عندما تكثر الفلسفة يكثر الخيال، وعندما يكثر الخيال يكثر الكذب، هكذا قلت لحماري بعد أن حاول إقناعي بفكرته حول الدولة المثالية التي يريدها. قلت له: لو أن ما تريده يمكن أن يتجسد لما بقيت نظرية أفلاطون مجرد فكرة في كتاب، ولكن شراسة البشر هي أساس اللاعدل الذي نحياه. نهق نهيقا مخيفا وقال: حتى الأحلام صارت ممنوعة علينا؟ قلت: الجياع لا تحلم، ثم الجنة لا توجد إلا في السماء يا حماري. قال: لا نريد الجنة ولكن نريد القليل من العدل فقط. قلت: وهذا ما لا يمكن أن يحققه حتى المارد لك، يجب أن تفكر في أشياء أبسط بكثير من هذا. قال صارخا: مللت من دور السلطة المتسلطة ومن دور الشعب المغبون. قلت ساخرا: غير البلد واختر لنفسك وطنا آخر لا مشاكل فيه. قال: كل الأوطان لا يمكن أن تحتويني والمشكلة ليست في وطني، ولكن أصل الهم والغم في من يسيرون هذا الوطن “بالعوج". قلت: اسأل أصدقاءك الحمير في كل الدول واسمع آراءهم وربما ستجد نفسك أحسن منهم بكثير. قال: أنا متأكد أن كل الحمير عبر العالم، يعانون مثلي ولا مجال للسؤال فالجواب يظهر من عنوانه. قلت: إذن تنازل عن أفكار الدولة الأفلاطونية وارضخ مثل غيرك من الحمير الذين تنازلوا عن كل شيء في سبيل أشياء كثيرة. نهق نهيقا مخيفا وقال: التنازل إلى متى؟ قلت: حتى يفرج ربي. قال: صحيح أن الفرج من عند الله ولكن يا عزيزي السكوت أيضا ليس في صالح الشعوب التي أصبحت تتألم من الظلم. قلت: قدرنا هذا، ولا يمكن أن نهرب من القدر إلا إذا... وصمت (لا أستطيع الكلام).