قال البروفسور عبد الوهاب بن قوينة، إن الصحة العمومية في الجزائر مريضة، وأن المواطن فقد الثقة في المنظومة الصحية لبلاده، وأنه من العيب أن نبقى نتكلم بعد أكثر من 10 سنوات عن “الإصلاح الاستشفائي الوهمي" الذي استهلك ستة وزراء للصحة وأكثر من 50 مليار دولار. تأسف الأستاذ الجامعي بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، عبد الوهاب بن قوينة، أمس، في ندوة صحفية بمناسبة اليوم العالمي للصحة بمقر جريدة المجاهد، للوضع الكارثي الذي تعيشه منظومة الصحة العمومية في الجزائر. وعن الميزانية التي قال إنها تعادل ميزانية التسيير لعدة بلدان إفريقية مجتمعة، إلا أنها تركت المحتاج يموت دون علاج وأجبر الموسع والمفضّل على أخذ الطائرة إثر أدنى ألم للعلاج في أوروبا. كما تساءل بن قوينة عن مصير المعهد الوطني لليقظة الصحية الذي تم التصريح بإنشائه من قبل الأمين العام لوزارة الصحة منذ أكثر من سنة. واعتمد البروفسور في تحليله على الإحصاءات الموحدة النمط، المدققة، المصححة والمنشورة من قبل المنظمة العالمية للصحة لسنة 2012، منها نفقات الصحة التي تضاعفت ثلاث مرات بين 2000 و2009، منتقلة من 63 إلى 181 دولار لكل ساكن، إلا أنها تبقى أضعف نسبة مئوية من النفقات الصحية بالنسبة للناتج الداخلي الخام ب 4,6 بالمئة، وراء تونس والمغرب ودون مجال للمقارنة مع فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، ونسبة الوفيات عند الكبار التي تبقى مرتفعة جدا (105 ضد 86 بالمغرب و70 بتونس). وأضاف المتحدث أن الجزائر سجلت أعلى نسبة وفيات وأقصر معدل حياة بالمغرب العربي، ما يؤكد الحالة الكارثية لقطاع الصحة، وقال:"هناك مبالغ مالية كبيرة مخصصة للصحة قد تم تبديدها أوتحريفها عن وجهتها". كما تطرق البروفسور إلى السياسة الوقائية المتبعة غداة الاستقلال، والتي أثبتت فعاليتها في الميدان، إلا أنها عرفت تراجعا خطيرا بسبب تلاشي النشاطات الوقائية وندرة اللقاحات وعدم تسطير برامج لمحاربة التدخين وتدهور النظافة العامة.. كل هذه العوامل أدت إلى انتشار الالتهاب الكبدي الفيروسي، والملاريا وارتفاع الضغط الشرياني، الذي يعد السبب المرضي والوفاتي الأول، عكس البلدان المتقدمة التي استطاعت تقليص نسبة الوفيات بتلبية الاحتياجات الصحية للسكان واجتناب عوامل الخطر، وانتهاج سياسة الطب الوقائي والتوقعي. وفي نفس السياق قال بن قوينة إن الجزائر بدأت الخيار العلاجي سنة 1986 وذلك بإنشاء 13 مركزا استشفائيا جامعيا في 10 ولايات فقط، ومستهلكا ل 30 بالمئة من ميزانية الصحة، وازداد تدهور القطاع العام عند تحرير قطاع الصحة للخواص. وأضاف: “لا عجب إذا كان قطاع بهذه الأهمية لايزال يسير لحد الساعة وفق تدابير قانون تم سنه منذ أكثر من 28 سنة". وانتقد البروفسور وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات بتسليمها تسيير الصحة العمومية لأشخاص لا يميزون بين المفيد والضروري للمريض، لدرجة تفضيل الرخام والخزف عن الأجهزة الطبية. وختم المتحدث بالقول إن المواطنين الجزائريين ليس لديهم التكفل الصحي المتناسب مع القدرات البشرية والمادية والمالية لبلدهم.