لا أحد يمكنه أن ينكر دور القدر والمكتوب في ما حدث لضحايا انهيار الجسر بمدينة بوغني الذين لقوا حتفهم بين ميت ومجروح ولكن لا أحد أيضا يمكن أن ينكر مسؤولية الجهات المعنية بإصلاح الجسور والطرقات وغيرها من المنشآت التي من شأنها أن تكون سببا في سعادة أو تعاسة المواطن. بعد أن حدث ما حدث، توجه الوزير عمار غول لمعاينة الحادث بصفته وزيرا للأشغال العمومية، ليأمر بفتح تحقيق في الحادث مع تحديد المسؤوليات. ألا ترون معي أن كلامه هذا عن التحقيق وتحديد المسؤوليات مثير للضحك أكثر من أي شيء آخر؟ كان الأجدر به قبل أن يبحث عن معاقبة غيره أن يعاقب نفسه أولا، بصفته المسؤول الأول عن هذا القطاع الذي شغله لمدة سنوات ومازال لا يعرف حتى الجسور المتهرئة التي يمكن أن تقتل المواطنين الذين لا ذنب لهم سوى أن حياتهم معلقة في يد وزير يظهر في كل مرة لامبالاته بقطاعه. على كل حال لا يمكن أن يكون غول ملما بعدد الجسور الآيلة للسقوط ولا حتى بعدد الطرقات غير المعبدة، لأن رائحة الزفت والقودرون لم تعد تستهويه بقدر ما أصبح يستهويه التخلاط السياسي ودخول المعارك الدونكيشوتية، فكيف بربكم من أصبحت أحلام يقظته كلها تدور حول كرسي الرئاسة أو كرسي الوزير الأول، أن يهتم لأمر جسر متهرئ في بوغني؟ هذا هو حال وزرائنا الذين أصبحوا يعيشون مراهقة سياسية، كلها أحلام وتخمينات وتوقعات وتركوا قطاعاتهم “يديها الواد" كما أودى بحياة هؤلاء الضحايا الذين راحوا بسبب لامبالاة وفشل هذا الغول الذي بدل أن يهتم بشؤون قطاعه أصبح يهتم أكثر بالمرادية وما جاورها.