انتظمت بفضاء ''عيسى مسعودي'' بالإذاعة الوطنية، مساء أول أمس، الندوة الأسبوعية ''حبر وأوراق'' التي اختير لها كعنوان لهذا الأسبوع: ''الرواية وثورة التحرير الجزائرية: الكتابة والتاريخ'' ، وهذا بمشاركة كل من الروائي المعرّب محمد مفلاح، الروائي المفرنس حميد قرين، والكاتب والإعلامي عبد العالي رزاقي. في حين غاب الباحث شرف الدين شكري عن النقاش الذي كان من المقرر أن يشارك فيه. وقد بدا الموضوع شائكا نوعا ما، ويتطلب فتح نقاشات فرعية حول حال الكتابة عموما، والكتابة الروائية بالخصوص، مع هذا كانت الندوة غنية بالأفكار والأطروحات المختلفة .الروائي محمد مفلاح تحدث عن الرؤية الإيديولوجية في الطرح الروائي، حيث قدم قراءة في كتابات جيل السبعينيات، الذي وصفه بالجيل الذي كان يؤمن بالخطاب الرسمي، وكان من الطبيعي أن تتبع الكتابات الوضع السياسي، ومن هنا أرخت بعض الكتابات للثورة التحريرية، ثم استمرت في مواكبة الحراك السياسي الرسمي، فالرواية كانت أسيرة الخطاب الرسمي، الأمر الذي لا يشكل عيبا -حسب مفلاح- إذا ما راعت الرواية المعايير الجمالية .وقد بدا مفلاب غير راضٍ عن حال الكتابة حاليا، وانتقد غياب سياسة واضحة في تشجيع الكتاب على الإبداع، في حين أن الدولة كانت تسند جوائز قيمة في المناسبات الرسمية للكتابات المتميزة، على غرار روايته االانفجارب التي فازت بجائزة عشرينية الثورة، الأمر الذي شجعه على الاستمرار في الكتابة. أما بالنسبة للروائي حميد قرين، فتطرق إلى التزام الكتاب الجزائريين بالقضية الثورية إبان ثورة التحرير، وذهب إلى اعتبار أن الكتابات لم ترق إلى عظمة الثورة الجزائرية، سواء من ناحية الكم أو النوع، حيث ذهب إلى القول إن الروايات الجيدة التي كتبت عن ثورة التحرير تبقى قليلة جدا، وانتقد قرين وضعية الكاتب الجزائري في المجتمع، حيث صنفه بين مطبل يحظى ببعض الظهور لقاء بيع ذمته، ومُغيب نتيجة رفضه لممارسات الهيئات الثقافية، وفي الحالتين يراه قرين عديم الأثر والتأثير على المجتمعين. وبسوداوية واصل الحديث عن حال المثقفين والكتاب، بالقول إنهم معروفين في مستويات دنيا لا تتجاوز الصحافة، وتفاعلاتهم لا تعدو أن تكون تواصلا مع الإعلام في بعض الحالات، في حين أن الشارع يجهلهم ولا يأخذ بكلامهم إن كان يعرفهم .في حين أنه يقدس الرياضيين ويضعهم في مصاف النجوم، الخطأ الذي يراه خطأ رسميا، باعتبار أن الهيئات الرسمية تروج للرياضيين، ولا تروج للكتاب. في حين ذهب الكاتب والأكاديمي د.عبد العالي رزاقي إلى تناول الكتابات الروائية من منظور نقدي، بالقول إن الرواية الجزائرية يمكن تقسيمها إلى صنفين حسب الكتاب :الكتاب الذين واصلوا دراساتهم العليا في الآداب بالخارج، وهؤلاء أصبحوا ينتجون أعمالا تخضع لمقاييس أكاديمية، في حين أن النوع الثاني الذي فضّل أو اضطر إلى البقاء في الجزائر يكتب أعماله دون وضع المقاييس الأكاديمية في الاعتبار، وفي الحالتين كان هناك الكثير من الإنتاجات الجيدة. يجدر بالذكر أن اللقاء الأسبوعي ''حبر وأوراق'' ينقل بالتوازي، وبشكل مباشر، عبر القناة الأولى الإذاعية .يعده ويقدمه الكاتب أمين الزاوي.