وجعلت قسنطينة الزهرة الجميلة تخرج من صمت الحجر، لتزيد بهاء بها هي الجسور السبعة المعلقة التي يقصدها السياح من مختلف أرجاء العالم لمنظرها الجمالي، الذي يصعب وصفه وصفا دقيقا ومنصفا، هذه الجسور المتناثرة هنا وهناك في أرجاء المدينة• ارتبط سحر ولاية قسنطينة بهذه الجسور التي أصبحت تستهوي السياح، حيث كانت ومنذ القرن الماضي مصدر إلهام الشعراء والأدباء والفنانين، وظفت في عديد القصائد والكتابات النثرية والشعرية لأدباء وشعراء معروفين كالطاهر وطار وأحلام مستغانمي ومالك حداد وغيرهم، كما سكنت قلوب سينمائيين عالميين كشاهين، ومطربين آخرهم كاظم الساهر الذي كان يأمل أن يصور إحدى أغانيه وهو يعانق الجسور• وتتميز المدينة القديمة بكونها مبنية على صخرة من الكلس القاسي أعطاها منظراً فريداً، وللعبور من ضفة إلى أخرى شُيّد عبر العصور عدة جسور، فأصبحت قسنطينة تضم أكثر من7 جسور حسب المؤرخين، بعضها تحطم لانعدام الترميم وبعضها مازال يصارع الزمن، بالإضافة إلى مرور وادي الرمال على مدينة قسنطينة القديمة وتعلوه الجسور على ارتفاعات تفوق 200 متر، ونظراً لتضاريس المدينة الوعرة وأخدود وادي الرمال العميق الذي يشقها، أقيمت عليها سبعة جسور لتسهيل حركة التنقل• واشتهرت بعد ذلك قسنطينة باسمها، وهي على التوالي جسر باب القنطرة وهو أقدم الجسور بناه الأتراك عام 1792 وهدمه الفرنسيون ليبنوا على أنقاضه الجسر القائم حاليا وذلك سنة 1863، وجسر سيدي راشد يقدرعلوه ب105م، طوله 447 م وعرضه 12م، بدأت حركة المرور به سنة 1912، وهو أعلى جسر حجري في العالم، ثم جسر سيدي مسيد: بناه الفرنسيون عام 1912 ويسمى أيضا بالجسر المعلق، يقدر ارتفاعه ب175م وطوله 168، وهو أعلى جسور المدينة، ثم جسر ملاح سليمان هو ممر حديدي خصص للراجلين فقط ويبلغ طوله 15م وعرضه متران ونصف يربط بين شارع محطة السكك الحديدية ووسط المدينة، بالإضافة إلى جسر مجازن الغنم وهو امتداد لشارع رحماني عاشور، وآخر كان يسمى بجسر الشيطان وهو جسر صغير يربط بين ضفتي وادي الرمال، يقع في أسفل الأخدود، وجسر يتمركز أسفل جسر سيدي مسيد، جسر الشلالات يتواجد على الطريق المؤدي إلى المسبح، وتعلو الجسر مياه وادي الرمال التي تمر تحته مكونة شلالات بني عام 1928• وللرئيس بوتفليقة جسره العملاق في إطار مشروع تحديث وتعزيز المدينة بالجسور ارتأت السلطات المحلية بالولاية إنشاء مشروع جسر الرمال العملاق، وحمل هذا الإسم نسبة إلى وادي الرمال، الذي سيكون بطول 1150م وبعرض 25 م، ذو طريقين ذهابا وطريقين إيابا، بالإضافة إلى سكتي "ترامواي" في وسط الجسر، على ارتفاع أكثر من 100م، سيمتد من مرتفعات"حي المنصورة" وصولا إلى "حي جنان الزيتون" ومن المفروض أن يكتمل بناؤه سنة 2009، الجسر العملاق الذي سيكون واحدا من مفاخر جزائر الاستقلال يسمى أيضا بجسر الرئيس بوتفليقة، على اعتبار أن الفكرة فكرته ويرعاه شخصيا• بيوت القسنطنيين لا تخلو من مجسمات الجسور إن جسور قسنطينة مفخرة في قلوب القسنطنيين والدليل إلصاق صورها في جدران كل منازل القسنطنيين، وفي منتجاتهم، تحفهم التذكارية، وحرفهم التقليدية، فبدون أدنى شك ستظل والشيخ عبد الحميد بن باديس رموز قسنطينة الأزلية، التي لا تزيلها العوامل الطبيعية والاصطناعية. فللجسور نكهة خاصة، خير دليل هو التوافد الكبير للسائحين الجزائريين والأجانب على هذه الجسور خاصة الجسر المعلق الذي تقع أسفله حديقة في غاية الروعة• قسنطينة في الرواية النثرية بين الطاهر وطار وأحلام مستغانمي فمن خلال اهتمام ثلاثية الروائية أحلام مستغانمي بجسور قسنطينة، ظهر بطل الجزء الأول من الثلاثية خال طوبال وهو يرسم الجسور بعد أن فقد ذراعه أين نصحه الطبيب المعالج بذلك وتقول في روايتها "•• جسر باب القنطرة، أقدم جسور قسنطينة وجسر سيدي مسيد وجسر سيدي راشد الذي يتوسط الحجرية العالية ذات الأقطار المتفاوتة وجسر الشلالات مختبئة كصغير بين الوديان •••"• كما كان نفس الاهتمام لدى الروائية الجزائرية الشابة فضيلة في روايتها "ثاء الخجل"• من جهته، الروائي طاهر وطار وفي عناوين فصول روايته الزلزال التي كانت أحداثها في قسنطينة قسمها بأسماء جسورها، أين أبدى اهتمامه في الرواية بالمكان وبكل أبعاده، حيث ظهر تأثيره على السياق الروائي العام والذي بني على 7 فصول استمدت عنوانها من كل جسر في قسنطينة• وقد كان شديد الحرص على إبراز التفاعل القائم بين حياة البطل وبين بيئة المدينة• وقد عبر العديد من الانطباعيين الأوربيين على سحر الجسور والمدينة برسوم كثيرة من البيئة الجزائرية كانت أغلبها تحمل صور الجسور•