استحضرت ولاية تيزي وزو،أول أمس، الذكرى ال20 لاغتيال الإعلامي والكاتب طاهر جاووت، صاحب مقولتين شهيرتين “إذا تكلمت تموت، إذا صمتت تموت، إذن تكلم فمت" و«الكلمة مثل الرصاصة إذا خرجت لن تعود"، بتنظيم تظاهرة ثقافية بدار الثقافة مولود معمري بعاصمة جرجرة، تخليدا لروحه وعرفانا لما قدمه للجزائر في الإعلام والرواية والأدب والشعر والنضال. انطلقت هذه التظاهرة الثقافية التي تدوم ثلاثة أيام كاملة بافتتاح معرض ببهو دار الثقافة، يضم صورا ومقالات وكتب طاهر جاووت وبعض أغراضه الشخصية وعرض للمقالات الصحفية التي تناولت قضية اغتياله وكذا نقل مسيرة وحياة طاهر جاووت بطريقة تسلسلية، كما تخلل المعرض جناح لبيع الكتب والبيع بالإهداء. أما المرحلة الثانية من اليوم الأول من هذه التظاهرة فتمثلت في تنظيم ندوة بتقديم شهادات عن شخصية طاهر جاووت كمواطن عادٍ وصحفي وشاعر ومثقف ومفكر ومحلل للأوضاع السياسية، حضرتها عائلة الراحل ممثلة في شقيقه البكر والعديد من الصحافيين ورفقاء طاهر جاووت وأصدقائه ومواطنين، حيث قدم رفاقه شهادات استحضروا من خلالها يوميات وحياة طاهر جاووت الشخصية والمهنية والأدبية. وكانت المفاجأة بعرض حوار صوتي مسجل من طرف الصحفي محند أرزقي حيمور الذي كان يشتغل بجريدة “المجاهد" ومراسل إذاعة “بي. بي. سي" مدته 12 دقيقة سجله مع طاهر جاووت في 24 ماي 1993 أي يومين فقط قبل أن يتعرض لعملية اغتيال، حيث تحدث جاووت فيه عن القضايا السياسية التي تعيشها الجزائر، مركزا خصوصا على القضايا الإيديولوجية مع بداية العمل المسلح، وكذا قضية اللغة والهوية، خصوصا الصراع القائم والمنافسة الشديدة بين اللغتين الأجنبيتين الفرنسية والإنجليزية، متمنيا أن تتم إعادة الاعتبار للغة الإنجليزية بالمدرسة الجزائرية لما تحمله من أهمية. وفي حديثه عن الإرهاب والعنف المسلح، وجّه جاووت في حواره نداء إلى السلطات العليا بالبلاد ينصحها بضرورة تجنب مواجهة الإرهاب بنفس الطريقة والكيفية التي اعتمدها الإرهابيون “لا يمكن أن نرد على العنف بالعنف". من جهته، قدم قاسمي الذي ينحدر من قرية أولخو بأزفون مسقط رأس طاهر جاووت، نبذة عن حياة ابن بلدتهم الراحل ليس كإعلامي أو ككاتب بل كمواطن عادٍ، وبدأ شهادته بالتأكيد على الأخلاق الكبيرة والحميدة التي كان يتميز بها جاووت منذ صغره واحترامه الكبير لسكان القرية، مشيرا إلى أن جاووت كان ومنذ صغره يهتم كثيرا ب “ثاجمعث" ويحضر كل الاجتماعات التي ينظمها أعيان القرية “تربى على العادات والتقاليد الأصيلة لمنطقة القبائل"، وأنه بعد مغادرته القرية لمواصلة الدراسة بالعاصمة، كان جاووت يزور القرية باستمرار ولم يقطع علاقته بالسكان، “لم يتغير، كان مواطنا متواضعا جدا، وكان يقوم بالأشغال التي كان يقوم بها في الصغر"، كاشفا أن جاووت كان منذ صغره مولعا بالقراءة والكتابة وكان يقرأ بكثرة كتب التاريخ والأدب والسياسة والدواوين الشعرية، وأن طاهر جاووت في ليلة 25 ماي 1993 لم ينم إلى غاية الساعة الثانية صباحا “جهز الوضعية المالية للصحفيين وعمال الجريدة وأعد المقالات المبرمجة لليوم الموالي"، مضيفا “وفي صبيحة 26 ماي 1993 خرج من منزله بباينام بالعاصمة واتجه إلى مركبته قبل أن يقتله إرهابي برصاصتين". وفي الفترة المسائية برمج المنظمون محاضرات متبوعة بنقاش من تنشيط يوسف مراحي ورشيد حمودي ووقفات شعرية وقراءة مقاطع من نصوص طاهر جاووت من طرف طلبة قسم اللغة الفرنسية بجامعة مولود معمري. وبرمج المنظمون اليوم زيارة ميدانية لقرية أولخو التي ينحدر منها طاهر جاووت التي تتواجد ببلدية آث شافع بأزفون، وفي الفترة المسائية سيتم عرض فيلم وثائقي حول حياة ومسيرة طاهر جاووت. يذكر أن طاهر جاووت ولد يوم 11 جانفي 1954 وتعرض إلى عملية اغتيال يوم 26 ماي 1993 بباينام، حيث أصيب بجروح بليغة ونقل إلى المستشفى وتوفي يوم 2 جوان ودفن يوم 4 جوان بمسقط رأسه. ترك جاووت رصيدا أدبيا وشعريا كبيرا، ومن بين أهم إصداراته روايات “الصيف الأخير للعقل" و«اليقظون" و«نزع الملكية" و«الباحثون عن العظام" و«اختراع الصحراء" وديوان شعر بعنوان “العصافير المعدنية" وآخر بعنوان “الانقلاب على الجدار الشائك" وغيرها من الأعمال الأدبية الأخرى.