تنشر “الجزائرنيوز" حوارا مع الأسير الفلسطيني، سامر العيساوي، المضرب عن الطعام في سجن الاحتلال الإسرائيلي منذ 210 يوم، إثر إعادة اعتقاله، وذلك خلال لقاء خاص عبر محاميه الذي يتابع إوضاعه.. تابعوا. بداية، عرفنا على سامر العيساوي؟ الأسير سامر طارق العيساوي، من سكان مدينة القدسالمحتلة، تم اعتقالي بعد اندلاع انتفاضة الأقصى وحكم علي 30 عاما بسبب مقاومة الاحتلال، قضيت منها 11 عاما وتم الإفراج عني ضمن صفقة “وفاء الأحرار"، وبتاريخ 07 / 07 / 2012 تم اعتقالي مرة أخرى بحجة دخولي إلى منطقة الضفة الغربية، باعتبار ذلك خرقا لبنود الصفقة، بالرغم من أن المنطقة التي كنت متواجدا بها لحظة الاعتقال تابعة للقدس المحتلة، وإلى غاية اليوم، أنا معتقل بسبب حجة واهية، عدا عن المطالبة بإرجاع الحكم السابق، ولكن كل ذلك هو محاولة إسرائيلية للتنصل من الاتفاق واللعب على النصوص، مستغلة أية ثغرة لإعادة المناضلين الذين تم تحريرهم ضمن الصفقة إلى السجون. أسباب الإضراب إعتقلت بعد تحريرك في الصفقة وأعلنت الإضراب، لماذا؟ وما هي رسالتك؟ أنا مؤمن أن إضرابي مصيره النصر إن شاء الله، وما جاء هذا الإضراب إلا بعد أن ثبت لدي بأن الاحتلال يقوم بالالتفاف على الصفقة التي دفع فيها ثمنا باهظا مقابل جندي واحد، لهذا يحاول دائما الالتفاف على هذا الإنجاز الوطني وتجاهل كل التضحيات التي قدمت في أعقاب أسر شاليط، ولإدراكي بأن صمتي على هذا الاعتقال الجائر في حقي وحق الأسرى المحررين الذين تم إعادة اعتقالهم، ما هو إلا تخلٍ عن دماء الشهداء وتضحيات الآلاف ممن قضوا على مذبح العزة والكرامة من أجل حرية أسراهم، وأنا مصمم على مواصلة هذا الإضراب الذي أسميته “الوفاء لغزة"، وسيمنحني القوة والعزيمة للحفاظ على هذه الدماء الزكية التي سقطت دفاعا عن هذا الشعب، فكل الشهداء من أطفال وشيوخ ونساء والجرحى والحصار المتواصل على غزة.. كل هذه الأمور تمدني بالإصرار والعزيمة لمواصلة إضرابي من أجلهم ومن أجل أن يفهم الاحتلال بأننا شعب لا يقبل بأن تسلب كرامته مهما حصل، وكما قلت فإن كان مطلبي الوحيد هو حريتي، فالرسالة التي أريد أن أوصلها من خلالكم بأن روحي لا تقل عن روح أي شهيد سقط من أجل أن يحيا شعبنا بعزة وكرامة، لو تسبب الإضراب باستشهادي أو إطلاق سراحي. الدعم والمساندة ما هو المطلوب لدعم معركتك وباقي المضربين؟ أؤكد أن صفقة الأسرى كانت ذات بعد وطني صرف، إذ أنها شملت الإفراج عن أسرى من كافة التنظيمات الفلسطينية، ومن هذا المنطلق على كل الفصائل العمل وبذل كافة الجهود من أجل إنهاء معاناتنا، فاليوم، نحن اعتقلنا، وغدا لا سمح الله، سيتم اعتقال آخرين تحت ذرائع واهية، وهكذا نكون قد سمحنا للاحتلال بالتلاعب بالصفقة والتنصل من التزاماته بهذا الخصوص. ولهذا يجب على الجميع العمل على كبح جماح الاحتلال لعدم تكرار حالات