قال حماري وهو يحاول أن يسخن مفاصله التي أوجعها البرد، تراه كان على حق ماركوس أوريليوس عندما قال إن الفقر أبو الجريمة؟ قلت له مندهشا... وهل يمكن أن تقول عكس ذلك يا حماري المتفلسف؟ تنحنح في مكانه وقال... وجدتني أفكر بعمق في الوضع الذي وصلنا إليه من فساد ودمار أخلاقي كبير ولا يمكن أن يمر يوما دون حدوث جريمة أبشع من سابقتها. قلت... وهل تظن أن ما وصل إليه حال البلاد من اختلاس أصله هو الفقر؟ قال ساخرا... بلادنا لا يمكن أبدا أن تحلل وضعها لأن أمورها متداخلة ولا يمكن أن تعرف أصل الفساد المستشري إلا إذا وضعت يدك على جراح كثيرة. قلت... هل يمكن أن يقضى على هذه الآفة يا حماري؟ نهق نهيقا كبيرا وقال بحزم..."ماشكيتش" ولكن كل شيء ممكن يا عزيزي، وعلى السلطة أن تنتبه إلى أن هذه الفضائح هي التي ستفقدها ثقة شعبها فيها وأنت تعرف عندما تذهب الثقة كيف سيكون الأمر. قلت... أنت تلمح للسنوات الحمراء؟ قال ساخرا... الحمراء والسوداء وكل الألوان التي يحملها قوس قزح، وأنت تعرف فيما مضى عندما “تخلطت" الأمور ماذا حدث. قلت... يا لطيف دعنا من تلك الذكريات الأليمة. قال... وهل نسيتها أنت وغادرت خيالك؟ قلت مترددا... نعم يا حماري ذهبت إلى غير رجعة. قال... أشك في كلامك ولكن أتمنى فعلا أن تكون قد نسيت ومع ذلك على السلطة أن تعيد ضبط نفسها حتى لا يتكرر الخطأ. قلت... ما رأيك لو وضعت كل مفسد في السجن وحكمت عليه بالإعدام. أطلق ضحكة ساخرة لا تخلو من النهيق المتواصل وقال... هذا إجراء تعسفي في حق هؤلاء لأن الفساد أصبح هواية الجميع وبهذا يمكن أن تعدم الشعب كله. قلت... أنت حمار لئيم وتدور حول نفسك وتتهم الشعب ولكن تنسى دائما من يجب إعدامهم حقا.