يقول الكاتب الإنجليزي جوناثان سويفت: “المفهوم العام لكلمة سياسة ليست سوى تجمع للفساد"، وانطلاقا من هذه الفكرة الجريئة يمكن أن تتضح الرؤية حول تفشي الفساد عفوا تفشي “السياسة" في بلادنا والعكس أيضا. وما يؤكد أيضا معقولية هذه الفكرة ما يحدث مثلا داخل الأفلان الذي قيل إنه انفجر وتفجر بسبب الفساد الذي طال أجهزة الحزب وأصبح ممارسة فعلية على الجميع أن ينصاع لها حتى يكون مناضلا حقيقيا ذو وزن وشنة ورنة. وما يحدث أيضا في بلادنا من فضائح كبيرة مست كل القطاعات سواء الصحية أو التعليمية أو النفطية أو حتى الأخلاقية يؤكد أننا شعب مسوّس. وإذا كانت الرجل السياسي هو ذلك الذي يتلاعب بحياة الشعوب فإن الفاسد والمفسد يقضي على حياة الشعوب أيضا وإذا كان التدجيل بالسياسة يهدم الأمم من أساسها فإن التدجيل بالفساد يجعل البقارة والشكارة هم الأسياد في دولة القانون والحكم الفاسد. هكذا تتقاطع السياسة مع الفساد في نقاط كثيرة لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن ينفصلان عن بعضهما ولو “بالشاقور" ثم لا يمكن أن ننسى الحكمة الرهيبة التي تقول لا يمكنك أن تغتني عن طريق السياسة إلا إذا كنت فاسدا وأضيف لها مؤخرا جملة مكملة إذا كنت تمارس السياسة فأنت بالضرورة مفسد. وحتى بلخادم العظيم والغول الكبير وغيرهم من الساسة يقال إنهم ضلع كبير في عمليات الفساد ولكن كل حسب اختصاصه وما استطاعت أن تملك يمينه.