1- نسمة الشرفة: دخلت كوخ السطح... لملمت النقاء في صدري... وحزمت الأسواق الحارقة... وبنفسجة ترقبني... تمثلتها لوزة “الدفلاح" «لمسيد" / “بوبقرة" «برناوة" / “بوعصيد" رائحة الطين، منذ أن ولدت... تراقصت في قلبي الحزين وتبسَّم الحزن كزهرة فواحة وراحا يتعانقان بنفسجة الروح أشرقت في هذه الدار.. كدار “فلياش" العتيق سواعد الرجال على أحرف الطوب وحناء العرائس على تباشير النسيم ورائحة الخم، الدجاج، الأرانب والريش الحنون في هذا الكوخ إيه.. ذكرني الشوق بدروب الطين الطفولي آه.. كيفما تسري رائحة الطين في المتوّق المكدود نحلة من دوح المحبات للورود.. بالجمال، بالصدق يشرع بحره الدّمعي وتهمّ وردة الإنسان بالإشراق 2- أحضان المساء: وأنا في شقوق اللبنات البنية لوحة من نضار، زغرودة من ربيع وأنا كتف من التأمل أتحدّر على جبين الوقت كأنه “أرجوحة" لعب!؟ يقطر هذا القلب بالودّ إليه.. إلى الطين.. سقيفة البحر.. هَيَا مرفأ الدمع.. هاهو لونه، تفتح أذرعها لاحتضان مسائها لون المسك / صدف الحسن وشمس جميلة الوجه هذا المساء؟؟ برتقالة الغياب / خريف وأصاولها التقبيل، أنثر البثّ وردة البيادر ثم أخاف غيابي معها والأولاد حفاة / عراة.. صغار، كأجسام الطين كاللآلئ الصغيرة على مرايا المساء يخرجون من بين أشعتها الفضية كزهور الربيع الباهجة يغمرهم حبوره، ولهم أنفسهم كالأقحوانات الراقصات «خالي، خالي"... كخدود الثلج على صحراء الرمل.. ولما عرفت الدار قلت لربعها ألا: انعم صباحا أيّها الربع واسلمِ أختي: لربما يفتك يدي طينها الأحمر قلبي الأخضر، أو جفونا من جفون السر؟ يفتك هذا الفؤاد من شجرته من طيبه، ويغدو “العصافير عشٌا له" ويضحى غصنا وِرقا من ندى ربما يموت وجهه المتآكل ولكنه لا يموت روحا، رَوْحًا وهل الماء يموت؟ أحبك “...": سقيفة الدار «والله" أحبكِ أيتها البريئة وحدائق الطين / باب اللوح المبلول بماء السماء أحبكِ.. برحمة الله فجأةً أتت فتاة الحسن، أسطورة من جمال مبسومة المُلح / عبر أخيلة الظلال كأنها احمرار النرجس كأنها حمرة شآبيب الخجل نوارة من بنفسج / وريدة من الشقائق من الفُل المتكحل كأنها “فريال" “أمين نخلة" وقالت لي: هذا الترب آدم جنة الفردوس، حوّاء نفخة من زرقة الزُمُرّد / كافور هذا التّرب وردة على موجة البهجة ودار وردية تأتي مع الشمس وتنام في حديقتها الليل مقلة “حوراء" / التّرب فراشة الرحيق كفّنها الموت، وأفرحها مرة أخرى وقتلها سهم النار، أطايب شجرة عريقة في الحقيقة نخلتها هذا الترب سعفة الجريد بالٍ مبلول بدمعة حمام / ريش يمامة بيضاء تغرق في حبر البارود كانت أنفاسه هذا الترب: قلعة من الشموس والأقمار سموكا للعزة والفخار حريرا زاخرا، موزاييك، نمنمات بلبل دثار ليل للغناء زرزورة الربيع، باحة نجوى حبل عناق بين حبيبين والأطفال حولي يلعبون كحبات البسمة، طيبون كصباح، أو مساء عاشق حتى الحلكة صادقون / كسجادة مسجد قديم وأنا عدت إليها من؟ طفولتي ذات مرة وأنا متأمل الدار أقف ببابها الوضاح / الطل رعشة الطلل يا دار ميّة بالعلياء فالسند أقْوتْ وطال عليها سالف الأمد قالت الفتاة الحسينة: هذا الترب سُلم من حنينٍ يشيخ بستان يتقطر عند الصحو قُبْلات أفانين لقُبّرات موعودة بالنشوة شكل القلب، لكنه مبروح فيه الزمن ساعة معلقة تدق بالحب وعقاربها النبض يا الله، يا رب التربُ: أورق الأحبةُ بِتِلاّت حنان نسائم زهراء تلفع الشعور في صحن النور وفي قمر أرجواني، راحوا يتجاوبون يتحابون، يتعانقون وتُغني لهم الأنجم لحن الدياجير التُرْب قصة الورود والموت والحياة والقبح، والعطور سبحان من خلق الطين وأوجد رغبة الحياة فيه كشعشعة الشمس سبحان من أوجد ليلى في قبر الجسد وقيسا في أيسره وعفراء في شدّاده من فتح أعينه على طفولة اليقين؟ ووسع أبصاره على دروب البراءة البيضاء فجأة.. يدهسني الحبيس الأصيلي أصيْلانيّا يحوط الدار ويُطوِق وجهها بالثغر بالتهاب الغروب يُعصّب جبينها بالدعاء / بالرجاء التُرب.. أمّ الحضن؟ ضِبن المحبة على قدميها جَنّة الله ويتيم تُحرّق الدمعة أحشاءه وحبيبان يشربان النشوة من ثغر العوسج الجُوريّ وأنا على ثغر بحاره النائية.. هذا التُرب.. يا أيتُها الدار صورة على أرجلها تقفز الشّتاءات... ويقفز الربيع، والخريف والصيف ويقفز القلب متلفتا لأحبائه المقبورين.. زاحف كيمامة الجبال.. كحجلة البراري.. كغزالة من الفيافي البعيدة فارهة من الحسن ضالعة من الفتنة.. هاربة من جمالها ومن قبحها ومن الذئاب.. أيها الطين.. يكرج من خدّك المزدان بالبهجة مرآة اللغة.. وتهدي لألق الهواء “ دعاء الجنة" بالحب.. / بالحب.. وعدت إلى كوخ كالقصر في ذكرياته.. تذكرت أختي في حارة عقبة بن نافع.. وسوق الجريد في المنية.. وصوت الآذان الحنون.. ونداءات التبن والبحيرات.. 3- حينما تسلّقت أماني البكاء: خنقتني نبغة الغبراء المتدلية.. كالعنب.. واعتلت عيني سحابة من نور.. وكادت رحم الدمعة تنجب سحرها.. شعرها.. باح لي بكاء بما باح للمتنبي: قد كان يمنعني الحياء من البكا واليوم يمنعه البكا أن يمنعا إيه يا دار أختي.. ذكّرَتني الشمس التي التي تعصم ضفائرها كفتاة عربية مُضريّة كفتاة خارقة البلاء بشفة هدلاء الشّعر والذّكر ببهيج علائم البشر على خدّ الباب وتلوي ذوائبها بين الحسناوات وتتغنج كفتاة عبس.. وتضع هذه الشمس المحبوبة على نطاقها بسمة الغد.. وتغمز لي بالبوح في فتور كأنني أشرب النور بالفم الجذلان تهمي باسمة التراسيم ذكّرْتني يا أختي بياقوت الطين.. وبِأنني أعود إلى عينيه يوما حبوا أو شيخا في بياضٍ.. ذات يوم أعود مُحملا بالياسمين.. ويُغمض هذا التراب حدقته الملونة بالفل وعطر المقابر، والرمان.. وجميع المشاعر الطيبة..