قلت لحماري باستياء كبير... لماذا أيها الحمار فقدنا الثقة في كل شيء له علاقة بالدولة ومؤسساتها؟ قال ساخرا... وهي أيضا فقدت ثقتها في الشعب ونسيت تماما هذا المصطلح، وعلى ما يبدو تريد أن تطبق حكمة هنيني نهنيك. قلت بحزن... لكن بهذا سيكبر الشرخ وتتسع الهوة ولن تعود المياه لمجاريها. قال ضاحكا... ومن يهتم لذلك، أظن أنك الوحيد الذي يحاول أن يبحث في طبيعة هذه العلاقة التي أصبحت من الماضي؟ وأضاف ونهيقه يغطي المكان... لا تقل أنك مازلت تؤمن بالحكومة ووزرائها وتتطلع أن تأخذ نصيبك كمواطن منهما؟ قلت... لا اطلع لشيء ولكن الفتور الذي أصاب علاقة المواطن بدولته هو الذي يحيرني ويجعلني أسأل هل من حل؟ قال... فكر في نفسك أحسن من أن تفكر في الجميع. قلت... لا يمكن أن أفصل نفسي عن الوسط الذي أعيش فيه. قال ببؤس.. لكن الوسط الذي تعيش فيه فصل نفسه عنك منذ زمن والمؤسسات التي تسأل عنها هي التي عملت على هدم العلاقة بينها وبين أفراد الشعب. قلت... يقولون لا تكون الدولة دولة إذا كانت ملكا لفرد واحد. قال... ويقولون أيضا أن الدولة هي أداة خدمة للمصلحة العامة وليست سلطة عليها فوقها. قلت... لماذا تعاند يا حماري؟ قال ساخرا... حتى أخرجك من هذه المثالية والطوباوية التي سكنتك وأصبحت تصور لك الحياة بشكل آخر. قلت... إذن أنت ترى أن هذا الشرخ هو الحال العادي؟ قال... لم أقل هذا ولكن المؤكد أن قيمة الدولة في الأصل تقاس بقيمة أفرادها ولكن نحن فصلنا في كل شيء ولم نعد نعير هذه المفاهيم حقها. قلت... كثر خيرك على هذا التحليل القاتل. نهق نهيقا خبيثا وقال... لا شكر على واجب والمخفي كان أفجع مما تتصور أنت وغيرك.