قال حماري وهو يتفرج على "الدم المطايش" من شاشات التلفاز يبدو أن الموت هو حليف الإنسان الذي أصبح دمويا أكثر من أي شيء آخر. قلت ساخرا.. تكلمت معك في هذا الموضوع وقلت لا تحشر أنفك في أمور الناس ودعنا في أمورنا أحسن. قال.. صحيح ولكن الأمر فاق حده يا عزيزي ولم نعد نفرق بين الموت والحياة فأصبحا ظلا لبعضهما. قلت بحسرة.. لا أدري لماذا تذكرت الإرهاب الأعمى الذي عشناه في زمن التسعينيات ومازلنا نعيشه لحد الآن. قال ناهقا.. ماتفركنيش أرجوك المسألة فاقت حدها ولا أريد أن أتذكر تلك السنوات الحمراء. قلت.. هل فعلا نسيتها؟ قال.. أكذب عليك إن قلت أني نسيت. قلت.. حتى أنا لم أستطع ممارسة لعبة النسيان هذه التي يقال إن الناس نجحت فيها. قال.. لا أدري ولكن كوابيس الموت تخرج لي كل يوم وربما سأقاطع هذه القنوات التي أصبحت تتفنن في نقل الموت والدم. قلت.. حتى وإن قاطعت لا أدري إن كنت ستنام في هدوء لأن الجرح عميق جدا. قال ناهقا.. دعنا نداويه بالسياسة وهمومها فعندما أتسلى بها أحس أني نسيت أمورا كثيرا لذلك تجدني أتعاطى معك ولو بسخرية في المواضيع السياسية. قلت.. يعني تداوي هم بهم آخر قال.. نعم ما باليد حيلة يا عزيزي. قلت.. عليك بزيارة طبيب نفسي حتى يريحك من هذه الكوابيس. صرخ عاليا.. كرهنا من الدم نريد عالما هادئا لكن مستحيل مستحيل مستحيل. قلت ساخرا.. سيحدث هذا في حال واحدة إذا صرنا شعبا يحكم نفسه وهنا سينتهي الصراع على الكرسي ويتوقف الدم.