"رواد الأعمال الشباب, رهان الجزائر المنتصرة" محور يوم دراسي بالعاصمة    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)    مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية        ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 44211 والإصابات إلى 104567 منذ بدء العدوان    الجزائر العاصمة: دخول نفقين حيز الخدمة ببئر مراد رايس    فترة التسجيلات لامتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق يوم الثلاثاء المقبل    العدوان الصهيوني على غزة: فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    الكاياك/الكانوي والباركانوي - البطولة العربية: الجزائر تحصد 23 ميدالية منها 9 ذهبيات    أشغال عمومية: إمضاء خمس مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    "كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    الغديوي: الجزائر ما تزال معقلا للثوار    قرعة استثنائية للحج    الجزائر تحتضن الدورة الأولى ليوم الريف : جمهورية الريف تحوز الشرعية والمشروعية لاستعادة ما سلب منها    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    المخزن يمعن في "تجريم" مناهضي التطبيع    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    الجزائر محطة مهمة في كفاح ياسر عرفات من أجل فلسطين    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    47 قتيلا و246 جريح خلال أسبوع    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    دخول وحدة إنتاج الأنابيب ببطيوة حيز الخدمة قبل نهاية 2024    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    4 أفلام جزائرية في الدورة 35    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشرات الشكاوى وتقارير سوداء لأعلى السلطات بلا جدوى.. نفطال تنهار على نار هادئة
نشر في الجزائر نيوز يوم 20 - 02 - 2013

لقد اكتشف الرأي العام بأن هناك فسادا في نفطال، وأن غالونات من الوقود غير محصورة الكمية، سُرقت من مستودعات نفطال.. لكن لم نعرف الكيفيات ولا الطرق.. تقول مجموعة من العمال إن “العصابة" التي حققت معها مصالح الأمن قبل أيام قليلة وقدمت ملفها للعدالة، متضمنا قضية سرقة الوقود من مستودع نفطال بالخروبة، “ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الثلج، لأن السرقات داخل المؤسسة لا يحترفها فريق واحد من المنفذّين، بل فرق أخرى تعمل حسب المداومات وتقتسم عائدات تلك السرقات في الخفاء، مع مسؤولين كبار".. ويذهب العمال إلى أبعد من هذه القضية، حينما وضعوا بين أيدينا وثائق يقولون إنها وصلت إلى العديد من المسؤولين في أعلى هرم الدولة، “لكن لم يُحرّك لها ساكن".. وإذا كانت الصحافة الوطنية قد تناولت الملف إنطلاقا من معلومة وصوله إلى العدالة، فإن “الجزائر نيوز" حققت في التقنيات والكيفيات الجهنمية والشيطانية التي تُسرق بها آلاف غالونات الوقود، وحققت في ملفات أخرى وردت في تحقيقات رسمية كالصفقات المشبوهة وطرق التوظيف الملتوية وأشياء أخرى.. وحاولت الاستماع إلى كل الأطراف، إلا أن نفطال، تبقى ترفض الرد على اتصالاتنا واستقبالنا منذ أكثر من أسبوعين، لذا قررنا نشر ما بحوزتنا من معلومات موثقة حول ما يجري من فساد داخل المؤسسة، كما يصفه بعض عمال المؤسسة.
هل قضية سرقة وقود نفطال لبيعه في السوق السوداء، وإحالة ملفها على العدالة، هي السرقة الوحيدة التي حدثت في الشركة الوطنية، وتمكنت مصالح الأمن من كشفها منذ الوهلة الأولى؟؟.. “الأكيد لا" يقول عمال على صلة بتفجير القضية، ويضيفون “إن مصالح الأمن لم تكن لتكتشف خروج الشاحنة من مستودع الخروبة لولا الإبلاغ عن القضية التي نصبت مصالح الأمن كمينا، لمقترفيها على طريق المركبة التي كانت متجهة لإفراغ محتواها المسروق لأحد بارونات الاتجار بالوقود المسروق". هذه العملية ليست سوى واحدة من عدد غير معلوم من السرقات غير المكتشفة في حينها، “والتي لن تنكشف إلا بفتح تحقيق عميق بمديرية تسويق وتوزيع المنتوجات البترولية بالعاصمة، أو بكل الوحدات التي تشبهها عبر الوطن، وهناك عدد من العمال على أتم الاستعداد لكشف التقنيات التي يتم بها سرقة الوقود من الخزانات أمام العدالة أو مختلف مصالح الأمن في حال فُتح هذا التحقيق رسميا".
