يقول الناقد الفرنسي أناتول فرانس، إن “القانون في مساواته العظيمة يمنع الفقراء كما يمنع الأغنياء من النوم تحت الجسور والشحاذة في الشوارع وسرقة الخبز"، هل يا ترى هذه المقولة الواضحة والصريحة والشفافة تنطبق على حالنا وأوضاعنا، أم أن الفقراء يموتون بعد أن شن عليهم الأغنياء حربا في الجسور والشوارع وحتى في لقمة الخبز؟ أحدهم دخل السجن لأنه سرقة قطعتين من “الكاشير" من محل تجاري ولم يكن يملك ثمنهما فحكم عليه بسنة سجنا لأنه اختلس شيئا لا يخصه وها هو يستكمل عقوبته حتى “يتربى" ولا يعود أبدا لما فعل وخاصة أكل الكاشير المسروق. أحدهم أيضا سرق فيما سبق خزينة الدولة وفر بها إلى الخارج وقامت الدنيا ولكنها قعدت لأن عبد المومن الخليفة المختلس والسارق محمي من طرف القانون البريطاني الذي يعيش تحت ظله ورعايته. كذلك يقال بأن شكيب خليل، أيضا، متورط في قضايا من الفساد التي أصبحت تفوح من على صفحات الجرائد أكثر مما يفوح وادي الحراش نفسه، ولكن لا أدري هل جنسيته الأمريكية ستسمح بأن يوضع تحت طائل القانون أم أن أمريكا ستحميه وتدافع عنه بصفته مواطنا أمريكيا. أمامكم نماذج كثيرة عن سارق الكاشير وسارق الخزينة والراشي والمرتشي، ولكن إذا اتضحت الصورة فإن العقاب لا يقع إلا على الضعفاء الذين ينامون تحت الجسور وفي الشوارع ولا يشبعون لقمة الخبز. لكن، يبدو أن أرسطو كان على حق عندما قال إن أسوأ أشكال انعدام المساواة هي محاولة المساواة بين الأشياء غير المتساوية.