قلت لحماري، افرح أيها الحمار التعيس سنأكل لحما بولونيا في رمضان القادم، أكيد سيكون طيب المذاق لأن أبقارهم تتوفر فيها كل شروط الجمال. نهق نهيقا خبيثا وقال: أنت إذن تبحث عن الجمال ولا تبحث عن اللحم يا عزيزي. قلت ساخرا: أبحث عنهما الاثنان ولا عيب في ذلك. قال وهو يضرب الأرض بحافريه: العيب في أن اللحم الذي تتكلم عنه ستأكله بشرط أن يقايض بزيت الزيتون والتمور الجزائرية والبرتقال والفراولة.. هل تقبل هذا؟ قلت ضاحكا: حتى لو كانت المقايضة بالبترول كنت سأقبل. أطلق حماري ضحكة طويلة تحمل الكثير من الاستهزاء وقال: بولونيا أصلا عندما وضعت شروطا كانت تعرف أننا شعب لا يستغني عن الأكل وخاصة اللحم ونجد متعة في ذلك لهذا لم تتردد في طلب ما هو أغلى. قلت: إذا أردت الحق فإن الأبقار البولونية تستحق التنازل. صرخ حماري عاليا وقال: ما بك هل فقدت عقلك وأصبحت غريزيا لهذا الحد؟ قلت: ليس كذلك، ولكن في ماذا تريدني أن أفكر ونحن الشعب مسموح لنا أن نتكلم عن بطوننا فقط؟ قال: صحيح، نسيت أنني أمام مواطن باع القضية وأصبح مجرد فأر تقام عليه التجارب فقط؟ قلت: يا ليتني كنت فأر تجارب على الأقل أحس أنني ذو قيمة ولكن أنت كمواطن تعيش في دولة مثل الجزائر وتأتي بولونيا لتملي عليك شروط أبقارها هذا غريب؟ قال ناهقا: هنا المصيبة وعلى الرغم من مساحتنا وإمكانياتنا الفظيعة إلا أننا لسنا أكثر من دولة مستهلة تنتظر من بولونيا أو السودان أو الهند حتى تطعم شعبها لحما لا ندري هل يصلح للأكل أم لا؟ قلت: لا تنكأ الجرح يا حماري وخلي البئر بغطاه. وضع حماري رأسه في صحن اللوبيا الحارة وقال: يلعن اللحم وأيامه أكتفي بهذه اللوبيا الساخنة ولا حاجة لي به. قلت مازحا: بعد أن تشبع فكر من أي دولة استوردنا تلك اللوبيا التي تأكلها.