الاعتقال، والعمل خاصة مع الراعي المصري الذي أشرف على إتمام الصفقة وكان له الأثر الكبير في إلزام الاحتلال بالاتفاق، إلا أن تنصل الأخير من وعوده أمر لا يفاجئنا ولا يجب أن يكون مدعاة أو مبررا لعدم العمل لوقف هذه الأفعال العدوانية، فأنا هنا أناشد وأكرر مطالبتي جميع الفصائل الفلسطينية والإسلامية والقيادات السياسية والأمناء العامين للفصائل والسلطة الوطنية الفلسطينية، بالعمل الجاد والمتواصل، لإنهاء معاناتنا التي يقع إنهاؤها على عاتقهم، بمختلف الوسائل. هل تقوم الإدارة بمتابعة حالتك الصحية بشكل متواصل، وكيف هي ظروفك الصحية اليوم؟ إن متابعة الإدارة لحالتي تتم عبر نقلي في بوسطة بهدف إرهاقي والتسبب بتفاقم سوء الوضع الصحي، تحت حجة أن لدي محكمة، فيتم نقلي إلى معبار الرملة من سجن نفحة وهي مسافة طويلة جدا، بالإضافة لبقائي ثلاثة أيام بداخل المعبار دون أي سبب. أما على مستوى متابعة حالتي الصحية، فأنا منذ إعلاني البدء بإضرابي المفتوح عن الطعام لم يتم الاهتمام بي على هذا الصعيد، إذ لم يكلفوا أنفسهم حتى السؤال عني وعن وضعي الصحي وعدم تقديم أي مساعدة لي، وهذا التجاهل مستمر حتى، اليوم، بل إنني حين أطلب الذهاب إلى عيادة السجن يقومون بالمماطلة والتأخير بذريعة أنه لا يوجد طبيب يشرف على حالتي، وطبعا أنا أتلقى الرعاية من الأسرى الموجودين عندي في الغرفة قبل عزلي عنهم. فيما يتعلق بوضعي الصحي، خسرت حتى الآن ما يقارب 45 كيلو من وزني، وأعاني من آلام مستمرة بالرأس والمفاصل ولا أقوى على المشي وجميع مناسيب المعادن والأملاح تحت معدلها بشكل خطير، ومنذ ثلاثة أسابيع توقفت عن تناول الفيتامينات والسكر ولا أتناول إلا الماء فقط، وأعاني من مشكلة في نبض القلب، حيث تصل عدد نبضاته في الدقيقة إلى 45 نبضة، كذلك نسبة السكر انخفضت إلى 54 وضغط الدم إلى 56/82، وليس لدي قدرة على النوم بسبب أوجاع في الرأس والعينين، وفي المفاصل والعضلات والعمود الفقري وهناك نخزة في القلب ووجع في الكلى. ماذا حصل في سير المحاكم التي تجري حاليا؟ قضيتي موجودة الآن في محكمتين، الأولى هي محكمة عوفر العسكرية، والثانية هي محكمة الصلح في القدس، والتهمة الموجهة لي هي خرق اتفاق التحرير في الصفقة وذلك لدخولي إلى منطقة الضفة الغربية، بالرغم من أن المنطقة التي تم اعتقالي فيها تابعة للقدس، وكل الجلسات التي تقررت لم يتم نقاش القضية فيها، سوى أنهم يقومون بتأجيل الجلسات، وقد قدمت لهم من خلال محامي الدفاع الذي أوكلته قضيتي بطلان دعواهم بأنني خرقت اتفاق الصفقة وأثبتت أنني لم أتجاوز حدود منطقة القدس، هم يطالبون المحاكم بإلغاء العفو الذي صدر بحقي عند التحرر في الصفقة وإعادة الحكم السابق وهو 30 عاما، وكما أسلفت، التهم باطلة ولا أساس لها سوى أنهم يريدون أن يردوا الاعتبار لأنفسهم بعد أن تكبدوا الخسائر وقدموا