كيف تسرق مافيا نفطال الوقود من خزانات محروسة بالسلاح؟
يقول تقرير مفصل موجه من طرف مجموعة من العمال وبطرق خاصة إلى مسؤول كبير في الدولة، إن عملية السرقة تبدأ في أغلب الأحيان بالليل بتواطؤ مع سائق شاحنة من الشاحنات التابعة للشركة وعون الأمن الداخلي للمستودع والعامل البسيط الذي يقوم بتعبئة وملء خزان المركبة الثقيلة.
ويفيد التقرير أن هذه الشاحنات تخرج تارة بفاتورات مستنسخة عن طريق جهاز السكانير أو عن طريق فواتير غير صالحة لم يتم إلغاؤها من طرف شركة نفطال.
ويدقق التقرير أنها عملية تتكرر بشكل شبه يومي تصل فيها الكميات المهربة من داخل مستودعات نفطال حسب الوثيقة إلى 200 ألف لتر أسبوعيا. وبطبيعة الحال عملية السرقة ليست سوى المرحلة الأولى من المخطط، الذي يتواصل إلى غاية تغطية وتعويض الوقود المسروق من مؤسسة تحظى بحراسة مشددة.. كيف ذلك؟؟
نفطال تتلقى التموين بمادة الوقود بشكل شبه يومي من شركة تكرير البترول التابعة لشركة سوناطراك عن طريق الباخرة، وتكون عملية التزويد عبر أنابيب ممتدة من ميناء العاصمة إلى مستودع نفطال ويُشرف على العملية من بدايتها إلى نهايتها، عنصران مداومان تابعان لشركة تكرير البترول. أما عملية ضخ الوقود من الباخرة إلى الخزانات فيُشرف عليها عاملان أيضا هما (ن. أ) و(ب. م)، إذ يتكفلان بمهمة قياس الكمية التي ضُخّت، فيضعان على ورقة القياس التي تُرسل لاحقا للدائرة أو المصلحة المعنية بها، يضعان الكمية مبتورة من آلاف اللترات تمهيدا لسرقة الفارق في الليل. وكي لا يتم كشف السرقة تستغل “العصابة" كما يصفها العمال الخزانات التي تكون نفطال قد سبق وأن أجرت قياس محتواها وتكون على أهبة فتحها أمام الشاحنات للتزود منها، وبالتالي يصعب معرفة وجهة الكمية المسروقة مع فتح خزانات غير مستغلة بعد، قياسها الأصلي غير صحيح، فيقع التلاعب أثناء الشحن والتفريغ في آن واحد والذي تكون فيه حركة الشحن نشيطة جدا، فلا يظهر في النهاية أثر النقص لا في الوثائق ولا في خزانات الوقود التي تكون قيد الاستغلال.
هل مسؤولو نفطال على علم بهذه السرقات؟
يقول أصحاب هذه المعلومات إن قضية سرقة الوقود معروفة داخل نفطال، لكن الشركة لم تحاسب أحدا حتى ولو أن كثيرا من القضايا قد بلّغ عنها العمال وفق تقارير وصلت لمختلف المسؤولين. ويذكر العمال الدليل على أن السرقة موجودة ولم يتم الإبلاغ عنها بأن نفطال عمدت إلى تقنية تشميع الخزانات بعد كل عملية شحن، لكنها لم تتابع أحدا.. لماذا؟؟ “التواطؤ طبعا مع بعض المسؤولين المستفيدين من مداخيل الوقود المسروق التي تصل في بعض الأحيان إلى نصف سعر الشاحنة الواحدة من البنزين وتكون في حدود 30 بدل 60 مليون سنتيم". ويشير العمال في هذا الباب إلى نقطة هامة وهي أن العمال المشرفين على الشحن والتفريغ دائما يقيدون ملاحظة “RAS/ rien a signaler" على وثيقة القياس والتي تعني “لا شيء يمكن الإبلاغ عنه".
