شريحة عريضة من سكان ولاية الشلف يعيشون خطر الموت داخل مجمعات قصديرية تشبه مقابر جماعية أو حاويات للموت البطيء، لا تميز مبانيهم أو نسيجها الفوضوي عن أماكن النفايات الصلبة أو الخردة المخصصة للتصدير· هم مواطنون زارتهم ''الجزائر نيوز'' بكل من حي ''بلزبابجة'' المحاذي للإكمالية وآخرون ب ''الشرفة'' وحي ''بني وسكت'' وبعاصمة الولاية وببلدية ''مصدق''، جميعهم يشتركون في المأساة التي ألمت بهم، كما حوّلت مقراتهم إلى مرتع للتشرد والانحرافات واللامبالاة في معاملاتهم وسلوكاتهم بسبب الفروقات الحضرية مع الأحياء الراقية التي تفصلهم عنها مسافات لا تزيد عن بضعة أمتار ولا ينهلون منها سوى ما تراه أعينهم وتزيدهم تعقيدا رغم الشكاوى المتتالية للسلطات المركزية والمحلية لرفع الغبن عنهم، لكنها قوبلت جميعها بالرفض إلى درجة طرد بعضهم حسب محدثينا من مكاتب المنتخبين· وتفتقر هذه الأحياء لأدنى وأبسط شروط الحياة، فأغلب المساكن مشيدة بقوالب طينية مغطاة بالقش والقصب والبلاستيك والصفائح الحديدية، تشاركهم فيها حيواناتهم التي أصبحت مبعثا للروائح الكريهة ومرتعا للحشرات الضارة كالناموس والذباب، مساكن يقيم فيها ما بين 6 إلى 8 أفراد إلى أسرتين بالمنزل الواحد، قنوات صرف المياه القذرة تصب سنتيمترات فقط خارج الأسوار التي تعيدها مياه الأمطار إلى داخل الديار جارفة معها كل ما تجده أمامها من قاذورات وأوساخ، مما أجبر قاطنيها على قضاء لياليهم يصارعون النعاس واقفين يتجرع أطفالهم الأمرين وكلهم عرضة للأمراض الخطيرة والفتاكة في أي لحظة مثل ما هو الحال للكثير ممن التقيناهم متأثرين بأمراض الحساسية والربو وضغط الدم الذي تسبب في شلل إحدى الفتيات وحال دون مواصلتها للدراسة، بالإضافة إلى جلب الكهرباء بطرق عشوائية وبأثمان مرتفعة شهريا، ناهيك عن تشابك الأسلاك مما يتسبب في الانقطاع المتكرر للتيار صيفا وشتاء· ويتسابق أطفالهم للعب في مجاري صرف المياه القذرة والنفايات المنتشرة بكل مكان غير مبالين بعواقب ذلك، فهم يشبهون المتسولين في هيئتهم لعدم اهتمام ذويهم بما يفعلون وغياب أماكن مخصصة لهم، كما يصعب التحاق المتمدرسين منهم شتاء إلى مقاعد الدارسة بسبب تحوّل الطرقات إلى برك من الأوحال··· مظاهر مروعة ومفارقات تعيشها هذه الشريحة داخل كلم مربع، فهم يتهمون السلطات المنتخبة بإقصائهم وتهمشها العمدي لمطالبهم بتهمة أنهم نازحون ولا حق لهم في الاستفادة من مساكن لائقة تأوي أطفالهم وبالتالي تنهي عنهم مسلسل المعاناة، لكن بعضهم يؤكدون بأنهم سكان أصليون أجبرتهم المشاكل الاجتماعية للهروب إلى العيش في مثل هذه الظروف بعدما نالوا نصيبهم من عذاب العشرية الحمراء وتجاهل المسؤولين· للإشارة، مصالح الولاية أحصت قبل السنة الماضية حوالي أربعة آلاف بيت قصديري بعدما كانت أزيد من 20 ألف نهاية التسعينيات·