ثمنا باهظا من أجل إرجاع الجندي المدلل “شاليط". من هنا، فأنا أتوجه إلى كل المحامين من أصحاب الضمائر الحية الذين يحملون شعار الدفاع عن الظلم ويؤمنون بعدالة قضيتنا، بالوقوف إلى جانبنا وتشكيل لجنة من المحامين للمثول أمام المحاكم الإسرائيلية والمطالبة بالإفراج عنا، لأنهم لا يملكون أي شيء ليقدمونا للمحاكم سوى أنهم كما ذكرت يريدون التنصل من الاتفاق، والمضحك أنهم يعتبرون القدس جزءا مفصولا عن الضفة الغربية وهي جزء لا تتجزأ من الضفة الغربية، وهذا حسب كل القوانين والأعراف الدولية، ومع ذلك لقد طلبت منهم أن يوفروا لي بعد الإفراج خارطة توضح الأماكن التي يسمح لي بالذهاب إليها ومنذ أن تحررت وحتى لحظة اعتقالي وهم يماطلون بإعطائي الخارطة، وهذا ما تبين، لاحقا، أنه مخطط معد مسبقا لاعتقال كل أسير لعدم معرفته بحدود وتفاصيل الخارطة التي لديهم. أنت وعائلتك من العائلات الفلسطينية التي ناضلت ضد الاحتلال وقد اعتقلت أنت وإخوانك، حدثنا عن ذلك؟ البداية كانت مع جدي أحمد علي مصطفى، الذي كان أحد قادة الثورة الفلسطينية في القدس زمن الانتداب البريطاني، وقد قاوم المحتل البريطاني واعتقل وحكم عليه بالإعدام إلا أنه تمكن من الهرب من سجن عكا وبعد ذلك صدر بحقه حكم بالإعدام غيابيا وبعد انسحاب بريطانيا استمر في مقاومة الاحتلال الصهيوني إلى أن توفي في العام 2001، وبعد جدي جاء عمي أسامة أحمد مصطفى، الذي كان يدرس عام 1982 في إحدى الجامعات الأمريكية إلا إنه بسبب اندلاع الحرب اللبنانية عاد لينضم إلى صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية ليقاوم الاحتلال إلى أن استشهد في نفس العام وجثمانه ما زال مفقودا إلى هذا اليوم، وأيضا استشهدت جدتي، الحاجة فاطمة، إثر استنشاق الغاز المسيل للدموع عام 1992. وكذلك تم اعتقال أمي وأبي لفترات قصيرة، واعتقال عمي هاني أحمد علي عام 1965 وتم الإفراج عنه سنة 1982. واستشهد أخي فادي بعد الإفراج عنه من السجن بثلاث شهور وذلك في اليوم التالي لمذبحة الحرم الإبراهيمي، وكان فادي لا يتجاوز 17 سنة وعلى إثر المذبحة هب مع رفاقه للإعلان عن غضبهم فكانت لحظة لقائه مع الشهادة. وأخي مدحت الذي قضى 17 عاما من فترات الاعتقال المتلاحقة ولخمس مرات على التوالي، وهو اليوم معتقل على إثر دعمه للإضراب الأخير للأسرى. وأخي شادي أمضى 11 سنة خلال أربع اعتقالات وتم الافراج عنه عام 2008. وأخي رأفت الذي اعتقل ثلاث مرات وأمضى 6 سنوات. وأخي فراس اعتقل مرتين وأمضى خمس سنوات ونصف. وأختي، المحامية شيرين العيساوي، اعتقلت لمرة واحدة وأمضت سنة داخل السجون وستة شهور بالإقامة الجبرية وتم سحب رخصة مزاولتها للمهنة وذلك بسبب دفعها لمخصصات الأسرى التي كانت تحصل عليها بموجب وكالات قانونية تسمح لها بإدخال المبالغ لأسرى قطاع غزة. عدد أفراد عائلتنا 6 ذكور وأختان