من المعني بالدفاع عن المؤسسة وما يحدث من فضائح داخل نفطال؟
تعدّد مجموعة العمال التي زودتنا بهذه المعلومات مجموعة أخرى تتكون من ثمانية إطارات، يُفترض أن تكون قد تحركت لما يحدث في الشركة، ويذكرون على رأس المجموعة الرئيس المدير العام أكريتش السعيد، يليه مستشاره الشخصي وأمين عام النقابة الوطنية لنفطال، بلجردي سيدعلي، والمنسق النقابي رشيد شملال، وزميله في النقابة أيضا شانون حسين، وحرشاوي بلقاسم مدير فرع الوقود، وهني أمين مدير وحدة التسويق وتوزيع المواد البترولية وبراهيمي عبد الحميد مدير وحدة الوقود للجزائر. لماذا هؤلاء بالتحديد؟؟
يقول عمال نفطال إن هذا هو الفريق المعروف لدى كل عامل في نفطال، من أبسطهم إلى أعلاهم رتبة، بأنها الشبكة المسؤولة عن إدارة نفطال كونهم يحوزون على أهم المناصب الحساسة في الشركة، التنديد بالفساد داخل نفطال لم يبدأ في العام الجاري، إذ يقول مصدر من العمال إن التنديد بدأ في 2006، “وقد وقع حراك في هذا العام بعد رفع تقارير مفصلة للرئيس المدير العام الحالي الذي اشترط علينا لقاءه في اجتماع خاص، لكننا رفضنا لتحفظنا على حضور الأمين العام للنقابة بلجردي سيد علي لأن طلب اللقاء كان يهدف من ورائه المدير معرفة الرؤوس التي تقوم بالتنديد وتكشف المستور للتخلص منها لاحقا عن طريق عملية انتقام ينفذها بلجردي سيد علي". وأمام هذه النية المبيتة في التخلص من العمال الناقمين على وضع نفطال يقول محدثنا واصلنا جمع المعلومات عن كل الخروقات والتجاوزات، “وأرسلت إلى مزيدي عبد الحميد مدير الفرع التجاري سابقا الذي أخبر بها المنسق النقابي رشيد شملال الذي سعى للعب دور ملطف الأجواء مع العمال لكي لا يذهبوا بعيدا في تقاريرهم". يضيف عمال من نفطال أن “تقاعس المسؤولين دفعنا إلى اعتماد خطة أخرى لكبح الفساد قليلا، فجعلنا نُشعر المسؤولين من الرئيس المدير العام إلى أصغرهم رتبة بأن كل التقارير والتنديدات بالخروقات والتجاوزات موجودة بحوزة مصالح الأمن وهيئات أخرى في هرم الدولة، فشرعت الإدارة في هجوم معاكس من خلال مضايقة بعض العمال الذين تحسست أنهم وراء كشف الفضائح وقد تم التخلص من عاملين على الأقل".
الغريب في الأمر حسب محدثينا من العمال أن التحرك الذي يُفترض أن يصدر عن المسؤول الأول على نفطال، أكريتش سعيد، جاء بطريقة عكسية، “فعوض الذهاب بعيدا في التحقيقات، قام الأخير بتوجيه رسالة أولى من نوعها بتاريخ 13 جانفي الفارط، إلى عمال نفطال، يثني فيها على إنجازات نفطال تحت قيادته والالتزام بخدمة المواطنين والالتزام إزاء الأهداف المسطرة من قبل المؤسسة، ليطلق نداء تعبئة وسط العمال يقول فيه “يتوجب علينا أن نحتفظ ونعزز الديناميكية التي أحدثناها على مستوى المؤسسة، كما يجب أن نتوخى الحذر من التهديدات المتكررة التي تتربص بالمكتسبات القيّمة للشركة لفضل العمل الجاد والتضحيات الجسام"، وهي الرسالة التي فهمها العمال الذين زودونا بالوثائق والمعلومات بأنها “محاولة رد فعل مباشر من الرئيس المدير العام سعيد أكريتش، على ملفات الفساد التي بدأت تظهر"، ويطرح العمال إشكالا كبيرا يزيد من تعقد ملفات نفطال وهو “الحصيلة السنوية التي يتم المصادقة عليها برغم تلك السرقات من الوقود، سيما وتقديراتنا تصل لحدود اختفاء 3 ملايين لتر من الوقود سنويا"، يضيف عمال من نفطال.
