه المسألة مطروحة بشكل خطأ ''المساواة من عدمها''، فيما يجب طرحها من باب أخرى، لأننا خلقنا بحرياتنا وحقوقنا، وعلينا التعامل مع المنجز من عدمه، وذلك الطرح الأول هو ما جعلنا نصطدم في بلد مثل الجزائر منذ أيام بقصة ''الكوطة'' في البرلمان التي تحدث عنها الرئيس وكأنها منّة على نساء الجزائر، المرأة في الجزائر كانت ضمن الثلل الأولى التي التفت حول ثورة نوفمبر لتحرير الجزائر، وبعدها كانت من أول المنخرطين في مشروع تأسيس دولة ما بعد الاستقلال، فكانت مُدرسة بارعة، وطبيبة ناجحة، وقاضية عادلة، ووصلت كفاءتها كفاءة الرجل وتجاوزته في كثير من الأحيان، رغم أنها كانت دائما هي من تحمل عبء المنزل، وهذا لعمري نجاح باهر، يجعل النظام يعاملها كمواطنة أمام القانون وتخضع مثل غيرها لقوانين الانتخابات فإما أن تثبت كفاءتها وأحقيتها في دخول البرلمان أو يثبت أنها غير قادرة فلا تحصل على توصية رئاسية تجعلها تحدد نسب البرلمان مسبقا كأنها سلعة على وشك أن ''تفسد''، فنحتمها في القوائم لكي نحقق المراد ونقول للعالم بأن وضع المرأة في الجزائر في أحسن أحواله ..هذا ما يقودنا إلى الطرح الثاني المقاطعة.. النضال لتحسين وضع النساء ليس مقتصرا على مقاطعة يوم عيد المرأة أو التنديد به، النضال مسألة جذرية مرتبطة بكل الحياة ولصالح كل صاحب حق أنثى كانت أم ذكر.. لهذا نقول ماذا بعد ''الكوطة''، تدخل المرأة إلى برلمان عاجز أساسا عن تحقيق أهدافه الحقيقية؟ وما المشكل الذي سيحله ذلك، معاناة آلاف بل ملايين النساء طوال حياتهن من العنف الأسري في صمت بسبب انعدام الخيارات الذي يخلقه ضعف بل انعدام التكفل الاجتماعي في بلادنا، أم ستغير قصة ''الكوطة'' واقع ملايين التحرشات بالنساء في العمل يوميا بسبب ضعف المنظومة القانونية وثقافة الرشوة والمعريفة التي غطت على كل حق، أم ستحسّن من مناهج دراسية هشة لا تعمل على تنمية التفكير ضد العنصرية والعنف، أم لعلها تنفي واقع أن بنوكا وطنية تتعامل مع المرأة على أنها فاقدة للأهلية وبالتالي هي بحاجة لتصريح من الأب لتتصرف في حساب بنكي لصالح أبنائها القصر.. ما نحتاجه ليس ''الكوطة'' ولا حتى المساواة، ما نحتاجه هو العدالة والوعي بمكانة المرأة وأهميتها في النسق الاجتماعي .. هنا يقدم لكم الأثر مجموعة من الكتاب ''الرجال'' يتحدثون عن نساء مروا في حياتهم ..نشكرهم جميعا على تعاونهم وكتابتهم الحميمة.. ونقول لكل نساء العالم كل عام وأنتن بهاء الحياة وروحها النابضة.