عاشت بعض شوارع العاصمة، صباح أمس، أجواء استثنائية بمناسبة نهائي كأس الجزائر بين شباب بلوزداد ووفاق سطيف، فأينما حللت أو مشيت يجلبك منظر جمهور مشجعي الفريقين وهم يجوبون الشوارع ويرددون الأغاني والأهازيج، ووسط هذا الجو المفعم بالحيوية الذي صنعه الأنصار، يقودك الفضول إلى السير في شارع بلوزداد الذي يمثل معقل النادي البلوزدادي· وهناك لا تلمح في طريقك سوى اللونين الأبيض والأحمر، فمن الرايات الكبيرة التي تعلو الشرفات والمباني إلى تجار بيع الألبسة والقبعات ومختلف الأعلام الكبيرة والصغيرة التي يتهافت عليها الشباب والكهول والنساء على حد السواء، غير مبالين بأثمانها التي ارتفعت مع اقتراب موعد الحسم بملعب 5 جويلية· لا حديث إلا عن الفوز خلال مرورنا بشارع بلوزداد المزدحم بالسيارات والمارة والمناصرين لا حديث للناس سوى عن النهائي، فمن العائلات التي خرجت مع أطفالها وألبستهم ألوان شباب بلوزداد، يصادفك كذلك سعي بعض الأنصار لشراء تذاكر الدخول إلى الملعب التي عرفت بالمناسبة ارتفاعا مذهلا في السوق السوداء، حيث وصل سعرها إلى حدود 900 دج في حدود الساعة ال 11 صباحا، أما إذا عرجت على بعض الأزقة المحاذية للشارع البلوزدادي الرئيسي، تلمح جموع المناصرين الذين يجهزون سياراتهم بالأعلام تأهبا للانتقال إلى ملعب المباراة· أما إذا فضّلت التحدث إلى المناصرين، فستكشف مدى الثقة التي وضعوها في فريقهم المحبوب من أجل الفوز بالسيدة الكأس وإضافتها إلى ستة ألقاب التي أحرزها الفريق في مشواره، وهو ما أكده لنا أحد المناصرين الذي كان يرتدي تبانا أحمر وقبعة بيضاء: ''سيكون الفوز حليفنا لأن الشباب ليس من عاداته التفريط في الكأس عندما يصل إلى النهائي، كما أن تشكيلتنا هذا العام سجلت نتائج إيجابية في البطولة والكأس، وتوجد في أحسن أحوالها رغم الهزيمة غير المتوقعة التي مني بها في آخر لقاء أمام شباب باتنة''· وعندما سألنا هذا المناصر الشغوف عن حظوظ الخصم وفاق سطيف الذي يوجد كذلك في مستوى جيد، لم يتردد في الاعتراف بقوته ''لا أحد يشك في إمكانات أبناء عين الفوارة الذين أظهروا في السنوات الأخيرة إمكانات كبيرة، ويكفي القول أنهم يحتلون اليوم الرتبة الأولى ووصلوا إلى النهائي عن جدارة واستحقاق''· لكن عندما أردنا معرفة رأي هذا المناصر في الفريق الذي يرشحه بقوة، لم يتردد كذلك في ذكر اسم فريقه البلوزدادي، وهو ما اعتبرناه منطقيا طالما أنه يناصره، وبالتالي يتمنى بل ويتوقع تتويجه· أنصار الفريقين جنبا إلى جنب لم يكن مناصرو شباب بلوزداد الوحيدين الذين جابوا شارع بلكور·· بل حتى مشجعي النادي السطايفي صادفناهم في الطريق رافعين الأعلام البيضاء والسوداء ويهتفون بحياة ناديهم وسط الأعداد الهائلة من مناصري بلوزداد، في أجواء أخوية للغاية، بل وأكثر من ذلك فقد اختلطت ألوان الفريقين ببعضها البعض في بعض اللافتات التي رفعها الأنصار، وهو ما دفعنا إلى الاستفسار عن السر في ذلك، حيث أجابنا أحد مشجعي الوفاق السطايفي قائلا ''ليكن في علمكم أنني ابن حي بلوزداد ولدي أصدقاء عديدين، وإذا كنت اليوم أرفع علم فريقي الوفاق، فهذا يعني أنني ابن مدينة سطيف ومن حقي تشجيع رفاق اللاعب جابو''· أما مناصري بلوزداد فأكدوا لنا بأن الأمر يبدو لهم عاديا ومن حق أي مناصر أن يشجع فريقه في جو رياضي خالي من العنف و الكراهية، فمثلما يرفع