- بوطرفة يواجه عقوبة الحبس في عدة ملفات فساد كشفت مصادر موثوقة أن الديوان الوطني لمكافحة الفساد شرع في العمل على أول ملف فساد، منذ تدشين مقره الجديد، يخص مسألة الامتيازات التي تحصلت عليها الشركة الكندية “SNC LAVALIN" في عقد إنشاء محطة توليد الكهرباء بمنطقة حجرة النص في شرشال، دون الملف الذي أصبح بين يدي القضاء والخاص بالوساطات التي كان بين الوزير السابق للطاقة شكيب خليل والكنديين. ويعمل عبد المالك سايح، رئيس الديوان، رفقة فرق متخصصة عالية التكوين من مصلحة الاستعلام والأمن والدرك الوطني والشرطة، يعملون على قدم وساق لإنهاء الملف والإحاطة بكل تفاصيله. وما لا شك فيه أن الرئيس المدير العام لسونلغاز الذي شن حملة لإقناع الرأي العام، قبل سنوات، بضرورة الاستنجاد بالأجانب لتوليد الكهرباء بسبب أزمة إنتاج، معني بالإجابة عن العديد من تفاصيل هذه الصفقة، خاصة أن الأرقام تُظهر منذ الثمانينيات أن الجزائر لم تكن تعاني يوما من نقص في إنتاج الكهرباء واستهلاكها الوطني لم يتجاوز حتى آخر إحصاء، حجم إجمالي الانتاج، ما يثير تساؤلات حول الغاية من منح صفقة لم تكن الجزائر في حاجة إليها. كما سيكون بوطرفة معنيا - حسب مصادرنا - بالإجابة على الامتيازات الخارقة التي تحصل عليها الكنديون لإنتاج الكهرباء، كامتياز مجانية التزود بالغاز عكس مؤسسة إنتاج الكهرباء العمومية، مع العلم أن بوطرفة هو من كان المفاوض المباشر ل“SNC LAVALIN" حول مشروع حجرة النص، الذي قام بتجسيده بعد رحيل المدير العام السابق بن غانم، وفرض الكنديين على سونلغاز شراء إنتاجهم من الكهرباء حتى لو لم تكن في حاجة إليه “ما يعد ضربا لمبادئ المنافسة التجارية للسوق ويفتح على سونلغاز ومسؤوليها إلى غاية وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، باب اتهامات من قبيل إبرام صفقات مخالفة للتشريع بغرض منح امتيازات للغير، وتبديد أموال عمومية، وسوء استعمال الوظيفة، واستغلال النفوذ"، وهي كلها تهم من شأنها أن تعرض الرئيس المدير العام لسونلغاز، ومن يتضح أنهم معه، للحبس. الملف يتحرك بعد سنتين من التعرض له بالتفاصيل وكانت “الجزائر نيوز" قد تعرضت لملف حجرة النص بالتفاصيل في أكتوبر 2011، قبل أن يتحول اليوم إلى قضية رأي عام، إذ جاء في إحدى تحقيقاتنا آنذاك أن القيمة المالية المرصودة لإنجاز محطة ‘حجرة النص' بشرشال - حسب العقد النهائي - غير قابل للمراجعة 826 مليون دولار، تتقاسمها كل من سوناطراك وسونلغاز ووكالة الطاقة الجزائرية التي كان على رأسها نورالدين بوطرفة، قبل أن يصبح مديرا عاما لمجمع سونلغاز، بالإضافة إلى صاحب الأغلبية في “snc lavalin". فكرة إنشاء هذه المحطة - حسب ما استقيناه آنذاك - ظهرت عمليا في سنة 2003، على أن تكون هذه الشركة واحدة من بين الشركات الخاصة العاملة في مجال إنتاج الكهرباء، تخضع للقوانين نفسها التي تخضع لها باقي الشركات المنافسة في السوق، وهو التصريح الذي أدلى به نورالدين بوطرفة في 17 سبتمبر2006، بعد أن قطعت