كم كنت أتمنى لو أن هذه الطاقات المهدورة في سوق الطراباندو السياسي توجه لأشياء أهم من كل هذه المهاترات الكثيرة بين أشباه السياسيين عندنا وبين السلطة التي تحركهم بالمهماز ومع ذلك “تخلصهم" البقرة وبنتها من خزينة الدولة. وصل الحد بهذا البلد التعيس إلى عودة التيفوئيد الذي نخر، بالأمس فقط، خمسة تلاميذ في أفلوا أدى بحياتهم دون رجعة ومع ذلك لا أحد من القماقم سمع بالحكاية أو حتى حرك ساكنا لأن شأن الشعب لا يعنيهم طبعا. وحدها السياسة أصبحت تحرك “الجماعة"، وكيف يمكن للديناصورات التي تخرج من الباب وتدخل من النافذة أن تفكر في زيادة سعر الخبز مثلا، وهم يملكون ما يكفيهم لشراء الخبز وغير الخبز، وحتى عندما تنتهي صلاحيتهم ينقذهم بوتفليقة بمقاعد في روضة مجلس الأمة التي سال حولها الكثير من الحبر الفيسبوكي من طرف الشعب “اللي ما راه فاهم والو". قال أحدهم لا تفهم أفضل من أن تفهم ما يحدث، لأن كل هذا “التشربيكة" السياسية التي تقوم بها السلطة لها هدف واحد هي أن تكرّه الناس في الممارسة السياسة التي أصبحت تقتل أكثر من التيفوئيد والتهاب السحايا وحتى الطاعون. ومن يتمعن في كل ما يدور هذه الأيام يفهم بأنها “مخدوعة" ومبنية على الشيتة والمصلحة... وغيرها من المصطلحات التي أدخلتنا في دوامة كبيرة كل الأصوات تنادي بعهدة رابعة دون مراعاة للدستور أو حتى لمصطلح التغيير الذي أصبح يفرض نفس أكثر من أي وقت مضى. أتمنى أن يغلق هذا المزاد العلني الذي أصبحت فيه المزايدة ضربا من ضروب المفخرة والتملق للرئيس، وأصبح من لا يصيح بالعهدة الرابعة قد جنى حتما على حاله ولا يلوم سوى نفسه.