المشجع البلوزدادي لافتات وأعلام فريقه ويتزين بالألوان الحمراء والبيضاء، فمن حق أنصار المنافس أن يفعلوا المثل لكن بألوان فريقهم· تفتيش دقيق للسيارات غادرنا شارع بلوزداد بعد أن اخترقنا أجواءه الحماسية وانتلقنا إلى ملعب 5 جويلية، حيث سيدور اللقاء الساخن، وعلى امتداد الطريق صادفنا جيوش الفريقين وهي قاصدة الملعب على متن السيارات والشاحنات والحافلات، فيما فضلت أمواج كثيرة من المناصرين السير لكيلومترات عديدة من أجل بلوغ ملعب 5 جويلية وهم يهتفون ويصفقون ويسارعون من أجل الفوز بمكان فوق المدرجات· ولئن كان الازدحام الذي ميز جل الشوارع المؤدية إلى ملعب 5 جويلية متوقعا، فإن ما لفت انتباهنا هو الانتشار المكثف لرجال الأمن على طول كل الطرقات المؤدية إلى الملعب، وقد ازدادت صرامة كلما اقتربنا من محيط 5 جويلية، حيث تخضع سيارات المناصرين إلى تفتيش دقيق من طرف رجال الأمن وسط هدوء تام ساهمت فيه المعاملات الطيبة من قبل الشرطة والسلوكات القويمة من المناصرين في ظروف طبيعية جدا· ومن أجل تنظيم الأمور بطريقة جدية ومحكمة، فقد تم تقسيم موقف السيارات الكبير المحاذي للملعب إلى قسمين، حيث منحت الجهة الموالية لحي شوفالي لسيارات أنصار بلوزداد، فيما استفاد الخصم من الجهة السفلى، وهو ما سمح بتجنب الاحتكاك بين الأنصار· فاجعة موت مناصر الوفاق خيّمت على الأجواء شاءت الصدف أن يلقى أحد مناصري وفاق سطيف حتفه بمحطة القطار بحسين داي نتيجة الازدحام الكبير الذي حدث في القطار، وهو ما أكده لنا العديد من أنصار الكحلة والبيضاء الذين حضروا الحادثة، على منوال ما ذهب إليه أحدهم في وصف الحادثة ''أعتقد أن نوعية القطار الذي سافر على متنه الأنصار هو الذي ساهم في وفاة هذا المناصر، حيث أن عرباته قديمة، الأمر الذي أحدث ازدحاما كبيرا سقط على إثره هذا المناصر رحمه الله''· ولم يكن هذا الحادث هو الوحيد الذي عكر أجواء سفر أنصار الوفاق، فقد التقينا ببعضهم اضطروا إلى التوقف الاضطراري الذي تعرضوا له بعد أن تعرضت الحافلة التي أقلتهم من سطيف إلى عطب على مستوى بلدية خميس الخشنة بالطريق السريع شرق غرب، الأمر الذي جعلهم يواصلون الرحلة بوسائلهم الخاصة، ويتعرضون بالمناسبة إلى بعض المضايقات بمحطة القطار بالحراش، حيث منعوا حسب شهادات بعضهم من دخول المحطة من طرف رجال الأمن، وهو ما حتم عليهم الاتجاه إلى محطة حسين داي ومنها تم التكفل بهم ونقلوا إلى الملعب بواسطة حافلة· كما علمنا من بعض أنصار الوفاق كذلك أن هناك إحدى الحافلات التي كانت قادمة من سطيف تعرضت إلى حادث مرور، غير أننا لم نتمكن من معرفة الكثير عنها· ويمكن القول أن الظروف التي وقفنا عليها ونحن نحاول تسجيل كل كبيرة وصغيرة عن الظروف التي سبقت نهائي كأس الجمهورية، أنها كانت عادية جدا وربما فكرة بيع تذاكر اللقاء أيام قبل موعد الفاتح ماي هي التي سهلت مهمة المنظمين ورجال الأمن، حيث تم تفادي الازدحام على مستوى شبابيك الموعد، وهو ما ساعد الكل على تسيير ظروف ما قبل اللقاء بسهولة كبيرة دون أن تحدث تجاوزات تذكر، فحتى السوق السوداء التي عادة ما تنشط في مثل هذه المواعيد لم تنتشر بطريقة كبيرة اللهم ما عرفته بعض شوارع بلكور أو محيط الملعب وكلها خاصة بأنصار بلوزداد، باعتبار أن كل أنصار وفاق سطيف اقتنوا تذاكرهم بمدينة عين الفوارة قبل القدوم إلى العاصمة·