عملية المناقصة لإنشاء المحطة أشواطا عديدة، إذ طُرحت للمرة الأولى، بتاريخ 16 / 02 / 2004 لتُلغى لاحقا بسبب تحفظات المترشحين لنيلها، أبرزهم ‘'أس آن سي- لافلان'' الكندية و''ألستوم'' الفرنسية و''سيمانس'' الألمانية، وهي التحفظات التي لم تعلن خلفياتها آنذاك، لتنتهي القصة بفوز الكنديين بصفقة الإنجاز والاستثمار معا، بعد قرابة العام من المد والجزر (في 17/ 12/ 2005). المفاجأة أن العقد ظهر خاليا من مبادئ حرية المنافسة بين القطاعين العمومي والخواص، إذ تضمنت الوثيقة أنه يتعين على سونلغاز شراء كل ما تنتجه من كهرباء شركة أصحاب الملكية الغالبة في رأس المال، ضمن ما يعرف عالميا بنظام"take or pay"، أي ‘'خذ أوادفع''، سواء كانت سونلغاز في حاجة إلى تلك الطاقة أم لا، ما يعد تراجعا عن التزام كان بوطرفة قد أطلقه في بداية الحكاية، ما يبرّر وجود الكثير من علامات الاستفهام. أكثر من ذلك، اضطر أطراف الصفقة إلى التحايل على القانون التجاري الذي ينص، في باب إنشاء شركة ذات أسهم، على وجود سبعة شركاء، إلا أن معادلة سونلغاز وسوناطراك ووكالة الطاقة الجزائرية، بالإضافة إلى ‘'آس آن سي -لافلان'' كانت مبتورة من ثلاثة أطراف تم تعويضهم بثلاثة أشخاص من إطارات الشركة الكندية، على أن يتنازلوا عن حصصهم وفق عقد موثق، بعد إنشاء الشركة لصالح صاحب الأغلبية، وهي ‘'الفتوى القانونية التي قال بشأنها بوطرفة سابقا “إن الشركاء اهتدوا إليها"، موضحا أن هذا جائز ومعمول به دوليا، دون أن يتم التحقق من صدق المسألة آنذاك. و''الطريف'' في هذه القضية أن الرئيس المدير العام شبه العملية التي يقول إنها معمول بها دوليا، بعملية بزنسة شهيرة في الجزائر، وقال حرفيا ‘'إنها تشبه الوكالات التي يمنحها المجاهدون لأشخاص غرباء على رخص استيراد السيارات من الخارج''. إلا أن بوطرفة نسي، يومها، أن تلك الوكالات لا يمنحها المجاهدون سوى بعد أن يدفع المستفيدون منها مقابلا ماديا، وهو الجزء الذي لم يكشف بوطرفة أنه وقع بين ‘'الراعين للصفقة'' من الجانب الجزائري والخواص الأجانب. وإذا كانت كل هذه الشبهات تلف عملية إنشاء شركة حجرة النص، كانت كافية لإعادة فتح تحقيق في ملفها. فما وقع بعد كل هذا كان أدهى وأمرّ، إذ حذّر وزير الطاقة، شكيب خليل، ‘'المستثمر'' الكندي، خلال زيارة ميدانية قادته لورشة الأشغال، من التأخر عن آجال الإنجاز وتكرار سيناريو ما فعله الكنديون في محطة إنتاج الكهرباء بسكيكدة، عند إنجازها في 2005 و2006، حيث كانت مليئة بالأخطاء والأخطار، وعرفت المحطة نحو 140 انقطاعا في التيار، وهو معدل عال جدا مقارنة بمعدل الأعطاب في المحطات المولدة للكهرباء من حجم محطة سكيكدة، في العالم، حسب تصريحات خليل آنذاك. غير أن الكنديين تأخروا للمرّة الثانية في حجرة النص، دون أن يتعرضوا لإجراءات ردعية قانونية، وبقي الوزير يلعب ورقة المتفرج معها. وحسب مجلة (les afriques) في عددها ل 18/ 06 / 2008 فإن أسباب ذلك التأخر كانت بإرادة من صاحب صفقة الإنجاز ‘'آس آن سي -لافالان''، حيث كانت الحكومة الجزائرية تطالب بقيمة مالية إضافية لاستكمال المشروع قدرها 200 مليون دولار، رغم أن العقد - حسب معلوماتنا - نهائي وغير قابل لمراجعة قيمة الصفقة البالغ 826 مليون دولار. هل رضخت الحكومة الجزائرية؟ بكل تأكيد، فقد استفادت حسب المجلة من مائة مليون دولار كتقديم، بينما حصلت على الشطر الثاني في شكل تسهيلات جبائية، ما يرجح أن توقف الأشغال الإرادي كان ورقة ضغط استعملها الكنديون لزيادة قيمة الصفقة، حيث برروها بندرة اليد العاملة المتخصصة وارتفاع قيمة جلبها. ولا تتوقف المسألة عند هذا الحدّ، بل إن الكهرباء الذي تضطر سونلغاز لشرائها من شركة حجرة النص ‘'snc lavalin" التي تملك 51 بالمائة من أسهمها، على حساب الجزائر وقوانينها، يتم إنتاجه بعد تحويل غاز سونلغاز إلى طاقة كهربائية، وفق ما يسميه مسؤولوها بعقد ‘'تولينغ''، ويقدر سعر الكيلواط ب 1,75 دج، بمعنى أن سونلغاز التي أخذت على عاتقها مد أنابيب الغاز لمحطة حجرة النص تزيد على ذلك تزويد المحطة بالغاز، ليتم تحويله إلى طاقة تشتريها من جديد سونلغاز دون احتساب قيمة الغاز. والأغرب أن هذا السعر لا يختلف عن السعر الذي تشتري به سونلغاز الطاقة الكهربائية من شركة إنتاج الكهرباء العمومية (spe) المحرومة من مجانية الغاز الذي تحوله ‘'حجرة النص'' إلى كهرباء مقابل السعر ذاته. وبالرجوع إلى جدول الإحصائيات الذي طرحته سونلغاز ذاتها، نهاية 2011، يظهر أن إنتاج سونلغاز يتقهقر منذ 2009، وهي السنة التي عرفت دخول شركة حجرة النص ‘'آس آن سي لافالان''، حيث نزل إنتاج سونلغاز في ذلك العام من 28969 جيغاواط ساعي إلى 26772 جيغاواط ساعي في 2009، ليصل إلى 24245 جيغاواط ساعي في 2010، أي بتضييع أكثر من 16 بالمائة من حصتها في السوق، بينما يتصاعد إنتاج (مبيعات) كافة الشركات الخاصة في الجزائر من عام لآخر. وفي 2008 سجلت 11018 جيغاواط ساعي مقابل 15998 جيغاواط ساعي في 2009، ليصل إلى 20926 جيغاواط ساعي في 2010. والملاحظ أنه خلال سنتي 2008 و2010 تضاعف إنتاج الخواص مرتين. الغامض في هذه المعطيات أن سونلغاز، رغم تراجع حصتها في السوق، إلا أن عودة الاستثمار كانت قوية باستحداث محطات جديدة في السنوات نفسها التي عرفت خلالها مبيعاتها تراجعا، وقيمتها 2 مليار دولار، في إطار مخطط استعجالي، مثلما جاء في تقرير الغرفة التجارية السويسرية الجزائرية التي نقلت هذه المعلومات عن تصريح بوطرفة لوكالة الأنباء الجزائرية في 29 / 12 /2009 (الاستثمارات في محطة غليزان 462 ميغاواط، محطة باتنة 254 ميغاواط، ومحطة الأربعاء بالبليدة 560 ميغاواط، ومحطة المسيلة ب 500 ميغاواط، وعنابة ب 80 ميغاواط، ومحطة جديدة بوهران بقدرة إنتاج 80 ميغاواط)''. لكن هذا الاستثمار البالغ الأهمية الذي كان يُفترض أن ترفع به سونلغاز حصتها من المبيعات في السوق، سجلت الأرقام انحدارا شديدا في المبيعات، وهنا إشكال كبير أرسى معادلة جديدة في الاقتصاد لدى سونلغاز (زيادة في الاستثمار ونقص في الإنتاج).