بدأت مختلف القنوات الفضائية، منذ أسابيع، تسليط الضوء والمتابعة الخاصة لما يحدث بمصر من تصاعد للأحداث بعد دعوة تمرد 30 يونيو "جوان"، التي من المنتظر أن تكون لحظة فاصلة في زمن الثورة المصرية. وإذا كانت الوجوه الإعلامية المصرية المعروفة المتهمة بالمواقف المعادية للإخوان واستبعادهم من النقاشات التي يعدونها من طراز منى الشاذلي، محمود سعد، يسري فودة.. وغيرهم اختاروا عرض الأحداث وتحليلها والنقاش حول ضرورة استجابة الشارع المصري لهذا التمرد ومدى خطورته وتأثيره على مستقبل مصر، فإن الدكتور باسم يوسف صاحب برنامج "البرنامج" الذي حقق نجاحا كبيرا بعد الثورة ويعرض موسمه الثاني على قناة "سي بي سي"، كان أكثر حماسا من زملائه، حيث بلغ إلى درجة إخراج استمارات التمرد وتوزيعها على ضيوفه في الأستوديو. ويبدو موقف باسم يوسف "مهضوم" على رأي إخواننا اللبنانيين ويعبر عن موقفه وربما حتى موقف القناة من تمرد 30 يونيو بسلاسة وفي قالب فكاهي، خصوصا إذا ما قورن مع القناة الإخبارية التي تدّعي بمناسبة وبدونها المهنية والاحترافية والريادة في العالم، حيث خصصت قناة "الجزيرة مباشر" معظم وقتها في الأيام الماضية لتغطية الحدث المصري بأدق تفاصيله، إلى درجة رصد حتى ما يقال في القنوات الأخرى كتقديم جزء من برنامج على قناة "التحرير" يؤكد صاحبه أن أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين (يذكره بالاسم) أكد على قناتهم أن "الجزيرة تعدّ صورا وربورتاجات قديمة لمواجهات بين أبناء الشعب المصري فيما بينهم"، والغريب أن صحفي "الجزيرة مباشر" لم يعلق على مضمون الخبر وإنما على محاولة "إرهابه" لعدم بث صور المواجهات التي ستقع بين أفراد قوى التمرد والإخوان! إذا كان هذا البث أذيع يوم 28 جوان، كيف يكون هذا الصحفي متأكدا من وجود صور عن مواجهات ستحدث اليوم؟ والحقيقة لا ينعكس الموقف "الحيادي" لقناة الجزيرة في هذا بقدر ما ينعكس في التعليقات التي تنشر كل لحظة على غرار "الأردن كلها معاك يا مرسي"! هذا الادعاء بالحيادية وبهذا الشكل لم ينطلِ على الشعب المصري، حيث أوردت أحد المصادر خبرا مفاده "في مفاجأة من العيار الثقيل، قام اتحاد ملاك برج النيل بالعجوزة (رقم 134) بتعليق منشور أمام باب الاسانسير يؤكد أنه جاري اتخاذ الإجراءات القانونية لطرد قناة الجزيرة من البرج السكني حفاظا على الجار. كما سبق وطلب اتحاد ملاك العمارة من القناة الحد من استخدام مرافق البرج، يأتي هذا بعد تضرّر أصحاب العقار مما تحدثه القناة وتنشره عن الأحداث ودعمها للنظام الفاشل"، للإشارة فإن اتحاد الملاك يعد بمثابة "جمعية العمارة أو الحي" عندنا. الحرب الإعلامية التي انطلقت مع بداية الثورات العربية لم تعد تقتصر على القنوات الإخبارية الشهيرة ومصالح الدول الواقفة وراءها فحسب، حيث برزت قنوات المساندة والمعارضة على المستويات المحلية مثل قناة "مصر 25" (تؤكد بعض المصادر أن الرئيس المصري يمتلك فيها عددا كبيرا من الأسهم)، ويبدو أنها لا تعترف بأي قواعد مهنية ولا أخلاقية، حيث تبث منذ أيام خطابات الإخوان وحلفائهم السلفيين من ميدان "رابعة العدوية" أين يجتمعون ردا على دعوة التمرد، ووصلت هذه الخطابات، أول أمس، إلى درجة تهديد أقباط مصر بالاسم بأنهم سيستهدفون إذا ما شاركوا في مظاهرات 30 جوان، وغيرها من التهديدات والتحريضات العنصرية والدينية والدعاء على قوى المعارضة "الفلول" كما يصفونهم بالموت وكأنما يملكون "صك الخلاص".