محمد عادل مغناجي -1- شردت بيَ الصّحراء طرفة أو لبيد والبيد ما زالت تصلّ بمهجتي الخضراء من بيد لبيد.. والرّوح في أشطانها العطشى: عسى فرس تجود؟؟ -2- شردت بيَ الصّحراء طرفة أو لبيد.. والرّوح قد زُويت بفلذته وقبّلت السّجود.. والرّوض في قلبي الموزّع بين داري والحدود.. طويت كما رمل المحار الموج واللّحن الزّبيد.. شردت بيَ الصّحراء طرفة أو لبيد.. أخذت تدور برأسي المضنى مساءات المرابع والأزاهر والأهالي البسط تنشر نجوها الصّافي بحيرات أميد إذا تميد وتغرغر الدّمعات في جفني المنى حرقت شعور الورد.. حرّقت الخدود.. لهثت به أنفاسه أعتنق السّعال وذاب في الذّكرى منال.. أرأيتمو أحدا يذوب حرارة ذوب الجليد أتصنّم الأهلون أم عبدوا التّوثّن والخيال؟؟ وتفرّقوا ما بين أشرعة الوريد إلى الوريد غابت مراياه الشّموع، وعاش ليل البؤس كالذّكرى معلّقة به الوجدان ينهله إلى أوطانه ظمأ ويصفعه التّألّب عن خيانتها كما صفعته صرخة خلقه وجه الوليد.. -3- شردت به أسماله.. لا ماء لا جنّاتِ لا تلك الخمائل أو مرايا شوقه.. بالظّل عامرة وتربته وهيد.. -4- فأنا قرنفلة تفي لحقولها لكنّهم غلّوا سياج حديقة.. ورموا عقود اللّؤلؤ النّديان بالصّخر المقزّم والقيود وببسمة هربت بها قرب القوافل من عطش.. والعير فوق ظهورها المجد المزخرف والدّروع الحمر والقنا والنّبال ولا رجال.. أيحور هذا الدّرع من عظم صديد؟ والحزن دغدغت المخايل أذنه الصّماء في لججي، دمي وتعيد ذاك الفعل في قلبي المشوّه بالهوى والحبّ والمتروف كالبجع المقتّل بالسّواحل والجناح أو عصافير المنام تجيء من عرس البياض ومن أساورها العجيبة يصنع الذّهب النّجيب ويحبك الماس الرّغيد.. -5- هربت به صحراؤه.. حمل الأغانيَ وارتجى شفة على كلماتها الحرّى على شرف النّدى يتنشّق الأحباب والقلب الوعيد.. زادي معي.. وحقيبة الذّكرى، ومتراس لجدّي وحزمة الرّمرام والسّيف الرّدينيّ الجديد.. -6- شردت بيَ الفيفاء يا يا قارئي لغة يعرّيها المساء من الفرح.. دمع هي الكلمات فيها الأحرف الخشب العنيد.. التّمر في جيد الجريد. .يا أحرفي تصطكّها عربات هذا البحر في خدّ المداء، أعشى وتجهر مهجتي بالحزن تكرج في مجادل محسنِ شلاّء في إثر التّغنّج والميود.. ومعي عشيّاتِ الصّلاة يد ورود عاشق وكتابه المنسيّ في غمد الرّؤى.. والأحجيات السّمر من أمّي وجدّتها مواويل اللّيالي البُدر في طفلي وأنياب النّشيد.. -7- شردت بيَ البطحاء طرفة أو لبيد.. هل يسأل الدّمع الجسور عن العروق؟ فسحابة تلك الحياة تموج بالأيّام، تغشي مقلتيه فلا يذِلُّ ولا يسود -8- شردت به عنقاؤه ترك الحمى المفترّ وانتهر الجواد إلى النّداء.. كم عائد من بحره رسمت على كتف المنائر عينه الوطن المسافر والعهود؟ كم عاشق وشتّ مناديل المحبّ بدمعه قرع المكابد والصّدود؟ كم غاصب شجّت مقامعه الدّيوث مروءة العربيّ في لبّ الخلود فلذا فقد شردت به سمراؤه أقفو المهلهل عن حمى أهل أعود ولا أؤوب وأنا غريب لا أعود وأصابعي رجفى وهذا الوجه يخترم الحشائش كالرّعود عادوا إليك.. بنفسجا والرّوح نار وأنا همو، لكنّني الأنقى لمحت هنا مخامرَهم ولأنّني منك ويا ريّاء بالعطش النثار.. عسل مصفّى في شفاه الورد منه وما الثّمار من الثّمار عادوا إليك إذ السّبايا الكثر أرقصهنّ جوع الجسم والعيب المثار وتعرّت الأستار يا للعار من يسبى بعار؟! خوفي عليك هربت إذ هربت بيَ الغبراء في ركحي انهيار أخلَوك من أدب العفيفات الكعاب وعفّة من أنار جمالك المغري المزيد شردت به الصّحراء طرفة أو لبيد.. وطغت عليه فليس ينكسر المتيّم بالصّحارى والخيام وكسرة التّمر الملبّن والنّخيل وركبة الخيل الهمام ونؤيها هذي الشّوارع في الضّلوع، وفي قراراتي الجبال شردت به نجواؤه وتذرّعت أن تلقه في اليمّ ها قد كاد يجمع أرضه في قلبه والطّامع المخبول جاء يشجّر الرّمل الوفيّ، يسمّر العصر الكنيسيّ الحصين ويصلّب الأشعار في مبغى عمود.. صحراؤه قد حدّقوها، جنّنوها، بستنوه خضّروها وعشتروها وفنّسوها وجبتروها بل لم تعد صحراء في قلب الشّريد كالبدن قد شردت به وتعرّبت عن نفسها: شاقتك ظعن الحيّ يوم تحمّلوا وتكنّسوا قطنا تسرّ خيامها من كلّ محفوف يظلّ عصيّهه زوجا عليه كلّة وقرامها قلقت رحالتها وأسبل نحرها