وجميعنا تعرضنا للاعتقال، عدا أخت لي وهي صغيرة، أما أنا فتم اعتقالي 4 مرات وأمضيت 13 سنة داخل السجون وهذه المرة الخامسة التي أعتقل فيها. طبعا هذا الوضع قد لا يكون طبيعيا للأسرة، إذ أنها نادرا ما تستطيع أن تجتمع مع بعضها، لكننا نؤمن أن ما قدمناه لا يقل عن تضحيات الكثيرين من هذا الشعب في مواجهة الاحتلال، وأذكر أنه حين استشهد أخي فادي، كان مدحت وفراس معتقلين فنحن منذ عام 1987 ولغاية اليوم لم يتسن لنا أن نجتمع كأسرة على مائدة رمضانية، إذ أنه غالبا ما يكون أحد الأفراد معتقلا، مع العلم أنه تمت مطاردة أخي مدحت لمدة ثلاثة أشهر وأنا تمت مطاردتي لمدة سنة. ما هي الرسالة التي تريد إبلاغها؟ أنا لم أفقد الأمل بأمتي العربية والإسلامية، وعلى ثقة بأن الصحوة قادمة بعد سباتها الطويل، ولن تترك الشعب الفلسطيني يواجه المحتل وحده، فالواجب الديني والإنساني والأخلاقي يحتم على الأمة العربية والإسلامية أن تعمل على إنهاء معاناة شعبنا التي تجاوزت النصف قرن، هذه الأمة التي بنت الحضارة وارتقت إلى مصاف الأمم بحفاظها على مبادئها وقيمها التي حققت للإنسان حياة كريمة، ومن هذا المنطلق فإني أتوجه إلى أمتي التي ما زلت على يقين بأنها ستصحو عاجلا أم آجلا، وحينها سيدرك كل العالم أن الوقت قد حان لتقود هذه الأمة هذا العالم إلى بر الأمان. أتوجه إليك يا أمتي، في هذا الوقت العصيب الذي تشتد فيه المؤامرات ضدنا، فهاهم أعداء الأمة يسيئون إلى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هاهم يعلنون فشلهم الدائم ويؤكدون على أنهم قادرين أن ينالوا من شخص الرسول الكريم، وقد أثبتت أمتنا العربية والإسلامية قدرتها على مواجهة هؤلاء المرتزقة الذين لا عمل لهم سوى تشويه الإسلام والمسلمين والمس برموزنا الطاهرة، فها هي أولى القبلتين مسرى الرسول الكريم تستصرخ ضمائركم لتهبوا لنجدتها ونجدة أبنائها، فكل يوم جديد هو يوم لتغير وجه الأرض، يوم للتدمير والاقتلاع والتهويد، يوم للمس بمقدساتنا الإسلامية والمسيحية، فمتى سيتوقف كل هذا؟ ومن هنا أنا أوجه رسالة إلى كل مسلم وعربي لم يسعفه الوقت للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتحديدا قطاع غزة الحبيب، أن يقوم بمناصرة قضيتنا ودعمها والوقوف إلى جانبنا، لأننا اليوم وبإضرابنا هذا إنما نحمي دماء شهدائنا وآهات جرحانا من الاحتلال، ودعمكم لنا يعد دعما لهؤلاء جميعا. وهنا أوجه رسالة خاصة إلى الرئيس المصري، محمد مرسي، والذي جدد آمالنا في مصر أم الدنيا والحاضنة للشعب الفلسطيني والمدافعة عن قضيته وعدالتها، مصر التي رعت الصفقة “وفاء الأحرار"، وأتمنى عليها ممثلة في سيادة الرئيس مرسي، بإتمام ما بدأه من عمل وجهد مبارك في إتمام هذه الصفقة ووضع حد أمام انتهاكات الاحتلال للاتفاق الذي تم بموجبه تحريرنا وصولا إلى الإفراج عنا بأسرع وقت.