يستقبل العمال الجزائريون عيدهم العالمي للشغل في ظروف استثنائية تميزها الاحتجاجات والتصعيدات النقابية من قبل مختلف عمال القطاعين العام والخاص على حد سواء، يتقدمهم عمال التربية، الصحة، الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية وغيرهم من الفئات الشغيلة، بهدف تشكيل ضغط من شأنه تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية للعمال، وتلبية مطالبهم التي يعود بعضها لعشرات السنين على غرار تلك التي يحلم بها الصحفيون والمراسلون العاملون في القطاع الخاص، وينتظر أن يخرجوا للمطالبة بها صباح الخميس المقبل بدار الصحافة الطاهر جاووت بالعاصمة... اختارت نقابات قطاع التربية عشية العيد العالمي للشغل لتجديد احتجاجاتها والدخول في إضراب مفتوح ومتجدد آليا على غرار نقابة ''الأنباف'' التي شرع المنتمون إليها، صباح أمس، في إضراب مفتوح حمل عنوان ''إضراب الكرامة''، من أجل المطالبة بسن قانون خاص يخدم جميع أسلاك قطاع التربية أو الإبقاء على القانون القديم في الوقت الذي قرر فيه الأساتذة المجازون مقاطعته بعد أن تبين لهم، حسب بيان صادر عنهم، أن مطالب هذه النقابة لا تخدم سوى مصالح أساتذة التعليم الابتدائي بعيدا عن حاملي شهادة الليسانس في الطورين الابتدائي والمتوسط. من جهتهم، صعّد ممارسو الصحة والأخصائيون وتنسيقية الصحة من لهجة احتجاجهم، حيث قرروا مواصلة إضرابهم المفتوح منذ ال 21 من الشهر الجاري للأسبوع الثاني على التوالي، وقد تخلله، صباح أمس، اعتصام أمام مقر وزارة الصحة، في حين ينتظر أن يستمر، حسب رئيس النقابة محمد يوسفي، إلى غاية تسجيل رد إيجابي من الوزارة الوصية. الخروج إلى الشارع ومقاطعة العمل لا يزالان يميزان يوميات أمناء الضبط الذين يواصلون اعتصامهم للأسبوع الثالث أمام المحاكم والمجالس القضائية على المستوى الوطني دون مراعاة لتهديدات الوصاية ودون خوف من هراوات رجال الشرطة وضرباتها التي طالت قبل يومين رؤوس العديد من المضربين بعد اشتباكات حصلت بين الطرفين على مستوى ساحة بورسعيد بالقرب من محكمة سيدي امحمد بالعاصمة. هذا، ويعود الفاتح ماي على المؤسسة الوطنية للنقل الحضري بالعاصمة على وقع الاحتجاجات أيضا، حيث قرر عمال وموظفو المؤسسة الدخول في إضراب مفتوح عن العمل ابتداءا من الثاني ماي احتجاجا على مقترح الإدارة القاضي بمراجعة الاتفاقية الجماعية لسنة 2007 في الوقت الذي طالب فيه العمال بالاستفادة من الحقوق التي تضمنتها الاتفاقية الجماعية ولم تطبق الامتيازات التي تضمنتها منذ المصادقة عليها. وغير بعيد عن الحافلات، القطارات أيضا من المنتظر أن يتوقف النشاط بها في الأيام القليلة القادمة، حيث أشهر عمال القطاع سلاح الإضراب من جديد بعد تماطل وزارة النقل في النزول عند مطلبهم الجوهري المتمثل في رفع الأجور وتحسين ظروف العمل، المطالب التي سبق وأن تلقوا وعودا من الوزير بتسويتها في القريب العاجل، غير أنها بقيت مجرد حبر على ورق في الوقت الذي تتحجج فيه الوصاية بأن عدم تطبيقها يعود للوضعية المالية الصعبة التي تعاني منها المؤسسة. وبعيدا عن المطالب المالية، عمال الملاحة الجوية منحوا المؤسسة التي ينتمون إليها مهلة قصيرة للرد على مطالبهم المهنية التي تتعلق بتحسين ظروف العمل داخل أبراج المراقبة وكذا تجديد وسائل العمل مثل أجهزة الاتصال التي لها أهمية واسعة أثناء عملية مراقبة حركة الطائرات وهي أساس الاتصالات المستمرة مع الطيارين، بالإضافة إلى ضرورة تدعيم أبراج المراقبة بعدد أكبر من أجهزة الرادارات، و إنهاء حالة التماطل في تسليمهم ''رخص المراقبة''. والقطاع الخاص لم يسلم من نيران الغضب هو الآخر، حيث يواصل عمال مؤسسة سيفيتال إضرابهم المفتوح عن العمل احتجاجا على تأخر إدارة المؤسسة في النزول عند لائحة مطالبهم المتجددة التي طالبوا فيها بتحسين ظروف العمل، الزيادة في الأجور وتمكينهم من إنشاء نقابة داخل الشركة بهدف الدفاع عن حقوق العمال الذين دخل 17 منهم في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجا على الطرد التعسفي الذي تعرضوا له من قبل إدارة مؤسستهم ويرقد 4 منهم في الوقت الراهن داخل المستشفى بعد أن تدهورت حالتهم الصحية. هذا، ولن يتخلف الصحافيون والمراسلون التابعون للمؤسسات الإعلامية المستقلة عن ركب الاحتجاجات التي تشهدها باقي القطاعات العمالية، حيث قرروا الخروج في وقفة احتجاجية صباح الخميس المقبل من أجل المطالبة بتعميم تطبيق شبكة الأجور الجديدة على القطاع الخاص مع مطالبة الوزارة الوصية بالسهر على العملية، وتوفير ظروف أحسن لتمكين رجال الإعلام من ممارسة مهامهم وفق ما هو متعارف عليه في باقي الدول. يحلّ إذا الفاتح ماي بالجزائر على وقع نيران الغضب وشعار لن أذهب إلى العمل اليوم في الوقت الذي يستعد فيه القائمون على مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين للاحتفال بالمناسبة بعد سنة من الغياب لم يشاهد فيها سيدي السعيد إلا في مراسيم التعزية وتقديم التهاني وتشريف اللقاءات رفيعة المستوى بحضوره، ليحدث بذلك استثناءا لم تعهده الطبقة العمالية أيام المرحوم عبد الحق بن حمودة وفهمته الطبقة الشغيلة على أن زمن الاتحاد قد ولّى وحان الوقت لتأسيس نقابات حرة ومستقلة ووضع منظمة الاتحاد العام للعمال الجزائريين في المتحف لأنها أبعد ما يكون عن العمال وحقوقهم المهضومة.