ما هي الملفات الأخرى؟
يتحدث تقرير داخلي أنجزه إطارات من نفطال عن تجاوزات مالية خطيرة خاصة من طرف إحدى المؤسسات الجزائرية الفرنسية المسماة “باتينكو" المختصة في الزفت (نسخة من التقرير بحوزتنا)، وقد استفادت هذه المؤسسة من مقدمات مالية تجاوزت في عدد من المشاريع ال 50 بالمائة، ويقول التقرير إنها مقدمات غير قانونية مع إلغاء عدد من الغرامات الناجمة عن تأخر توفير مضمون العقود، “وهي غرامات أقرها إطارات نزهاء من نفطال" يقول عمال. ويفيد التقرير أن غرامات هذه الشركة تقارب ال 40 مليار في مراكز انتاج الزفت ببجاية والعاصمة، حيث كان من أهم أسباب تأخر مشروع الطريق السيّار هو تأخر باتينكو في تزويد المشروع بكميات الزفت المتفق عليها.
ويطلب إطارات من نفطال، في رسالة تتضمن طلب فتح تحقيق، التعريج نحو ملف احتكار بعض المقاولين ورجال الأعمال لمختلف مشاريع نفطال، والبحث في الطرق وآجال إنجاز ما منحته لهم نفطال من صفقات، يقول التقرير إنها تتم عادة باستشارات داخلية بعيدا عن قانون الصفقات العمومية.
وزودتنا مصادرنا بقوائم طويلة من أسماء أشخاص تم توظيفهم لهم علاقات قرابة ومصاهرة يشتركون كثيرا في ألقابهم كما توضحه القوائم. وتضمن التقرير أيضا تفاصيل علامة “فابريسام" الإسبانية المختصة في صناعة المقصورات الناقلة للغاز المميع، حيث يتحدث العمال عن تعرضها لتشققات تم توجيهها مباشرة للرويبة من أجل إصلاحها وتلحيمها، وهي الصفقة التي كلفت نفطال 10 ملايين دينار دون أن يتم طلب التعويض من الشركة الإسبانية.
ويتحدث التقرير أيضا عن لجوء مسؤولي نفطال إلى تأجير ناقلين خواص بشكل غير عادي لنقل منتوجات الزفت، وذلك دون عقود واضحة، والقاعدة الأساسية في تنفيذها هي وصلات عادية بدل عقود موثقة في إطار قوانين الصفقات العمومية “إذ عادة ما يكون التأجير بالتراضي لعدد كبير من الناقلين عبر مراكز إنتاج الزفت في الوطن"، يضيف العمال.
كما يتحدث التقرير أيضا عن صفقات بالتراضي من خلال عقود مع فنادق خواص بالعاصمة، تقدر بالملايير عبر فروع “كوم" و«جي بي آل" و«سي بي آر" وأيضا مع شركة تسويق وتوزيع المنتوجات البترولية، وتذكر التقارير في هذا الباب كل من فنادق سيدي النوي بالشراقة ودار الضياف ببوشاوي والفندق الكبير ببرج الكيفان، وتوضح أنه من النادر جدا ما تكون هناك عقود مع فنادق عمومية.
فواتير معدة للممونين قبل طلبها من نفطال
وتضمن التقرير أيضا كشفا لعشرات المقتنيات كانت فواتيرها معدة سلفا، حتى قبل تحرير طلب بشأنها وقبل موافقة الإدارة عليها. وتشير الوثائق إلى أن كثيرا من المقتنيات أعدت فواتيرها ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر قبل تحرير طلبها، وهو ما يعد تجاوزا خطيرا سجله فريق التحقيق.
