هدأت الأمور وعاد كل شيء لمكانه وانتهت حمى الانتخابات المحلية التي جعلت البلاد طبلا كبيرا يطبل عليه الكبير والصغير، ولكن الشيء الوحيد الذي بقي هو وجه المدينة المشوه الذي تعلوه صور المرشحين وهي ممزقة تظهر الغضب الكبير لبعض الرافضين لهذه اللعبة السياسية. نهق حماري مستطردا... هي فعلا لعبة تشبه إلى حد بعيد لعبة الغميضة التي يلعبها الصغار ولكن الآن أصبحت من اختصاص الكبار. ضحكت من تحليلاته وقلت... وهل الكبار أيضا يلعبون يا حماري؟ ولماذا الغميضة بالذات؟ قال ساخرا... نعم يلعب الكبار عندما يكون عندهم مراهقة متأخرة وكبارنا نحن يعانون من المراهقة السياسية التي تأتي عادة في سن الأربعين فما فوق وتصيب كل الذين لم يتراهقوا في صغرهم ليعوضوا ذلك الآن ويتراهقوا على الشعب، أما بخصوص الغميضة، فهذه اللعبة تعتمد على اللعب وراء ظهر الإنسان الذي يكون مغمضا عينيه وأنت تختبئ أين تشاء وكيفما تشاء وتجعله يبحث عنك حتى يتعب ويمل وتستمر أنت في الإختباء. قلت... لكن ما علاقة هذا بالسياسة؟ قال... الغميضة هي السياسة في حد ذاتها لأن السياسيين يغمضون عيون الشعب ويختبئون منه ويجعلونه يبحث عنهم في كل مكان ورغم بحثهم المستميت فإنه لا يجدهم ويستمرون في التغماض وهو يستمر في الاختباء حتى يمل الشعب وينصرف عنهم. قلت... يمكن أن أتوقع كيف ستستمر اللعبة، الشعب يبقى مغمض العينين وهم ينصرفون لاستغبائه وتنمية مصالحهم من وراء ظهره أليس كذلك؟ قال ناهقا... يبدو أنك بدأت تستوعب دروس السياسة يا صديقي؟ قلت ضاحكا... ومنك أتعلم يا حماري التعيس من جاور الحمار حتما سيصبح محللا سياسيا بارعا مثلي. نهق حماري من جديد وهو يلعن اليوم الذي عرفني فيه وقال هذا هو حالنا مع من يمارسون السياسة عندنا ولكن أتوقع أن “يحمى الطبل" في الأيام القادمة وستكون معركة أكثر سخونة من التي سبقت. قلت... أكيد فإن العرس هذه المرة سيكون أكبر... إنها الرئاسيات وما أدراك.