لم يعد يفصلنا عن شهر رمضان المعظم إلا 30 يوما بالتمام والكمال، ومعه بدأت حمى ارتفاع الأسعار المرتقبة ككل سنة تؤرق يوميات المواطن الجزائري، الذي تعوّد على مواجهة الغلاء الفاحش الذي يميز المواد الإستهلاكية، الأمر الذي دفعه إلى التفكير منذ الآن في الكيفية المثلى التي يواجه بها الوضع والتأقلم مع التموجات التي تعرفها سوق الخضر والفواكه على وجه التحديد. وشاءت الصدف أن يحل علينا هذا الشهر والمواطن الجزائري قد واجه قبل أشهر لهيب أسعار بعض المواد الاستهلاكية، على منوال البطاطا والطماطم التي بلغت مستويات قياسية، ما أربك العائلات. وفي الوقت الذي عرفت سوق الخضر والفواكه بعض التراجع في الأسعار، بل واستقرارا نسبيا في بعض المواد، مايزال هذا المواطن يطرح السؤال الجوهري.. وهوكيف سيكون رمضان هذا العام؟ انخفاض محسوس في الأسعار من أجل الوقوف على أحوال أسواق الخضر والفواكه، انتقلنا إلى بعض أسواق العاصمة لمعرفة الأسعار الحالية بها، حيث لمسنا انخفاضا محسوسا في بعض المواد ذات الاستهلاك الواسع، مثل البطاطا والطماطم والجزر، والفواكه التي تشهد استقرارا منذ بعض الأسابيع، حيث استقر مثلا سعر البطاطا في حدود 40 دج، كذا الطماطم التي يشتريها المواطن اليوم ب 50 دج، وفي بعض الأسواق تباع بأسعار أقل من تلك التي وقفنا عليها في الاسواق التي زرناها، هو ما ارتاح له بعض المواطنين الذين أكدوا لنا أن هناك انخفاضا كبيرا مقارنة بالأشهر الماضية، كما جاء على لسان سيدة وجدناها بإحدى أسواق العاصمة: ''منذ أسابيع لمسنا تراجعا واضحا في أسعار البطاطا، السلاطة، الطماطم.. إلخ، حيث أصبحت في متناولنا، وهو ما ارتحنا له بعد الارتفاع الجنوني الذي عرفته الأسعار خلال بداية فصل الربيع''. وهي تتحدث لنا أبدت لنا هذه السيدة تخوفها من ارتفاع الأسعار مجددا مع اقتراب شهر رمضان: ''كل ما أتمناه كربة أسرة هو أن تحافظ هذه الأسعار على استقرارها خلال الشهر المعظم، لأن العادة التي اكتسبناها هو أن كل شيء يتغير مع اقتراب شهر الصيام، وهو ما سيزيد من متاعبنا خاصة بالنسبة للفئات المغلوبة على أمرها''. ولم تختلف ردود فعل بقية المواطنين عن ما ذهبت اليه السيدة، عبروا لنا عن هاجسهم الكبير وهم يستعدون لاستقبال رمضان مع كل ما يتطلبه من تغيير في السلوك الاستهلاكي للمواطن، خاصة بالنسبة للخضر واللحوم. بورصة الأسعار لا يمكن تحديدها عندما طلبنا من أحد التجار المختصين في بيع الدجاج.. إن كانت أسعار الدواجن ستعرف ارتفاعا مقارنة بأسعارها الحالية رد علينا على الفور أن التكهن بما ستكون عليه خلال الأيام القادمة صعب، وتحديدا مع بداية شهر رمضان، لأن بورصة السوق في حركية دائمة: ''يبلغ اليوم متوسط الكيلوغرام من الدجاج 350 دج، ويعود هذا الارتفاع الى وجود بعض الأمراض التي أصابت الدواجن، وأعتقد أن هذه الأسعار مرشحة للارتفاع خلال شهر رمضان لعدة أسباب، منها أن الناس لا ترحم بعضها البعض، غير أن الأكيد هو أن التنبؤ بتراجع أسعارها أو ارتفاعها يعتبر سابقا لأوانه، ولا يمكن بأي حال من الاحوال أن نستبق الأحداث ونصدر أحكاما عن بورصة الأسواق قبل شهر من رمضان المعظم، فأنا أتذكر أن سعر الدجاج انخفض خلال أحد أشهر الصيام إلى 200 دج للكلغ، وفي المقابل فقد يصل سعره الى حدود 450 دج''. اللحوم الحمراء مرشحة للارتفاع تركنا فضاء تجار الدواجن وقصدنا تجار اللحوم الحمراء للاطلاع على أسعارها الحالية، حيث بلغ اليوم سعر الكيلوغرام من لحم الخروف بين 1100 دج و1200 دج، فيما يباع لحم البقري ب 900 دج، وإذا كان هذا الأخير - حسب بعض الجزائريين - سوف لن يشهد ارتفاعا، فإن لحم الخروف مرشح للارتفاع كما جاء على لسان أحدهم: ''ككل سنة خلال شهر رمضان تسجل لحوم الخروف بعض الارتفاع النسبي، حيث نتوقع اليوم أن يصل السعر إلى حوالي 1300 دج مع حلول شهر رمضان''. أما اللحوم المجمدة المستوردة فتباع هذه الأيام ب 600 دج في أغلب الأسواق. وحسب بعض التجار فإن ارتفاعها خلال الأيام القادمة قبيل شهر رمضان غير وارد، خاصة إذا تم استيراد هذا النوع من اللحوم من الهند، حسبما سمعناه. ومهما وصلت أسعار اللحوم الحمراء من انخفاض أو استقرار أو ارتفاع فهي بالتأكيد سوف لن تكون في متناول كل المواطنين، إنطلاقا من أن أسعارها سوف لن تنزل إلى مستويات معقولة يتمكن معها المواطن من اقتنائها، وهو ما حاول أحد المواطنين توضيحه لنا: ''نحن اليوم كمواطنين بسطاء لم تعد اللحوم من اهتماماتنا طالما أن أسعارها ملتهبة ولا نقدر عليها، ما نطالب به نحن اليوم هو أن تتراجع بعض أسعار المواد الاستهلاكية التي تمثل قوتنا اليومي سواء في الأيام العادية أو خلال شهر رمضان، لقد بات أكل اللحوم بالنسبة لنا من الكماليات التي أضيفت إلى بعض الفواكه التي لا نستهلكها بتاتا''. هكذا يفكر السواد الأعظم من المواطنين وهم يستعدون لاستقبال رمضان، ولسان حالهم يقول.. بأي حال عدت يا شهر.