يشير خبراء إلى كون الاحتجاجات الأخيرة التي عرفها الشارع المغربي في إطار تداعيات العفو الملكي على المجرم المغتصب الإسباني دانيال غالفان، مرتبطة بالأزمة السياسية التي يعيشها المغرب، وأن العفو لم يكن في الواقع سوى "حجة" في سياق التعبيرات عن هذه الأزمة السياسية التي تأتي أيضا في ظل تواتر أنباء من المملكة عن اغتصاب أفراد من القوات المساعدة، وهي جهاز أمني مغربي، لفتاة قاصر إيفوارية بداية شهر أوت من السنة الجارية 2013. وتحدثت وسائل إعلامية عن تعرض فتاة قاصر إيفوارية، تبلغ من العمر 16 عاما وتدعى "تينا مولون"، إلى اغتصاب جماعي بالتناوب بداية أوت الجاري في طنجة القديمة، وذلك من طرف عدد من أفراد القوات المساعدة، يوم الفاتح أوت الجاري، حيث قامت دورية ب"اختطافها وتجريدها من وثائقها وهاتفها المحمول وكل ما كان في حوزتها من نقود، و اقتادوها إلى مكان خارج المدينة واغتصبوها بالتناوب بعد أن أذاقوها كل أشكال العنف ثم أطلقوا سراحها على الحادية والنصف ليلا"، وفق ما أكدته هذه الوسائل الإعلامية. وكذبت سلطات ولاية طنجة، أول أمس الخميس، هذه الأخبار، مشيرة إلى أن "ثلاثة ناشطين حقوقيين تقدموا يوم 6 أوت الجاري رفقة الضحية المفترضة إلى قسم الاستعجالات بمستشفى محمد الخامس من أجل عرضها على فحص طبي"، حيث أضافت ذات السلطات أن المسؤول المكلف حينها بفحص الفتاة "لم يلاحظ أي آثار للعنف الجسدي أو الجنسي". وجاءت الكثير من التعليقات على نفي سلطات طنجة لخبر الاغتصاب، في عدد من المواقع الإلكترونية، متضمنة للكثير من الشك والريبة في الرواية الرسمية المغربية، واعتبر بعضها متسائلا، في إشارة ضمنية إلى ما حدث مع اغتصابات الأطفال الأخيرة التي نفذها الإسباني دانيال غالفان، أنه إذا كان المغاربة أنفسهم يجدون صعوبة في الدفاع عن أنفسم أمام تجاوزات قوات الأمن فكيف يمكن لمهاجرة إفريقية غير شرعية وفي وضعية غير قانونية أن تفعل ذلك وتنال الإنصاف على حساب رجال أمن مغاربة؟!. واعتبر المحلل الفرنسي المختص في شؤون المغرب العربي، بيار فيرميرن، أن الاحتجاجات الأخيرة في المغرب ضد العفو الملكي على المجرم مغتصب الأطفال الإسباني دانيال غالفان - الذي اضطر الملك إلى إسقاط العفو عنه تحت ضغط الشارع وأعيد اعتقاله في إسبانيا - لها أسباب أخرى تتمثل في الأزمة السياسية التي يمر بها هذا البلد. وأوضح ذات المصدر، في حديث لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن "هذا العفو ما هو إلا حجة، ويجب وضع هذه الأحداث في إطار الأزمة السياسية التي تمر بها المملكة"، مشيرا في هذا الصدد إلى أن حزب العدالة والتنمية المنتمي للتيار الإسلامي "مهدد منذ شهور" وأن "العديد من الوزراء المحافظين المنتمين إلى حزب الاستقلال قد غادروا الحكومة مطلع شهر جويلية الماضي، ما يمهد الطريق إلى انتخابات تشريعية مسبقة". واعتبر فيرميرن أن حزب العدالة والتنمية "لا يستبعد أن يكون وراء إطلاق هذه الأحداث" وأن "الكثير من المؤشرات كانت توحي بذلك"، حيث أكد ذات الخبير أن أحد مسؤولي هذا الحزب كان من السباقين إلى التنديد بهذا "الخطأ الفادح" الذي ارتكبه الملك محمد السادس من خلال عفوه عن المجرم مغتصب الأطفال دانيال غالفان. وفي سياق الحديث عن الأسباب التي ولدت هذه الأزمة، ذكر نفس المصدر أن صندوق النقد الدولي قد منح سنة 2012 مساعدة للمغرب بقيمة 6 ملايير دولار من أجل ضمان أسعار المواد الأساسية والحفاظ على القدرة الشرائية، مضيفا أن هذه الهيئة المالية تقترح تعويض النظام الحالي بتمويلات مباشرة موجهة للفقراء، لكن "محمد السادس والمحافظون لا يريدون أن يستفيد الإسلاميون من هذا الإصلاح لفائدة السكان". ويري الخبير أن "الملك يسعى إلى تكرار ما فعله والده الحسن الثاني مع الاشتراكيين"، مضيفا أن "الإسلاميين لديهم أكبر عدد من المناضلين ولهم تأثير أكبر على المجتمع". وعن سؤال يتعلق بإمكانية بلوغ هذه الاحتجاجات درجة ما يحدث في مصر وتونس، اعتبر نفس المتحدث أن هذه الأزمة السياسية "لم تأت في الوقت المناسب" معللا ذلك ب "الوضعية الاقتصادية الهشة لهذا البلد"، إضافة إلى كون "السياق المغربي جد متميز مقارنة ببلدان المغرب العربي الأخرى". وأوضح في هذا الشأن أن "في تونس ومصر تسلم الإسلاميون زمام الأمور بعد الربيع العربي، أما في المغرب فقد احتفظ الملك، اللذي جاء رد فعله في الوقت المناسب، بأهم الصلاحيات". وأشار ذات الخبير إلى كون "إصلاح الدستور لم يأت بتغييرات ملموسة، وبالتالي كان عمل الإسلاميين على رأس الحكومة مكبوحا"، بينما كان "وصول الإسلاميين إلى الحكومة الأمر الجديد الوحيد اللذي جاء بعد حركة 20 فيفري"، وهي التسمية التي تعود على أولى المسيرات التي نظمت سنة 2011 للمطالبة بإصلاحات دستورية واجتماعية تعتبر الأولى من نوعها منذ اعتلاء الملك محمد السادس للعرش.