لم أستطع فهم تصنيف ما قاله أبو جرة سلطاني بخصوص العهدة الرابعة التي قال بأن الحديث عنها سابق لأوانه والأولوية الآن يجب أن تعطى لتعديل الدستور، هل هذا الكلام ناتج عن مسؤول حزب سياسي يعي ما يقوله ويضع مصلحة الدولة فوق مصلحته الشخصية أم أنه يتكلم من منطلق المنتقم والفاشل الذي يريد أن يشوّش فقط على المطبلين الذين بدأوا بتمرير الرسائل التي تخدمهم. أبو جرة تراجع سياسيا هذا ما تقوله النتائج الانتخابية المحصل عليها، على الأقل، فبعد أن عاد بخطوات في التشريعيات الماضية، وبعد أن تغوّل عليه الغول وفعل ما فعل، ها هو يثبت من جديد أن وزنه أصبح خفيفا في معركة المحليات التي اختلط فيها الحلال والحرام. ولكن هل كان موقفه من المطالبين بالعهدة الرابعة سيكون نفسه لو تمت برمجته مع الناجحين أمثال بلخادم وأويحيى وعمارة بن يونس؟ هل كان سيقول بأن الأولوية للدستور لو أخذ نصيبه من المجالس المحلية؟ هذه هي المعضلة التي يتخبط فيها من ينشطون في الساحة السياسية، وهذه هي سياسة السلطة التي تمارس أيضا “أطعم الفم تستحي العين"، فهذه هي المعادلة الوحيدة المتفق عليها بينهم جميعا. تمنيت لو أن أبا جرة يقول كلاما على قناعة ويبرهن أن مصلحة الشعب في بعض الأحيان يمكن أن تتفوق على مصالح الأشخاص ولكن هذا لا يمكن أبدا ولا يمكن أن أنسى تحوّله الجذري في الانتخابات التشريعية الماضية، عندما خرج علينا من أحد القنوات التونسية ليلة الانتخابات وحتى قبل أن تعلن النتائج الرسمية ليشجب التزوير والحقرة التي تعرّض لها حزبه حتى كاد وجهه ينفجر من كثرة الغضب، ولكن بعدها بساعات فقط وبعد أن لعب المهراز والمهماز معه حتى عدّل في كلامه وصار يقول هذه نتائج مُرضية. لن أستغرب إذا رأيتك بعد أيام تنادي بالعهدة الرابعة، لأن مول الطبيعة ما ينطبع على رأي عامة الشعب.