ركز المخرج الشاب عبد الغني شنتوف، في مسرحيته “حب البقاء"، المتنافسة في مهرجان مستغانم للهواة، اهتمامه حول إشكالية أن يفقد الإنسان انسانيته بعد أن يقطع شوطا عصيبا من حياته، يبحث عن الأمل المفقود. كيف يتصرف الرجل أمام أمواج عالية تتلاطم أمامه، وهو يرمي نفسه في حضن قدر غير معروفة أعماقه. قدمت فرقة “المسرح الجديد" لمدينة يسر، النص الساخر للمؤلف سلافومير مرزاك، اقتبسه علي ثامرت إلى لغة دارجة واقعية، لفتت إليها انتباه الجمهور المستغانمي الوفي الذي غصت بهم قاعة عبد الرحمن كاكي سهرة أول أمس، وأمام لجنة تحكيم نظرت في أداء الممثلين الثلاثة: أحسن بشار، محمد بريك شاوش وأحمد بشار. الذين سبحوا مدة ساعة من الزمن في تيارات طموحاتهم وآمالهم وخيباتهم أيضا. وقد مثلت رحلتهم المميزة، وسط ديكور من إنجاز كريمو، الذي أبهر الجميع نظرا لفرادته وذكائه. قارب يتوسط بحر هائج، أمواجه عالية، كانت عبارة عن قطع قماش، يظهر من رحمها ثلاثة شبان، عزموا على قطع البحر إلى الضفة الأخرى. الأمر يتعلق بالحراقة، لا محالة، إلا أن المخرج أكد أن فكرة العمل وليدة قراءة لنص مرزاك الموسوم “البحار العالية"، وألهمته ببناء قصة من محض خياله، تخص “قوردا" شاب هزيل البنية من أصول أمازيغية، أما “نفيخة" فسمين جدا، بينما “توتو" فيعيش بفكرة وحيدة في رأسه، وهي العثور على شيء يؤكل وسط هذا البحر الواسع، حتى وإن استلزم الأمر التضحية بأحد رفاق السفر. الحديث بين الأصدقاء الثلاثة، لا يخلو من الإشارات الضمنية والمباشرة عن حال المجتمع الجزائري، إذ تناول شاوش موضوع الانتخابات والتسابق من أجل الكرسي، حينما صور كل شخصية من شخوصه لتكون نموذجا لتيار من التيارات المتصارعة في الساحة الوطنية، وهي التيار الإسلامي، الأمازيغي، دارت بينهم حوارية ساخرة وهزلية، أصابت الجمهور بنوبة ضحك شديدة دون أن يفقدوا التركيز في باقي العمل. خاصة وأن الممثلين الثلاثة يتمتعون بعفوية ملفتة، وحس فكاهي مختلف عن السائد والرائج في الساحة الفنية.