تعيش خشبة المسرح الجهوي لسيدي بلعباس هذه الأيام على وقع التدريبات الخاصة بعرض مبدع تكمن خصوصيته في أنه منجز من قبل فنانين مكفوفين. وتعد هذه التجربة الفريدة من نوعها تحديا فنيا من توقيع صادق الكبير الكاتب والحكواتي والمخرج الذي يزخر برصيد ثري لاسيما في المجالات الإبداعية التي تخص الطفولة وعالم الحيوانات. وسيقدم العرض العام لهذا العمل المسرحي في أكتوبر القادم على ركح مسرح سيدي بلعباس ليتبع بجولة عبر مختلف قاعات الوطن، حسبما أشار إليه صادق، وهي مقتبسة عن كتابه “الرجل حيلته في سفر دون قلب". وسيتم إصدار هذا الكتاب الذي يوجد تحت الطبع باللغات الثلاثة (العربية والأمازيغية والفرنسية) مع طبعة بالخط البارز (البراي) لتمكين المكفوفين من الاستمتاع بالمطالعة. وتوجد حاليا هذه المسرحية المنتجة من قبل المسرح الجهوي لسيدي بلعباس في طور التركيب، وهي مستوحاة من “رجل يسافر دون قلبه" للمؤلف الفارسي ابن المقفع في القرن السادس وصاحب مؤلفات مشهورة على غرار كتابه الأسطورة “كليلة ودمنة". وتدور أحداث قصة هذا العمل الفني في قبيلة للقرود، وعندما بلغ ملكها سن الكبر خلعه أبناءه عن العرش وفي منفاه يتعرّف على سلحفاة تنسج بينهما علاقة غير مرغوب فيها من قبل قبيلة السلاحف الذين يريدون رؤية القرد لقتله والتهام قلبه، حيث أن السلحفاة تدعوه إلى مرافقته، وفي الطريق تعترف له بما ينتظره عند وصوله...". وسيمثل في هذه المسرحية سبعة شباب موهوبين منهم أربع فتيات تم اختيارهن من قبل جمعيات المكفوفين لسيدي بلعباس ووهران، إلى جانب إشراك موسيقي مكفوف في الفرقة. وتهدف هذه “التجربة إلى وضع المسرحيين المعنيين في وضعية جديدة كونهم ينشطون كأشخاص عاديين في الحقل الأدبي، وفي هذا العرض الفني الموجه للجمهور الواسع"، حسبما أشار إليه صادق. وسيكون أيضا الوضع جديدا على الجمهور، حيث أن العرض سيقدم في ظلام تام، إضافة إلى أن المتفرج سيستقبل وسيوجه إلى غاية مقعده من قبل نفس الأشخاص المكفوفين". وسيتم تصوير تدريبات الفرقة الشابة في إطار مشروع إنجاز فيلم وثائقي يهدف إلى تثمين هذه التجربة الأولى والوحيدة من نوعها، علما أن الكاتب لوحده يدير هذا التصوير.