سجل أسود من قضايا الفساد في نفطال نشرته الصحافة ولم يتحرك أحد
نشرت مختلف العناوين الوطنية عشرات المقالات عن عدد من الفضائح التي هزّت نفطال عبر مختلف وحداتها عبر الوطن، لكن لا أحد تحرك لمحاسبة المسؤولين بتتبع أثر المسؤولية من القمة إلى القاعدة. كانت آخر تلك المقالات تلك التي تحدثت عنها الشروق في منتصف أكتوبر 2012 وتتعلق بنهب ربع مليون لتر من الوقود وهي حمولة تعادل تسع شاحنات تكفي لتزويد 40 ألف سيارة، حسب الجريدة، وإذا بقي النهب متواصلا منذ تلك الفترة، فإنه بحلول 2013 سقطت أولى الشبكات بإحالة بين 17 و19 عاملا بوحدة الخروبة لتخزين الوقود على العدالة بعد اختفاء جديد ل 300 ألف لتر من محطة الخروبة بالعاصمة.
وتؤكد المقالات المنشورة أن ثقافة الاختلاس والسرقة في نفطال لا تتعلق أساسا بسرقة الوقود فقط، بل باختلاس أموال المحطات أيضا، مثلما كشفته قضية إحدى محطات نفطال بتلمسان، حيث اختلس قابض وموظفون ما مقداره 60 مليون سنتيم، وتحدثت الشروق كذلك في أكتوبر من العام الماضي عن نهب الملايير في مئات الصفقات الخارجة عن القانون في نفطال منها أجور وهمية لموظفين لم يدخلوا يوما إلى الشركة، وفي مشاريع تحديث محطات نفطال عبر 16 ولاية، وظهور الثراء الفاحش على بعض المسؤولين، هذا فضلا عن قضايا تحويل صكوك مزورة بنفطال وإيداع محاسب رئيسي الحبس واستجواب 20 متهما من طرف قطب سيدي امحمد للتحقيق مثلما نُشر في جويلية الماضي. وسبق للزميلة الخبر أن نشرت موضوعا آخر عن منح صفقات بالتراضي وتضخيم للفواتير وتحايل على القانون حول الفرع التجاري لنفطال بالعاصمة، ومقال آخر في مارس الماضي عن صفقات مشبوهة لتموين “نفطال" بمواد غذائية فاسدة على مستوى مديرية تسويق وتوزيع المنتوجات البترولية، وتعتبر هذه المختارات من المقالات التي جمعناها في إطار هذه الإضاءة على ما يجري في نفطال، عينة بسيطة مما كُتب، لكنها تجعل من الشركة ومن خلال الملايير المنهوبة بكل الأدلة التي أعلنت مختلف العناوين أنها تملكها، أنها تنهار على نار هادئة أمام أعين المسؤولين، المشدودين إلى سوناطراك الأم بينما أولادها (فروعها) في غرق مستمر.
نفطال لا ترد
حول كل ما سبق، حاولت “الجزائر نيوز" الاتصال بالرئيس المدير العام سعيد أكريتش لتحديد موعد معه لمعرفة رأيه أو موقفه من كل ذلك، وتمت المحاولات عبر مديره للإعلام والاتصال السيد شردود، إلا أنها كلها باءت بالفشل، بعد أن تجاوزت مدة الانتظار عشرة أيام. لكن بالعودة إلى الصحافة الوطنية، عثرنا على تصريح نشرته الزميلة الشروق للسيد شردود يعتبر فيه الحديث عما يُنشر من ملفات في الصحافة ويُنسب لنفطال “تصفية حسابات"، وهي العبارة التي لم يشأ ترديدها عندما طلب منّا انتظار موعد يحدده لنا بعد أن يستشير مسؤوليه قائلا “مثلما لكم مسؤولين، أنا أيضا عندي مسؤولين علي استشارتهم لكي أرد على ما تتحدثون عنه حول الملفات"، مضيفا “هل تأكدتم بأن الوثائق التي بحوزتكم غير مزورة؟؟"، منهيا المكالمة معنا على أمل تحديد موعد للنظر فيها إلا أن ذلك لم يأت منذ قرابة الأسبوعين.
تحقيق: عبد اللطيف بلقايم/ ت: دودو.ت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.